السفير: الدولة تحضر بالأمن بقاعاً ولا إنماء

توزع المشهد الداخلي بين استمرار المتابعة الرسمية لفضيحة فرار عناصر من "فتح الإسلام" من سجن رومية، وبين بدء العد العكسي لقرار تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع، في غضون الأيام القليلة المقبلة، فيما تلتئم الهيئة العامة للمجلس النيابي في جلسة انتخابية، ستبقي القديم على قدمه، على صعيد المطبخ المجلسي، ويعقبها أول اجتماع للجنة الانتخابية المصغرة، التي ستكون محطة من محطات تقطيع الوقت السياسي، في انتظار توافق "الكبار" على القانون الانتخابي العتيد.
وعلى طاولة مجلس الوزراء في السرايا الكبير، يحضر اليوم ملف سجن رومية، وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ"السفير" انه سيطالب الحكومة اليوم، باتخاذ الاجراءات المناسبة والضرورية لمعالجة ملف روميه، "لأنه بات من العيب السكوت على وضع السجون، التي اصبحت سجون قهر واذلال، ولا تعيد تأهيل السجناء، بل تخرجهم خبراء واختصاصيين في الاجرام وعلم الجريمة".
ويطلع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجلس الوزراء على نتائج زيارته الرسمية للدوحة، والتي وصفها بأنها كانت ناجحة، والتقى خلالها امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ونظيره القطري حمد بن جاسم، وتخللها توقيع ست اتفاقيات تعاون مع لبنان، كانت مجمدة في المرحلة الماضية.
ومن المتوقع أن تأخذ الحكومة علما بالتحضيرات التي بلغتها المؤسسات العسكرية والأمنية لتنفيذ الخطة الأمنية في البقاع.
ويبدو جليا ان تلك الخطة تحظى بغطاء من "حزب الله" وحركة "امل"، وتصب في خانة هدف، متفق عليه من قبلهما، بوضع البقاع عموما، وتحديدا منطقة البقاع الشمالي، في غرفة العناية الامنية المركزة، وايجاد العلاج الامني لكل الحالات النافرة والتي تسيء الى هذه المنطقة واهلها.
ولعل مبادرة الرئيس نبيه بري الى جمع عشائر وعائلات وفعاليات ووجهاء البقاع الشمالي، أمس، تأتي في سياق الدعوة الدائمة، التي سبق له ان اطلقها والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله: "الى البقاع در"، الا ان بري لفت الانتباه الى "أن الخطة الامنية وحدها لا تكفي، بل ينبغي اقترانها بالتنمية".
هذه النقطة تحديدا، اشار اليها وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن، الذي أنجز المراسيم التطبيقية لمشروع "المؤسسة العامة للزراعات البديلة"، وقرر رفعها الى مجلس الوزراء في غضون أيام قليلة "لنعلن عن تعيين مجلس ادارة لهذه المؤسسة" على حد تعبيره، مشددا في لقاء عين التينة على أولوية تعيين محافظ لبعلبك ـ الهرمل.
واذا كان العنوان الزراعي هو "ألف باء" التنمية في سهل البقاع، فان الدولة مطالبة بالايفاء بوعودها المزمنة على صعيد البنى التحتية، واطلاق دورة اقتصادية يواكبها القطاع الخاص، وحضور الدولة بمخافرها وحواجزها ومستشفياتها ومستوصفاتها ومؤسساتها التربوية والاجتماعية، وفي كلّ ما يتصل بمقومات الحياة، التي لم تلتفت اليها أي من الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال حتى يومنا هذا.
واذا كانت الخطة الامنية قد فرضها تزايد المشكلات الامنية وتكاثر عصابات الخطف وازدهار تجارة الفدية في المنطقة، فإن الغاية منها هي "تواجد الجيش في البقاع بصورة دائمة، وحتى لو ادى ذلك الى سحب قوات من وحداته من الجنوب"، كما قال الرئيس بري مخاطبا العشائر ورؤساء البلديات البقاعية، "وذلك من اجل تثبيت الامن، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه اعتبار البقاع خارجا عن الدولة".
على ان هــذا التوجه، على أهميته، لا يمنع طرح الاسئلة التالية:
ـ ما هي حدود هذه الخطة، وهل ستكون محكمة وفعالة، وتتخللها مطاردات حتى إلقاء القبض على المطلوبين، ام انها مجرد تدبير فولكلوري مؤقت سيقتصر على إقامة الحواجز على الطرق؟
ـ إذا كانت الدولة لم تستطع ان تربح معركة سجن رومية، فكيف ستربح معركة فيها هذا الكم الهائل من التعقيدات الأمنية والاجتماعية والقانونية؟
ـ هل القضية في البقاع هي قضية متمردين وعصاة، ام انها قضية منطقة تعاني وتحتاج الى كل ما يمدها بأسباب الحياة والامان اقتصاديا وحياتيا ومعيشيا، وصولا الى فك أسر عشرات آلاف المذكرات الصادرة بحق بعض ابنائها، والتي لم تقاربها الدولة بحلول باتت ضرورية اليوم قبل الغد؟

السابق
الانوار: خطة امنية للبقاع واتفاق بين جعجع والحريري
التالي
ليت الإبراهيمي يقنع الأسد بذلك!