قد يكون الجيش هو الهدف!

تتراجع الدولة، فتتناسل الدويلات وتتقدم بنفوذها. يتراجع الأمن نتيجة غياب السلطة والمسؤولين مرغمين أحياناً، فيتقوض الاستقرار وتتقدم الفوضى لتحل محل النظام. يتراجع القصاص والعقاب والمسؤولية، فيحضر الاجرام وتنتشر الاغتيالات بكل أنواعها، وتسود شريعة الغاب. تسقط هيبة المؤسسات، فيسود الفساد وتبرز المخالفات في مختلف الدوائر وعلى أعلى المستويات. يغيب القانون ورجاله، فتحضر العصابات وتطاول حتى قوى الامن والجيش وضبّاط سياج الوطن وحامي الحمى…
كل هذه العيوب، والمآخذ، والاخطاء، والسقطات، والخطايا، معشِّشة في الدولة اللبنانية ومؤسساتها ودوائرها و… داخل "المجتمعات" و"الدويلات" و"المحميات" اللبنانية، وحتى تلك "المقيمة" على أساس الضيافة الموقتة.
جريمة عرسال المفجعة والمستنكرة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، على ما تقول الأجواء الامنية والسياسية في بلد الدويلات والميليشيات والمقاومات وآلاف المسلحين ومستودعات السلاح، وعلى ما تفيدنا وتعلمنا الحوادث المماثلة السابقة، والتي لا يزال معظم أو كل فاعليها مجهولين.
كثيرا ما كانت الجرائم الارهابية، التي يذهب ضحيتها ضباط مرموقون في صفوف الجيش وقوى الأمن، سياسية الأهداف ومحمّلة بالرسائل، سواء الى المؤسسة العسكرية مباشرة، أم الى كبار المسؤولين في الدولة، ومعهم بعض القيادات السياسية.
لكن "الوضع الشاذ" جداً، والذي صار مزمناً، ويكاد يدخل في أساس الصيغة اللبنانية المثخنة بالنكسات والتجاوزات والطعنات، لا يزال يمعن في سياسة تفريغ الدولة، وتدمير مؤسساتها، وتهشيم صورتها في أذهان الناس هنا وفي الخارج، تنفيذاً لمخططات خارجية تسعى الى بسط نفوذها وهيمنتها على بعض المنطقة، واستناداً الى بعض الفئات والطوائف.
والناس يدلّون بالاصابع والاصوات، ويعلنون على الملأ أن دور ايران وأفضالها، كما دور سوريا و"تضحياتها" لا يحتاج الى تعريف أو تعداد في هذا المجال.
وما من دولة عربية، أو عاصمة كبرى في الشرق والغرب، أو مرجعية دولية شرعية، إلا وأخذت علماً بهذه الأدوار "البنّاءة".
دائما هناك أهداف ومخططات تكمن عادة خلف الحوادث الأمنية ذات اللون المذهبي الطوائفي، كما بالنسبة الى جرائم الاغتيالات والاعتداءات الاجرامية كتلك التي شهدتها عرسال.
ومّنْ يدري، فقد يكون الجيش هو الهدف، بدوره ووحدته وقوته التي تصون الكيان اللبناني ومؤسساته ودولته… ولو بالحد الادنى، وبما يحول دون تحقيق أهداف الدويلات.
فأوقفوا هذه المزايدات المفضوحة التي لا تخرط في عقل أحد، ولتتقدم الدولة على الدويلات، وتُعِد الامور الى نصابها… أو فلتأخذ دور دويلة وحجمها، والسلام!

السابق
الكمين: الوجه الحقيقي لـ14 آذار
التالي
لا انتخابات طالبية في اللبنانية