لماذا علي عبد الكريم علي؟

مع أنّ ورود اسم السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي في اللائحة الأميركية السوداء قد يبدو عن بُعد أنه مثير للاستغراب، فإنّ المطلعين على حركة السفير وعمله الديبلوماسي في بيروت لم يستغربوا الخطوة، ولم يفاجئهم قفز الادارة الاميركية من استكمال اللوائح السوداء داخل سوريا، الى اختيار سفير للنظام السوري في لبنان من دون سائر الشخصيات السورية داخل الادارة وخارجها في العالم العربي وأوروبا، وحتى في الولايات المتحدة الاميركية التي لا يزال السفير السوري يمارس عمله المعتاد فيها، على رغم العقوبات التي فرضت على مسؤولي بلاده.

لماذا علي عبد الكريم علي؟ وما هي اسباب وضعه على هذه اللائحة التي باتت تشمل معظم المسؤولين السوريين الذين تعتبرهم واشنطن مشاركين في قمع الثورة السورية؟

الواضح ان استقاء المعلومات حول حركة السفير السوري أتى من المصدر، أي من لبنان، وهذا الاستقاء انطلق من الحوادث الامنية اللافتة التي تعرّض لها مواطنون سوريون في لبنان، ودَلّت التحقيقات التي لم تنشر على دور السفارة في هذه الحوادث، بما يشير الى عدم امكان حصولها لو لم تكن قد نفّذت بقرار على اعلى المستويات، خصوصا حينما يتعلق الامر بخطف اربعة مواطنين أشقّاء أصرّوا على الاعتصام قرب السفارة السورية، وخطفوا بعد استجوابهم من قبل القضاء اللبناني في سراي بعبدا، وأكدت التحقيقات هوية الخاطفين ووجهة نقل المخطوفين، واكتمل الملف بالاكتفاء بمعاقبة مسلكية لأحد الضباط اللبنانيين المكلفين حماية السفارة السورية، في حين ان هذه العقوبة كان يفترض ان تكون مدخلا الى مسائلة قضائية، لأنها جاءت عقابا على تنفيذ عملية خطف، وليس على مجرد مخالفة مسلكية.

وما يجعل هذا الملف مثقلا بشواهد المخالفات والارتكابات، ما حصل مع نائب الرئيس السوري سابقا شبلي العيسمي، الذي تمّ اختطافه في وضح النهار من عاليه الى جهة مجهولة، مع أنّ ابنة المخطوف أكّدت لاحقا انها معلومة، وحددت مكان الاختطاف، ذلك كله من دون ان يصدر أي توضيح عن الجهة المتهمة بالخطف.

ويبقى السؤال: هل كان هناك دور للسفارة السورية في بيروت في رعاية هذه الحوادث؟ وما هي انعكاسات قيام هذه السفارة، في حال صَحّ وجود دور لها في هذه العملية، على الحكومة اللبنانية الصديقة للنظام السوري والتي لم تقم بأي إشارة ولو شكلية للسؤال عن حقيقة هذا الملف، خصوصا بعد ورود اسم السفير علي في القائمة الاميركية، الامر الذي يرتّب على الحكومة اللبنانية، عبر وزارة خارجيتها، استدعاء السفير تبعا للأعراف المتبعة، وإنقاذا لماء الوجه، وقائيّا على الاقل، في حال ثبت وجود دور في أحداث الخطف المذكورة، خصوصا أن الادارة الاميركية التي غالبا ما تقوم، قبل اختيار أي اسم لضمّه الى القائمة السوداء، بتكوين ملف مُثبت حول دور مباشر له في قمع المتظاهرين المعارضين، ولهذا السبب ايضا أوعزت الادارة الاميركية الى سفيرها في دمشق (كما نشرت الجمهورية) بزيارة منزل المخطوفين الاربعة في مدينة جاسم، في إشارة واضحة الى أن هذه الادارة باتت تملك معلومات وافية حول كيفية حصول الخطف، وحول المسؤولين عن هذا الخطف، ومَن أعطاهم التوجيهات.

وسواء بقيت حكومة ميقاتي على وضعية دفن الرأس في الرمال أم لم تبقَ، فإن هذا الملف مرشّح لأن تتصاعد مفاعيله في ظل تنامي العقوبات الدولية على النظام السوري ورموزه، إذ إنّ المسألة لم تعد منحصرة بذوبان وزارتي خارجية لبنان والنظام السوري في المحافل العربية والدولية كأنهما وزارة واحدة لنظام واحد، بل باتت تضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي من نوع آخر، لن يستطيع لبنان تحمّل أعبائها والاستمرار بسياسة دَفن الرؤوس في الرمال.
  

السابق
خطة ممنهجة.. تتخطى المصلحة والامنيات الاسرائيلية !؟
التالي
ميشال سليمان يقدم إليكم سعادة الصهر