المستقبل : الانتخابات في مواعيدها بعيداً من أي ترهيب

في معاكسة للجهود الرامية إلى تثبيت التهدئة على أساس اتفاق وقف العمليات في غزّة، برز تطوّر أمنيّ مقلق مساء أمس تمثّل بسقوط صاروخي "كاتيوشا" في ابل القمح والحمامص الواقعتين قرب الوزاني، وعلى مسافة مئات الأمتار من الحدود مع الجانب الاسرائيلي، حيث اكد عدد من المواطنين في منطقة مرجعيون سماعهم دوي انفجارين دون التأكد من طبيعتهما".

وافادت مصادر امنية انه سمع صوت اطلاق صاروخين بعد الثامنة من مساء أمس، من مكان لم يحدد، باتجاه الأراضي المحتلة وسقطا في سهل مرجعيون المحاذي للسياج الشائك الذي يفصل بين لبنان ومستعمرة المطلة داخل الأراضي المحتلة، وعلى الفور باشر الجيش اللبناني والقوى الأمنية تحقيقاتهما لمعرفة حقيقة ما جرى.

وافيد انه عقب ذلك مباشرة، شهدت مستعمرة المطلة حركة ناشطة لقوات الإحتلال الإسرائيلي في الطرق الداخلية وبمحاذاة السياج الشائك الذي يفصل بين الأراضي المحتلة ولبنان.

ويذكر أنّه سبق وأن حذّرت الأمانة العامة لـ"قوى 14 آذار" يوم أمس، من "اي مغامرة تحاول فتح جبهة الجنوب اللبناني، كما تبيّن يوم الاثنين الماضي مع اكتشاف صواريخ معدة للاطلاق من الجنوب، مشددة على أن القرار 1701 يمثّل المظلة الدولية لحماية لبنان ومن الضرورة الالتزام بكامل مندرجاته".

سليمان

ويأتي ذلك، عشية احتفال اللبنانيين بالذكرى الـ69 للإستقلال اليوم. وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان توجه بمناسبة الذكرى إلى اللبنانيين برسالة الإستقلال، التي برز فيها تأكيده على "احترام كل الاستحقاقات الدستورية وعلى إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، بعيدا من أي ترهيب أو ترغيب، بصفتها خياراً أرقى من خيار التأجيل والإرجاء".

وقال: "إذا ما وضعنا هذا الهدف نصب أعيننا، واستبعدنا التأجيل في أي حال من الأحوال، فلا بد أن يقودنا ذلك إلى التشاور والتوافق على قانون انتخاب عصري جديد آمل في أن يسمح بكسر حدة الاصطفاف الطائفي".

وسأل "كيف يجوز لنا أن نسمح للإنتخابات النيابية بأن تشكل سبباً لزعزعة الاستقرار، وقد دأبنا على الاعتزاز بتقاليدنا الديموقراطية في هذا الشرق، وفي صلبها التداول الدوري والسلمي للسلطة؟ وكيف نتنكر لها ونحجم عن إجرائها، في وقت باتت الانتخابات سمة الدول العربية التي تتلمس طريقها نحو الديموقراطية؟".

ودعا الرئيس سليمان للعودة "في كل وقت وظرف، إلى منطق الحوار ونهج الاعتدال، تمكيناً للتشاور القائم من إيجاد حلول ومقاربات عملية ومتوافق عليها، للخروج من حال التأزم والقلق السائدة على مساحة الوطن منذ اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن"، مؤكداً بموازاة ذلك "السعي الحثيث والدؤوب لكشف المسؤولين عن هذه الجريمة النكراء، وعن كل من تسبب بزعزعة الأمن والاستقرار وإيذاء المواطنين الأبرياء، وسوقهم إلى العدالة".

كما جدّد التأكيد على وجوب "الالتزام الدقيق ببنود "إعلان بعبدا" وروحه، لتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، ومنع استعماله منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين، من دون التنكر لواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم، ومن دون التنكر كذلك لواجب تقديم الرعاية الإنسانية اللازمة للنازحين السوريين بمساعدة ضرورية من المجتمع الدولي، في انتظار توفر الشروط المناسبة لعودتهم إلى بلادهم"، ودان بشدة "العدوان الإسرائيلي الوحشي المتكرر على غزة وأهلها، ومطالبتنا المجتمع الدولي بفرض وقف فوري لهذا العدوان".

