البناء: حرُّك لبناني واسع لإجبار «إسرائيل» على الالتزام بالقوانين الدولية والبحرية وسورية تدُدين تصريحات كلينتون.. واللقاء التشاوري يؤكّد جملة ثوابت

ينتظر أن يقرر مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية يوم غد الوجهة القضائية والدبلوماسية التي سيتعاطى من خلالها مع التعدي "الإسرائيلي" على حقوق لبنان في مياهه البحرية، وبالأخص ثروته من النفط والغاز بعد أن رفعت حكومة العدو "الإسرائيلي" الخرائط التي قررتها من جانب واحد ومن دون العودة إلى الأمم المتحدة، فيما لم يقم المجتمع الدولي بواجباته لناحية تحديد الحدود البحرية ما بين لبنان وفلسطين المحتلة.

ومن المتوقع أن تضع اللجنة الوزارية التي تنعقد اليوم برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التوجهات والاقتراحات لتعاطي لبنان مع قضية التعدي "الإسرائيلي" على حقوقه البحرية تمهيداً الى رفعه إلى مجلس الوزراء يوم غد.

كما ينتظر أن تقر الجلسة الأولى للحكومة "سلة تعيينات" بينها ثلاثة مواقع أصبحت محسومة، هي التجديد لحاكم مصرف لبنان، وتعيين رئيس لأركان الجيش ومدير عام للقصر الجمهوري، فيما لم تنف أو تؤكد مصادر وزارية إمكان بت تعيين مدير عام للأمن العام أو قائد للشرطة القضائية.

في هذا الوقت برز المزيد من المناخات الإيجابية على صعيد تطور الأوضاع في سورية بعد إصدار اللقاء التشاوري للحوار الوطني التوصيات التي انتهى إليها المشاركون فيه على مدى ثلاثة أيام وشارك في صوغ التوصيات شخصيات من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية وإن كانت قد قاطعت اللقاء بعض "المعارضة السورية" خاصة المقيمة في الخارج.
في هذا السياق، ذكرت معلومات أن الرئيس السوري بشار الأسد سيطل في حديث شامل وموسع عبر التلفزيون السوري خلال الأيام القليلة المقبلة.

وكانت قد تواصلت أمس تداعيات التدخل السافر لكل من سفيري الولايات المتحدة وفرنسا في دمشق بشؤون سورية من خلال الزيارة التي قاما بها يوم الجمعة الماضي إلى مدينة حماه دون علم السلطات المعنية.
فبعد التظاهرات التي قام بها آلاف السوريين أول من أمس أمام السفارتين احتجاجاً على هذا التدخل في شؤون بلدهم، وقيام عناصر أمن السفارتين بإطلاق النار على المتظاهرين ومن ثم قيام وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بإطلاق تصريحات ضد القيادة السورية، أعلنت سورية استنكارها الشديد لتصريحات كلينتون مؤكدة أنها تشكل دليلاً إضافياً على تدخل الولايات المتحدة السافر في الشؤون الداخلية السورية.

البيان الختامي
وكان اللقاء التشاوري للحوار الوطني في سورية قد أصدر أمس بيانه الختامي الذي أكد فيه إبقاء الاتصالات مع الأطراف والشخصيات الاجتماعية والقوى السياسية السورية في داخل الوطن وخارجه للتحضير المشترك لمؤتمر الحوار الوطني الذي سيعقد فور استكمال هذه الاتصالات وبالسرعة الكلية، مؤكداً أن هذا اللقاء التشاوري لا يحل مكان مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ومعتبراً كل ما طرح وقدم شفاهة أو كتابة هو وثائق وتوجهات عامة ترفع إلى مؤتمر الحوار الوطني.

