
في 14 شباط 2005، اغتيل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في حادثة هزّت لبنان والعالم. قبل دقائق من الانفجار الذي أودى بحياته، التُقطت صورة تُعتبر الأخيرة له، حيث كان يجلس في مقهى في وسط بيروت.
هذه الصورة تحمل في طياتها تفاصيل دقيقة عن اللحظات الأخيرة في حياة الحريري.
ما قصة الصورة أعلاه.. وماذا قال في آخر كلماته؟
في ظهيرة ذلك اليوم، وبعد جلسة عاصفة لمجلس النواب، قرر الحريري التوقف في مقهى «الإتوال» الواقع في ساحة النجمة، قلب العاصمة بيروت. هذا المقهى كان معروفًا بجذب الشخصيات السياسية والإعلامية، نظرًا لموقعه الاستراتيجي بالقرب من مجلس النواب. اختيار الحريري لهذا المكان لم يكن صدفة، فقد كان يُعتبر نقطة تجمع للنخب السياسية، ومكانًا مناسبًا لعقد لقاءات غير رسمية بعيدًا عن الأضواء.
في تلك اللحظات، كان الحريري يجلس مع عدد من مرافقيه ومستشاريه. تناول النقاش مواضيع سياسية وأمنية حساسة، خاصة في ظل التوترات التي كانت تشهدها البلاد آنذاك. وفقًا لشهادات بعض الحاضرين، كان الحريري يبدو قلقًا ومتوترًا، وربما كان يشعر بالخطر الذي يحيط به.

والخلاف حينها كان حول تمديد ولاية الرئيس المؤيد لسوريا إميل لحود. وتحت الضغط السوري، تم تعديل الدستور للسماح بتمديد الولاية لثلاث سنوات. وكان الحريري قد عارض هذه الخطوة ولكنه وقع عليها في نهاية المطاف. وفي أيلول 2004، فرض قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضغوطاً على سوريا بشأن دورها في لبنان. ودعا القرار إلى إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وانسحاب جميع القوات الأجنبية، وحل الجماعات المسلحة في البلاد، بما في ذلك حزب الله.
ويُنقل حينها إن الحريري قال في المقهى : «أخطاء كثيرة ارتكبت ولا تزال ترتكب. وانا لا ارى في ذلك مصلحة للبلد ويجب ان يدرك الجميع ان لبنان لا يمكن ان يستمر من دون عيش مشترك ووفاق وطني داخلي ومع سوريا…لبنان لا يحكم ضد سوريا ،ولن يحكم من سوريا بعد الان».

المشوار الأخير
بعد انتهاء اللقاء في مقهى «الإتوال»، غادر الحريري المكان متوجهًا إلى موكبه الذي كان ينتظره في الخارج. تألف الموكب من عدة سيارات مصفحة مجهزة بأحدث وسائل الحماية.
كان يسلك الطريق المعتاد عبر شارع ميناء الحصن، مارًا بفندق «فينيسيا» الشهير.
وعند مروره بالقرب من فندق سان جورج في بيروت، انفجرت شاحنة مفخخة بحوالي 1000 كيلوغرام من مادة الـ TNT، مما أدى إلى استشهاده مع 21 شخصًا آخرين، بينهم وزير الاقتصاد الأسبق باسل فليحان.

من التقط الصورة؟
حتى اليوم، لا يزال هوية الشخص الذي التقط هذه الصورة غير معروفة بشكل دقيق. تداولت بعض المصادر أن أحد المرافقين الشخصيين للحريري هو من التقطها، بينما أشارت مصادر أخرى إلى أنها قد تكون من تصوير أحد الصحفيين المتواجدين في المقهى.
وتبقى الصورة شاهدًا صامتًا على لحظات حاسمة في تاريخ لبنان. ورغم مرور السنوات، ما تزال الصورة تثير الكثير من التساؤلات والتأملات حول الظروف التي أحاطت باغتياله، والتداعيات التي ترتبت على هذا الحدث الجلل.