نصرالله دأب على الترحيب بالحوار فهل يشارك حزبه الاثنين؟

لم يعلن “حزب الله” بعد موقفاً واضحاً من المشاركة في الحوار الوطني الذي سارع الرئيس ميشال سليمان للدعوة اليه بعد ساعات قليلة من نيل حكومة الرئيس تمام سلام ثقة المجلس النيابي الاسبوع الفائت.

قبل اقل من 48 ساعة على انعقاد جلسة الحوار في بعبدا، يطل الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عبر الشاشة في احتفال لإطلاق منتدى جبل عامل للثقافة والادب وافتتاح مسرح “الانتصار” في بلدة عيناتا (بنت جبيل)، وبعيداً مما تحمله البلدة واخواتها على الحدود الجنوبية من رمزية في وجدان المقاومة وقائدها فإن الخطاب يأتي بعد محطات محلية وخارجية كرست ارتياحاً في اوساط “حزب الله” سواء ميدانياً على الحدود اللبنانية السورية او داخلياً مع حصول حكومة سلام على ثقة عريضة من المجلس النيابي الذي حافظ على مشروعية المقاومة بعد تجاوز “اعلان بعبدا” بحسب اوساط الحزب.

حزب الله مع مكافحة الإرهاب
تجزم اوساط 8 آذار لـ”النهار” انها ستشارك في الحوار مجتمعة مع “التيار الوطني الحر”. وتضيف ان “المشاركة لن تكون من اجل تعويم الرئاسة او مشاريع التمديد في ظل الظروف غير المستقرة داخلياً واقليمياً، وانما من اجل تعويم الحكومة الحالية وتحصينها ما دامت هذه القوى مشاركة فيها، وهي اصلاً حكومة الاضداد، الامر الذي يبقيها في حاجة الى مواكبة خشية “تفجيرها من الداخل”، والسبب الاهم للمشاركة في الحوار يكمن في “توضيح المسارات الصحيحة ومقاربة الاستراتيجية الدفاعية بما يشكل رداً مباشراً على الاستراتيجية التي يقدمها سليمان، والسبب الاخير هو تكريس مبدأ مكافحة الارهاب ومحاصرة التوتر المتنقل من البقاع الى الشمال، وتدارك الاخطر فيه، اي الاعتداءات المتكررة على الجيش”.
وترى هذه الاوساط ايضاً ان الرئيس سليمان “يسعى الى تحقيق انجاز نوعي يتمثل في التوافق على استراتيجية دفاعية تضمن ولو بالحد الادنى التسليم بوضع المقاومة في كنف الدولة، بعدما حال خصومه السياسيون دون ادراج اعلان بعبدا و”كنف الدولة” في البيان الوزاري للحكومة الحالية، والرئيس يعلم اسوة بسائر القوى السياسية انه لا يمكن التوافق على الاستراتيجية الدفاعية من دون “حزب الله”، والا ستكون جلسة الحوار التي دعا اليها الاثنين المقبل على شاكلة الجلسات التي قاطعتها قوى سياسية الصيف الفائت”.
من جهة اخرى، لا يعارض “حزب الله” الحوار في المبدأ، ولا تمر اطلالة متلفزة او شخصية للسيد نصرالله الا يكرر فيها استعداد حزبه للمشاركة في الحوار للبحث في الامور الخلافية بين اللبنانيين، ولعل ابرزها الاستراتيجية الدفاعية ومستقبل دور المقاومة في لبنان بعد الانقسام العمودي الحاد بين “الآذاريين”، والذي يطال مسائل اخرى اهمها النظرة الى الازمة السورية وتداعياتها على لبنان.

الحزب تجاوز الخلاف مع الرئيس
في سياق آخر لا تعير اوساط “حزب الله” اهتماماً لنظرية يتمترس خلفها الخصوم السياسيون، ومفادها ان الحزب سيشعر بالحرج اذا قرر المشاركة في الحوار برئاسة سليمان، بعد السجال الحاد على خلفية المعادلات الذهبية والخشبية والبيان المقتضب والحاد الذي اعلنه “حزب الله” ووصف فيه الرئيس بـ”ساكن قصر بعبدا” وتحدث عن “عدم قدرته على التمييز بين الخشب والذهب”، في موقف يعتبر الاكثر وضوحاً وحدة للحزب منذ البيان الشهير الذي تحدث عن “الغدر” ابان التباعد الكبير مع النائب وليد جنبلاط عام 2007.
فالحزب بحسب هؤلاء لا يؤخذ بالاستفزاز، وهو اقرب الى المشاركة في الحوار مطلع الاسبوع المقبل لأسباب عدة منها ان وزراءه يجلسون الى طاولة الحكومة برئاسة رئيس الجمهورية، اذا قرر حضور مجلس الوزراء عملاً بالدستور، عدا عن ان الحزب تنازل عن الثلث الضامن وشارك في حكومة يحظى فيها خصومه السياسيون المعلنون بأكثر من نصف مقاعدها، واخيراً ان المقاومة صاحبة “شعار لن نترك السلاح حتى لو جاء الكون كله” و”اليد التي ستمتد الى السلاح، سنقطعها”، تعلم ان احداً غير قادر ضمن المعادلات الحالية بأن يفرض عليها اي شرط، وبالتالي قيادتها هي التي ستفرض ما تشاء، ولن تجد نفسها محرجة لنقاش استراتيجية دفاعية وضعت لها مسبقاً شرطاً تعجيزياً يتمثل في “اقامة الدولة العادلة القوية والقادرة” وفق ما جاء في الوثيقة السياسية الثانية للحزب بعد الرسالة المفتوحة لعام 1985.

إضافة الى هذه الاسباب، يبقى ان “حزب الله” الذي يراكم الخبرة الميدانية المتكئة على “الانجازات النوعية في سوريا من القصير الى يبرود وما بينهما الغوطة وريف دمشق وربما حلب” لن يتوقف كثيراً عند مقررات حوار هنا او هناك تماماً مثلما لم يتوقف عند “اعلان بعبدا” والحبر الذي كتب فيه فيما اعلن اكثر من مرجع دستوري ان الاعلان لا يحمل قيمة دستورية او ميثاقية لكونه غير صادر عن مؤسسة دستورية.

السابق
قاسم اسطنبولي يعيد المسرح إلى صور
التالي
الإرادة الدولية وتحولات الأزمة السورية