وشدد البيان على مجموعة أمور منها: أن الحوار هو الطريق الوحيد الذي يوصل البلاد الى إنهاء الأزمة، إن الاستقرار في البلاد ضرورة وطنية، رفض الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة، الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي الذين لم تشملهم مراسيم العفو السابقة، والذين لم يرتكبوا جرائم يعاقب عليها القانون وإطلاق سراح جميع الموقوفين خلال الأحداث الأخيرة ممن لم تثبت إدانتهم امام السلطات القضائية، المعارضة الوطنية جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري، التوجه الى إقامة دولة الحق والقانون والعدالة، رفض أي تدخل خارجي في شؤون سورية الداخلية وتحرير الجولان الذي يعتبر من القضايا الأساسية والتأكيد على الثوابت الوطنية والقومية المتصلة بالصراع العربي ـ "الإسرائيلي".

وأوضح البيان أنه جرت مناقشة مشاريع القوانين المطروحة على جدول الأعمال وهي قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وقانون الإعلام، وأخذت بعين الاعتبار المداخلات والملاحظات المتصلة بهذه القوانين للتوصل إلى توافق وطني بشأنها، وبنتيجة هذه المناقشات اتفق على أن تطلب هيئة الحوار من اللجان المكلفة إعداد مشاريع هذه القوانين الثلاثة وتقديم الصياغة الأخيرة لها تمهيداً لإصدارها في ضوء ما ورد سابقاً وفي أقرب وقت ممكن.

دمشق تستنكر تصريحات كلينتون
في هذا الوقت استنكرت سورية بقوة التصريحات التي أدلت بها بالأمس وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، مؤكدة أن هذه التصريحات دليل إضافي على تدخل الولايات المتحدة الأميركية السافر في الشؤون الداخلية السورية.

وأوضح مصدر سوري رسمي، بحسب ما ذكرت وكالة "سانا" أن هذه التصريحات هي فعل تحريضي هادف الى استمرار التأزم الداخلي لأهداف لا تخدم مصلحة الشعب السوري ولا طموحاته المشروعة.
وأشار المصدر إلى أن سورية تؤكد أن شرعية قيادتها السياسية لا تستند إلى الولايات المتحدة الأميركية أو غيرها، وهي تنطلق حصراً من إرادة الشعب السوري الذي يعبر وبشكل يومي عن دعمه وتأييده لقيادته السياسية وللإصلاحات الجذرية التي طرحتها للتدارس والحوار.

وأضاف المصدر، إنه لا يختلف اثنان على أن العلاقات بين الدول تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ولذلك فإن سورية تتوقع التزام الولايات المتحدة الأميركية ومبعوثيها بهذا المبدأ، والامتناع عن أي تصرفات من شأنها استفزاز مشاعر السوريين واعتزازهم باستقلالهم الوطني.
فرنسا: أمر لا يطاق!
في إطار متصل، حاول رئيس وزراء فرنسا فرانسوا فيون الدخول مجدداً على خط تحريك مجلس الأمن منذ بداية التظاهرات السورية العفوية المنددة بتدخل بلاده في شؤون سورية، وادعى في تصريح له أمس أنه "من غير المقبول السكوت على ما يحصل وعدم قيام مجلس الأمن بدوره تجاه ما يجري في سورية وزعم أن "صمت مجلس الأمن إزاء سورية أصبح أمراً لا يطاق".

ونقلت وكالات الأنباء من مقر الأمم المتحدة في نيويورك أن فرنسا طالبت مجلس الأمن بالتعليق على أحداث اليومين الأخيرين وما وصفته "الاعتداء على سفارتها في دمشق"!

إلى ذلك نقلت بعض وسائل الإعلام عن مسؤول في الخارجية الأميركية، أن واشنطن لا تعتزم سحب سفيرها من سورية، وأوضح المسؤول أن واشنطن استدعت القائم بالأعمال في السفارة السورية في واشنطن منير قضماني إلى الخارجية للاحتجاج على "الاعتداء" الذي تعرضت له السفارة".

طرد السفيرين الأميركي والفرنسي
في موازاة ذلك، وفي سياق تحركاته الاستفزازية، واصل السفير الأميركي تجاهل موجة الاحتجاجات التي تلت زيارته والسفير الفرنسي إلى مدينة حماه يوم الجمعة الماضي، بما مثّلته من تدخل سافر في الشأن الداخلي لسورية واسخفاف بمشاعر الشعب السوري، عاود هذا السفير العزف على الوتر الطائفي من خلال انتهازه حفل مباركة في كنيسة الصليب المقدس في دمشق، وتذرَّع بالرغبة في تقديم التهاني، لكن محاولته هذه قوبلت برفض شديد ومُنِعَ من دخول الكنيسة.

