بعد إختلال ميزان القوة بين «حزب الله» وإسرائيل.. هذه هي وظيفة السلاح «المهدوي»؟!

بمعزل عن مستقبل لبنان "الحربي" أو "السلمي"، وعلاقته السببية بإيقاع الحرب على غزة، ثمة تساؤلات تفرض نفسها، حول "حزب الله" وسلاحه "المهدوي" ووظيفته الجديدة، بعد إختلال ميزان القوة لمصلحة إسرائيل، وتساقط شهدائه، كما الشهداء المدنيين، على طريق قدس ملتبسة، لم يعد سلاحه الذي أُوجد من أجلها مُجدياً، في موازة مخاوف حقيقة، من تحوله أكثر فأكثر الى الداخل، واستثماره في مواصلة دك بنيان الدولة.

السؤال المتداول لبنانياً، هل ستمتد هدنة جبهة غزة ان تحققت، على جبهة لبنان؟

من الظاهر، بعد نحو خمسة اشهر على “طوفان الأقصى”، ان “حزب الله” الذي ربط بين قبوله بوقف النار في لبنان بتحقق الهدنة في غزة، بات اليوم امام حقيقة، ان هذا القرار لم يعد بيده، بل بيد الجيش الاسرائيلي، الذي ربط بين عودة آمنة لمستوطني الشمال، تضمن عدم تعرضهم لأي هجوم محتمل في المستقبل، اي ان اسرائيل تتشبث بتغيير واقع الحدود، بما لا يعود الى ما كان عليه قبل “طوفان الأقصى”.

وفيما كان النائب في حركة “أمل” هاني قبيسي، يعبر عن استيائه من اهمال الحكومة واجباتها تجاه الجنوب، في ظل الظروف التي يعانيها اليوم بسبب الحرب، فان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، بشر بنهاية الكيان في وقت قريب، في المقابل تبدو الانظار مشدودة الى عودة مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستين الى بيروت غدا (الاثنين) وما يمكن ان يحمله من بشائر، تتصل بهدنة على الحدود اللبنانية، وان كان ذلك دونه العديد من الجولات المكوكية بين بيروت وتل أبيب، علّها تفضي الى هدنة او اتفاق، بينما حكومة الحرب في اسرائيل، لا تبدو مستعجلة الهدوء، من دون تنازل غير مسبوق على الحدود يقدمه “حزب الله”.

الاستقواء الاسرائيلي من غزة الى لبنان بات جلياً، من خلال التفلت المستمر من اي التزام بهدنة

الاستقواء الاسرائيلي من غزة الى لبنان بات جلياً، من خلال التفلت المستمر من اي التزام بهدنة، فيما حركة “حماس” تستعجلها واهالي غزة ينشدونها، بعدما تحول “القطاع” الى ساحة موت مجاني لأهله وحقل رماية اسرائيلي لا يغير حاله لا مواقف محور الممانعة، ولا المواقف التي تنادي باحترام حقوق الانسان بكل ابعادها.

كذا في لبنان، لم يعد مفهوما طريق القدس، الذي يتساقط الشهداء باسمه من دون ان يسلكوه، الى الحدّ الذي بات طريقا لإسرائيل لتدمير ما تبقى من لبنان.

لبنان المدمر اقتصاديا وماليا وسياسيا، هو شرط موضوعي ل”اليوم التالي” بعد غزة

ولبنان المدمر اقتصاديا وماليا وسياسيا، هو شرط موضوعي ل”اليوم التالي” بعد غزة، وهو مطلب استراتيجي اسرائيلي، جرى تنفيذه خلال العقدين السابقين، ويستمر اليوم في المواجهة مع اسرائيل، وطالما ان “حزب الله” يعتبر ان وظيفة السلاح هي من “إختصاص” الامام المهدي، والحفاظ عليه هو “وظيفة إلهية”، أعلى من الحسابات الوطنية واللبنانية، لذا لن يبخل في سبيل ذلك، على تقديم تنازلات لبنيانين نتنياهو، في سبيل حفظ السلاح داخل لبنان.

فبعد سد طريق القدس عملياً، تبقى الطرق اللبنانية مشرعة لهذا السلاح، فكما ان اسرائيل تعتبر ان المحيط المعادي، يبرر لها كل هذا التسلح والاستقواء والاجرام، فلماذا لا يكون “حزب الله” ايضاً، في ظل كل هذا النفور منه، ان لم يكن العداء، المحيط به لبنانيا وسوريا وحتى عربيا، مستقويا بالسلاح في وجه كل هؤلاء ولا سيما في لبنان.

الغرب واسرائيل واميركا “لا يهتمون”، كما قال امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله نفسه، “الا بأمن اسرائيل في لبنان”، فما الذي يمنع ان يوفر عمليا “حزب الله” الشروط المطلوبة لهذا الأمن، ويطلق العنان لفائض قوته نحو الداخل، للبحث عن وظيفة جديدة مغلفة بالدفاع عن لبنان، وفي مضمونها المزيد من تعميم اللادولة والفوضى، باعتبارهما فرصة الحفاظ على سلاح “الامام المهدي”، وربما اللادولة، والفوضى يعجلان في ظهوره ليملأ الارض قسطا وعدلا، قد يبدو ما سلف فيه من الخيال الكثير، لكنه الوحيد الذي يمكن ان يبرر استمرار الجنون في لبنان.

هذا الجنون، طالما هو هروب مريب من اسئلة الواقع، من حق اللبناني ان يكون صاحب رأي، في كل ما يمس وجوده في لبنان

نعم هذا الجنون، طالما هو هروب مريب من اسئلة الواقع، من حق اللبناني ان يكون صاحب رأي، في كل ما يمس وجوده في لبنان، في حقه بان ينأى بوطنه عن مخاطر يمكن تفاديها، في بناء الدولة، في دور لبنان وموقعه في هذا العالم، في الاجابة على سؤال الخبز والدواء والتعليم، في مقاربة حق المواطن على المسؤول، في بناء المجتمع والانسان، في حق العمل، في معنى وحدة الشعب، وغيرها الكثير من الاسئلة التي تخرج من تحت ركام الدولة.

السابق
نهاية مُرعبة لـ «عزيز» بنت جبيل التائه.. اليكم جديد القضية المؤلمة!
التالي
في طرابلس.. سقط من مبنى وهذا مصيره