هولاند

من جانبه، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اثناء استقباله رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي على ان "فرنسا لن تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، ولن تعطي دروساً للبنانيين، لكنها تتمنى على كل الأطراف اللبنانية ان تعتبر نفسها معنية بايجاد حل للأزمة الراهنة". وشدّد على ان بلاده "ستقف بجانب لبنان في تحمل أعباء اغاثة النازحين السوريين في لبنان، وفي تلافي التداعيات الاقتصادية للوضع السوري على لبنان". وشدّد على "دعم وحدة لبنان وسيادته واستقراره"، ونوه بموقف الحكومة اللبنانية من تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان "كي يساق المجرمون إلى العدالة"، كما شدّد على "عزم فرنسا دعم الجيش اللبنانية، والنتائج العملية لهذا الدعم ستظهر خلال الأسابيع المقبلة، انطلاقاً من ثقة فرنسا بأن الجيش اللبنانية هو المؤسسة التي تستطيع تأمين استقرار لبنان".

الحريري

وعشية ذكرى الإستقلال، التي ترافق الذكرى السادسة لاستشهاد الوزير والنائب السابق الشيخ بيار الجميل، استذكر الرئيس سعد الحريري هذه المناسبة الأليمة ببيان أكّد فيه "النهج الوطني الصادق والخصال الحميدة التي طبعت مسيرة الراحل الكبير الشيخ بيار أمين الجميل، هذا الشاب الذي شكل طليعة مميزة في مسيرة السيادة والاستقلال والحرية، وبذل روحه في سبيل الدفاع عن لبنان وكرامته في مواجهة المتربصين به شرا".وأكّد في هذه المناسبة "على الثوابت التي استشهد من أجلها بيار أمين الجميل بمثل ما نؤكد على الاستمرار في مواصلة العمل مع كل الحلفاء، لاسيما مع الرئيس أمين الجميل وحزب الكتائب، دفاعاً عن السيادة الوطنية والقرار الوطني الحر المستقل، وصولاً للعبور بالوطن إلى بر الأمان وتحقيق أهدافنا جميعاً في قيام الدولة الحقيقية التي تتسع لجميع اللبنانيين وتعيد الاعتبار لسلطة الدستور والقانون".

جعجع

في هذا الوقت، كانت ملفتة الرسالة المفتوحة التي وجهها رئيس حزب "القوّات اللبنانية" سمير جعجع إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وضّح فيها أسباب عدم مشاركة نواب قوى 14 آذار في جلسات البرلمان، وسأل: "أليست جريمةً أن نجتمع في البرلمان، وكأنّ شيئاً لم يكن، بعد حوالي خمسة وعشرين اغتيالاً، ومحاولة اغتيال وعمليّات تفجير، طالت كلّها قيادات سياسية وأمنية، ورجال رأي وصحافيين؟

أليست فعلاً جريمةً أن يكون قد سقط ستة نواب حتى الساعة منذ العام 2005 شهداء الاغتيال السياسي الواضح والمبرمج، ونجا اثنان بأعجوبة، من دون أن يتوقّف المجلس النيابي، ولو مرّةً واحدة، بشكلٍ جدّي عندها، ويوقف كل أعماله الروتينية، ويبقى في حالة انعقاد دائم للبحث فقط في هذه النقطة، وتحديد المسؤوليات، ولو من الزاوية السياسية، ووضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم، ووضع خطة عملية نهائية لوقف هذه المأساة؟".

وتابع: "ألا تشعر بالإحراج، وأنت تجتمع في البرلمان وكأنّ شيئاً لم يكن، مع الفريق المتهم قانونيّاً- ولو أنّ المتّهم بريء حتّى إثبات العكس- باغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي تحوم حوله الشبهات في اغتيال النائب جبران تويني ومحاولة اغتيال النائب بطرس حرب؟". أضاف: " قل لي دولة الرئيس، أيّ حياة سياسية هي هذه تحت وطأة العنف السياسي الأقصى والاغتيالات؟ وأيّ حياة نيابية هي هذه يستهدف النائب فيها قتلاً فقط لأنّه مرشّح بارز بحظوظ كبيرة في الانتخابات القادمة؟
واسترسل: "قل لي دولة الرئيس، ألا نكون نغطّي بشكلٍ مباشر أو غير مباشر الاغتيالات والعنف السياسي، بالتصرّف بشكل طبيعي بعد كلّ واحدة منها، وكأنّ شيئاً لم يكن؟".
  

السابق
الحياة: الرئيس اللبناني: البعض تورط في منطق العنف الإقليمي باريس
التالي
حكـايات لـم تـروَ مـن ليلـة الاستقلال