وبحسب شهادة أحد الحضور، فإنه خلال حفل أقيم أمس في كنسية الصليب للمباركة برسم ثلاثة مطارنة في كنيسة المريمية، أحدهم ينتمي إلى كنيسة الصليب المقدس، فوجئ الحضور بنزول شخصين تبيّن أنهما من "عناصر المرافقة" لكل من السفيرين الأميركي والفرنسي، حيث طلبا خروج الناس من الحفل لاستقبال السفيرين على باب الكنيسة، الأمر الذي تسبب بتوتر الأجواء داخل القاعة، ورفض الحضور الخروج، فقام المطران لوقا الخوري بتهدئة الحضور وخرج للتحدث مع السفيرين.

وعند باب الكنيسة، أوقف لوقا السفيرين وأخبرهما بأنهما "غير مرحب بهما هنا"، وطلب منهم الرحيل فوراً.
في هذه الأثناء، عَلَت الهتافات من داخل قاعة الاحتفال "الله سورية بشار وبس"، الا أن السفير الأمريكي أصر على الدخول، فردّ المطران بحزم بأن السفير شخص غير مرحب به، فغادر يتبعه السفير الفرنسي، وقد بدت على وجهيهما ملامح الصدمة.

إلى ذلك، انتقد المعارض السوري ميشيل كيلو اللقاء التشاوري، لافتاً في حديث إلى "الوطن" السورية، إلى أن "اللقاء يتحدث عن تعديل المادة الثامنة، فيما كنا موعودين بإلغائها"، ملاحظاً أن في ذلك مؤشراً الى التراجع.
وقال كيلو: "لا أعلم ماذا يفيد التعديل بإزالة أو إضافة حرف، لكن مبدئياً المادة الثامنة ألغيت من كل دول العالم ولم تبق إلا في سورية، إذاً فلتلغ، لأنه ما دام هناك قانون للأحزاب لا توجد مادة ثامنة، لأن ذلك ـ أي قانون الأحزاب ـ يشكل اعترافاً بأحزاب أخرى، لكنهم سيعدلون المادة الثامنة ولن يلغوها"!

اللجنة الوزارية وملف اعتداء "إسرائيل"
أما في الشأن اللبناني، فقد بقيت قضية الاعتداء "الإسرائيلي" على الحدود البحرية للبنان مدار اتصالات ومشاورات على مستويات مختلفة، تمهيداً لبحثها في جلسة مجلس الوزراء يوم غدٍ في بعبدا، بعد ان تكون اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اليوم قد وضعت تصوراً لكيفية التعاطي مع هذا الملف، خصوصاً على مستوى اللجوء إلى المحافل الدولية بدءاً من الأمم المتحدة لإجبار "إسرائيل" على الالتزام بالقوانين الدولية المتعلقة بالبحار.

وتحدثت مصادر وزارية عن وجود أكثر من اقتراح حول التعاطي مع هذه المسألة، منها رفع شكوى إلى مجلس الأمن وإما الطلب رسمياً من الأمم المتحدة أن تقوم بالإشراف على ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
وأشارت المصادر في هذا السياق الى أن الوثائق الموجودة في الأمم المتحدة تؤكد أن "إسرائيل" اعتدت على حقوق لبنان وأن الخريطة التي رفعتها قبل فترة وزارة الخارجية اللبنانية تلتزم فعلياً بما هو معمول به دولياً، بينما الخرائط التي رفعتها حكومة العدو تعتدي على حقوق لبنان.

سليمان ووليامز
وكان هذا الملف مدار تشاور امس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، الذي أوضح أن للبنان الحق بالاستفادة من ثرواته.

