فوجئ في الكهرباء فهل يتكرّر ذلك في التعيينات؟

لماذا استشاط العماد ميشال عون غيظاً بعد جلسة مجلس النواب الأخيرة؟ هل لأن لمجلس أرجأ إقرار اقتراح قانون البرنامج المقدم منه لانتاج 700 ميغاواط من الكهرباء بكلفة مليار و200 مليون دولار، أم لأسباب أخرى تضاف الى هذا السبب؟
في المعلومات أن العماد عون عندما توصل الى تعيين عشرة وزراء في حكومة 8 آذار ظن أنه أصبح جزءاً مهماً في السلطة خلافاً لما كان عليه في الحكومات السابقة، وبات في استطاعته أن تكون له الكلمة المرجحة في اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء وعند المصادقة على المشاريع في مجلس النواب. لكنه فوجئ بتصويت بعض حلفائه في الأكثرية الجديدة وتحديداً نواب "جبهة النضال الوطني" مع إرجاء بتّ الاقتراح مع أنه هو صاحبه وينبغي أن تفهم هذه الأكثرية معنى عدم تجاوبها معه. ولم يقتنع العماد عون بتبريرات صدرت عن النائب وليد جنبلاط في شرح موقف نواب كتلته بتأكيده أن هذا الموقف "تقني محض ولا علاقة له بالاصطفافات بين أكثرية وأقلية، وبالتالي يجب عدم تحميله تفسيرات عديدة لا يحتملها"، ولا اقتنع حتى بتبريرات الرئيس نجيب ميقاتي في تأجيل إقرار الاقتراح لمزيد من الدرس ولوضع مزيد من الضوابط لعملية الاتفاق حرصاً على الشفافية.

وبلغ الغضب لدى العماد عون حدّ دعوة الشعب إذا كان يريد الكهرباء، للنزول واحتلال مجلس النواب وسيكون معه بعدما استنفد كل الوسائل، لافتاً الى "أن بزّة الموالاة ضيّقة عليه وقد تتمزق في أي لحظة بسبب التعامل مع أشخاص بلا ضمير"… هذا الموقف التصعيدي أكمله وزير الطاقة والمياه جبران باسيل بالتحذير من أنه "في حال عدم الأخذ باقتراح الكهرباء فإن الازمة ستستفحل أكثر فأكثر".

والسؤال المطروح هو: "هل يذهب العماد عون بعد هذا الغضب الشديد الى حدّ التهديد بالاستقالة من الحكومة، أم أن إقرار مجلس النواب اقتراح القانون المتعلّق بالكهرباء بعد مرور 15 يوماً سوف يهدئ من روعه وغضبه إلا إذا أدخلت عليه تعديلات غير مقبولة وتتعلّق بضبط عملية اتفاق المليار و200 مليون دولار؟

لقد أمتحن العماد عون حلفاءه في الأكثرية الجديدة لمعرفة مدى تضامنهم معه من خلال اقتراح المشروع الذي تقدم به، وغضبه ليس ناجماً عن تأجيل إقراره فحسب، علماً أنه سيصار إلى إقراره في ما بعد، إنما لأن الصورة التي بدت أمامه لا تبشر بالخير خصوصاً وهو يأمل أن تكون حصته كبيرة في تعيينات وظائف الفئة الأولى، وهذا ما جعله يتساءل كيف له أن يضمن حصوله على هذه الحصّة إذا لم يصوّت الوزراء الذين يعتبرون أنفسهم مستقلين او وسطيين إلى جانبه عند طرح الأسماء التي يقترحها على مجلس الوزراء. فاذا كان العماد عون يحمل على عدد من الموظفين الاداريين والأمنيين الكبار ويطالب بمحاسبتهم مع علمه أن الأكثرية الوزارية قد لا تجاريه في طلبه لأسباب شتى، فإنه يأمل في أن يحصل لتعويضه ذلك على ترضية في الاسلاك الادارية والديبلوماسية والأمنية والعسكرية، كي يتغاضى في المقابل عن المطالبة بمحاسبة هؤلاء الموظفين كما تغاضى عن المطالبة بتعيين مسيحي مديراً عاماً للأمن العام.

قريبون من الرئيس ميقاتي يقولون إن الحكومة التي تصفها قوى 14 آذار بحكومة "حزب الله" أو بحكومة اللون الواحد سوف تثبت بالعمل والممارسة أنها حكومة اللون الحيادي والوسطي خصوصاً في التعيينات، وأنها ليست حكومة أي حزب أو فئة بل هي حكومة تحرص على تعيين أصحاب الكفاية والجدارة والنزاهة وفق الآلية الموضوعة لهذه الغاية عندما يتعذّر الاتفاق على اسم واحد كما حصل حتى الآن، وينبغي ألا يظن أحد ان التعيينات ستعتمد سياسة الكيدية أو المحاصصة بين الوزراء وبين النواب والسياسيين في قوى 8 آذار بل سياسة الكفاية والنزاهة التي تتقدم أي اعتبار آخر.

الواقع أن التعيينات كانت دائماً وفي كل عهد سبباً لخلافات داخل الحكومة وخارجها، وحتى داخل الصف السياسي الواحد لأن القواعد الشعبية والحزبية تتعزز من خلال هذه التعيينات. فهل يمكن أن تتسبب بتطيير حكومة ميقاتي من الداخل إذا عمد وزراء العماد عون إلى الاستقالة إذا لم يحصلوا على حصتهم الكافية فيها؟ وهل يجاريهم وزراء "حزب الله" في ذلك؟

يرى بعض المراقبين ان العماد عون لن يقدم على طلب استقالة وزرائه من الحكومة ما لم يكن قد ضمن تضامن "حزب الله" معه لفرض استقالة الحكومة برمّتها، لأنه يخشى إذا ما استقال وزراؤه وحدهم أن يتم تعيين بدائل منهم إن لم يكن من قوى 14 آذار فمن خارج مجلس النواب فيصبح عدد الوزاء من خارج مجلس النواب في الحكومة يفوق عددهم من داخل المجلس. أضف أن "حزب الله" يوضع في هذه الحال أمام اختبار صعب إذا ما أصر العماد عون على استقالة وزرائه، إذ إن على الحزب أن يختار الوقوف مع الرئيس ميقاتي إذا كان يحرص على بقائه في السرايا، أو الوقوف مع حليفه العماد عون إذا كان يريد إخراج ميقاتي منها.

السابق
التجديد لليونيفيل لسنة جديدة
التالي
النهار: الادعاء العسكري: انفجار انطلياس إرهابي الحريري لسليمان: السلاح أول الحوار