الإرادة الدولية وتحولات الأزمة السورية

مع وصول الأزمة، إلى درجة الكارثة الإنسانية، غير المسبوقة، فإن قوى ما يسمى “المجتمع الدولي”، لم تقدم للسوريين سوى وعود فارغة، بعد أن حصرت مراهنتها على وهم حلّ سياسي، يمكن أن يقدمه مؤتمر جنيف -2، الذي فشل قبل انطلاق عجلة مفاوضاته، واتضح للعالم أجمع أنه ليس هناك من جماعة النظام، من هو صاحب إدارة سياسية، أو من يهمه إيقاف سيلان نهر دماء السوريين. بعد ثلاثة أعوام، ما زال نظام الأسد يوغل في القتل، وعلى مرأى العالم، لذلك يصعب على كثيرين استيعاب هذا الكمّ من العوامل الدولية التي لعبت ضد الشعب السوري وقضيته، حيث تشير كل المؤشرات الحالية بأن القوى الدولية لا تأبه بالكارثة السورية، ولا يعنيها طول أمد الصراع، وبالتالي لا جدوى من المراهنة على الإرادة الدولية، كونها تقوم على معايير غير إنسانية، تأخذ في الحسبان اعتبارات المصالح وحسابات الربح والخسارة، ولا تعير أي اهتمام للأخلاق أو القضايا الإنسانية، بالرغم من أن الثورة السورية بدأت سلمية، وبقيت كذلك أشهراً عديدة، بالرغم من التعامل الدموي معها، وباتت غالبية السوريين تشعر بأنها يتيمة ووحيدة، ولم تجد سوى أن تضع دمها على كفها، ماضية في طريق الخلاص، الذي لا رجعة فيه. وفي الوقت الذي تنأى فيه إدارة الرئيس الأميركي عن فعل شيء، إزاء الكارثة الإنسانية التي سببتها الحرب الشاملة للنظام ضد الثورة وحاضنتها الاجتماعية، فإن كل شيء بات مباحاً دولياً، أو على الأقل مسكوتاً عنه، ووصل الأمر إلى درجة استخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين من الأطفال والنساء والرجال، في أكثر من موقع وواقعة، ولم يكتف النظام بذلك كله، بل راح يسوق لإيديولوجيا تبرر أفعاله وممارساته، وتضعهما في مصاف الأمور الطبيعية، وفق معيارية، تمتد جذورها داخل نسق تمييزي، وأبعاد أخلاقية مولدة له.. وإذا كان السوريون تركوا وحدهم في مواجهة الكارثة، فإن المراهنة على إرادة دولية لإيقافها تبدو مراهنة فارغة، بعد ثلاث سنوات من عمر الأزمة السورية، فيما الثابت هو أن كل دول العالم متفقة على تقنين الدعم للثورة السورية، وعدم مدّها بالسلاح النوعي، الذي يمكنه أن يحدث توازناً في القوى..

السابق
نصرالله دأب على الترحيب بالحوار فهل يشارك حزبه الاثنين؟
التالي
#لا_تنتخبوا_العرص السيسي تشعل Twitter مصر