أخيراً … فلسطين دولة ولو محتلة!

حتى اللحظة الاخيرة ضغطوا عليه وهددوه وحاولوا إرهابه لدفعه الى التراجع عن طلب الحصول على مقعد غير عضو لفلسطين في الامم المتحدة، ليس لأنهم يخشون الحاضر الفلسطيني المنقسم والمحاصر بالحديد والنار، بل لأنهم يتخوفون من تكريس حق دولي سيادي سياسي وقانوني للدولة الفلسطينية تؤيده مجموعة من الدول يتجاوز عددها 135 دولة ولا يمكن نكرانه او التراجع عنه.
وهكذا عندما يقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد ساعات امام الامم المتحدة طالباً العضوية في خطاب يقول المقربون منه انه سيكون تاريخياً يليق بمناسبة تاريخية، فانه يكون قد حقق حلماً قديماً راود قيادات منظمة التحرير الفلسطينية منذ السبعينات، وخصوصاً الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي خرجت رفاته امس في مصادفة مفعمة بالرمزية المثيرة، اولاً ليشهد على تحقّق الشرعية الدولية لفلسطين وثانياً ليدين قتلته الاسرائيليين!
رحلة "أبو مازن" الى الامم المتحدة مثل رحلة أليس الى بلاد العجائب، فليس سراً ان باراك اوباما كان قد طلب منه ارجاءها الى ما بعد الانتخابات الاميركية في 6 تشرين الثاني الجاري، وليس سراً انه هدده في اتصال هاتفي مهولاً بان طلب العضوية يمكن ان يخنقه وقد يشعل حرباً نووية [!] وليس سراً ايضاً انه في استرضائه الصوت اليهودي عمم مذكرة على الدول الاوروبية تدعو الى محاصرة عباس ومنعه من الذهاب، وحتى هيلاري كلينتون عندما زارته قبل ايام لم تتوان عن تهديده كما اعلن صائب عريقات!
التصويت على عضوية فلسطين يذكّرنا بقرار الامم المتحدة مساواة الصهيونية بالعنصرية قبل اعوام، اما التصويت على عضوية فلسطين الآن فيشكل واحداً من اهم الانتصارات السياسية على العدو الاسرائيلي في الامم المتحدة ولأكثر من سبب، اهمها ان العالم سيكون غداً امام دولتين، دولة اسرائيل الغازية والمحتلة بما يناقض الشرعة الدولية، ودولة فلسطين صاحبة الارض والحق في العمل بكل الوسائل لرفع الاحتلال. ثم ان العضوية تعطي الفلسطينيين كأصحاب دولة الحق في اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة اسرائيل سواء على جرائم القتل التي تنفذها ضد الفلسطينيين كما حصل في غزة، وسواء في ما يتعلق بحركة الاستيطان والاستيلاء على الاراضي الفلسطينية.
حتى اللحظة الاخيرة حاول الاميركيون والاوروبيون تعديل مشروع القرار الفلسطيني لتجريده من حق اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية، وحتى اللحظة الاخيرة هددوا محمود عباس بخنق الفلسطينيين مالياً واقتصادياً وقت تمتنع اسرائيل عن دفع مستحقاتهم من ضريبة المعابر، وحتى اللحظة الاخيرة تستمر المخاوف من ان تقوم اسرائيل باغتيال "أبو مازن"!
والاعتراف بعضوية فلسطين يكرس اسرائيل في القانون الدولي دولة احتلال يجب ان يزول ويكرس للفلسطينيين حق الحصول على دولتهم، وهو انتصار كبير يمكن الفلسطينيون تحقيقه يوماً اذا استعادوا وحدتهم الوطنية! 
 

السابق
الأمانة العامة..التمسُّك بالمقاطعة حتى إسقاط الحكومة
التالي
مرسي فعل ما لم يجرؤ عليه مبارك