وعلم في هذا السياق أن المبعوث الدولي أكد لرئيس الجمهورية، أنه "إذا طلب لبنان من الأمم المتحدة المساعدة في حل هذه القضية، فإن الأمم المتحدة مستعدة للتعاون".
وفي هذا الإطار، دعت لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه إلى وضع استراتيجية وطنية واحدة لحماية ثرواتنا الطبيعية في مياهنا وبحرنا، وإلى تشكيل لجنة خبراء تعمل على حفظ الحقوق وذلك في جلسة عقدتها أمس في مجلس النواب، وقد أبقت اللجنة اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة الموضوع.
"سلة" تعيينات في مجلس الوزراء
في مجال آخر، يتوقع أن يقر مجلس الوزراء في جلسته يوم غد "سلة تعيينات" لم تحسم حتى مساء أمس بكاملها. وإن كانت هناك ثلاثة مواقع أساسية هي التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تعيين رئيس لأركان الجيش هو العميد وليد سليمان بعد ترفيعه إلى رتبة لواء، تعيين مدير عام للقصر الجمهوري هو أنطوان شقير قد حسم أمرها.

كما لم تستبعد مصادر مطلعة إجراء تعيينات أخرى من خارج جدول الأعمال خاصة تعيين مدير عام للأمن العام إذا أفضت الاتصالات نحو تأييد بعض المرجعيات المسيحية لإبقاء الموقع من حصة الطائفة الشيعية، وإن كانت المصادر قد أكدت أن هذا الأمر أصبح محسوماً رغم ما يقال وينقل من معلومات وتسريبات بهذا الخصوص.

مصدر وزاري
وفي هذا الإطار، قال مصدر وزاري مساءً لـ"البناء" إن ما يقال عن خلاف حول المديرية العامة للأمن العام هو مجرد تسريبات إعلامية من فريق "14 آذار" للتشويش على انطلاقة الحكومة وأن لا مشكلة في هذا الموضوع على الإطلاق.
ولمح المصدر إلى أن المدير العام الجديد للأمن العام سيكون اللواء عباس ابراهيم، ولم يستبعد أن يُبَتّ هذا الموضوع في جلسة الغد. وإلا فإنه سيبت حكماً في الجلسة التي تليها.

ورداً على سؤال حول الدفعة الثانية من التعيينات، قال المصدر: لم يجر البحث بالأسماء والمراكز بعد لكنه سيكون هناك إقرار للتعيينات الإدارية على دفعات خلال الجلسات المقبلة.
وختم المصدر إن الأمور تسير بانتظام وإن كل شيء سيكون وفق عمل الفريق الواحد داخل الحكومة.

عون: لا خلاف
وأمس صرّح العماد ميشال عون في هذا الإطار مطمئناً إلى أنه لن يكون هناك خلاف داخل الأكثرية في هذا المجال.

وأكد عون أنه لم يطرح موضوع منصب مدير عام الأمن العام، مطالباً بإعادة المنصب إلى الطائفة المارونية، مشيراً إلى أنه لم يبحث مع رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا الموضوع، ولا صحة للمعلومات التي يجري تداولها، مضيفاً: "هناك مخيلة واسعة عند بعض الناس ونحن لسنا على خلاف حول أي موضوع، وإذا بقي (المنصب) مع الطائفة الشيعية أو مع الطائفة المارونية ليست آخر "الدني"
يشار إلى أن بعض الأعضاء المسلمين في "14 آذار" كانوا قد أثاروا عن قصد موضوع المديرية العامة للأمن العام في محاولة لدق "إسفين" بين أطراف الأكثرية الجديدة، لكن مصادر في الأكثرية ذكرت أن تعيين المدير العام للأمن العام الراحل وفيق الجزيني كان في عهد حكومة السنيورة وبمشاركة هذه القوى.

السابق
ضغوط إسرائيلية لتعطيل الرباعية: موقف جديد أم رفض لـصيغة أوباما؟
التالي
الجمهورية: مجلس الوزراء غداً لتعيينات قد يلحق بها الأمن العام إجتماع متخصّص اليوم لتحديد الموقف النفطي