دبلوماسية إيطالية وإسبانية نحو بيروت.. و«مجموعة الخمس» تحرّك المياه الراكدة!

مجلس النواب

للمرة الأولى منذ 109 أيام، تشيح بيروت بأنظارها عن شَبَحِ الحربِ الماثل على الجبهة اللبنانية المفتوحة على «بركان غزة»، بعدما استعاد البرلمان أمس، مشهديةَ «المتاريس» السياسية، التي يختلط فيها حابل المالي بنابل الرئاسي، في بلدٍ عالقٍ «بين ناريْ» النزاع متعدد الفتيل في المنطقة القابعة فوق «برميل بارود» والذي يرتبط به عبر صاعق الجنوب، و«حبائل» الصراع الداخلي الذي انكفأ «جمره» على وهج الرماد المتطايِر منذ «طوفان الأقصى».

وفيما كانت عيون المنطقة على المفاوضات الشائكة لشقّ طريقٍ نحو «وقت مستقطع» لحرب غزة، ارتسم في لبنان «بعد طول غيابٍ» مشهد «الحروب الصغيرة» والتراشق بالاتهامات وتسجيل المواقف و«نشْر الغسيل فوق سطوح» البرلمان الذي بدأ أمس بمناقشة مشروع موازنة 2024 في أجواء من المشادات والشجار والصراخ الذي عكس «قلوباً مليانة» لم تهدأ منذ انتخابات مايو 2022 النيابية ودخول البلاد في شغور رئاسي بدأ في الأول من نوفمبر من العام نفسه.

وجاءت المشاحناتُ ولا سيما في مستهل الجلسة بين النائب علي حسن خليل وعدد من نواب التغيير، و«المطوّلات» الكلامية لأعضاء البرلمان على المنبر، وإن كانت تطرقت الى الملف الرئاسي والوضع على الحدود الجنوبية، وفق رؤيةِ كلٍّ من المعارضة و«محور الممانعة» لجدوى «جبهة المشاغَلة» المفتوحة منذ 8 أكتوبر والتي يمْضي فيها «حزب الله»، شاء مَن شاء وأبي مَن أبى، لتشكّل مؤشراً إلى غرق اللعبة السياسية في عملية «مراكمة نقاط» متبادلة وعقيمة فيما البلادُ على حافة «تلقّي هدفٍ مميت» لا قدرة للسلطة على منْعه بحال وقوع خطأ كبير في الحساب من الحزب أو اتخاذ اسرائيل القرارَ الكبير بفرْض وقف العمليات عبر الحدود اللبنانية وإبعاده عنها «مسافة آمنة» كافية لعودة سكان مستوطناتها الشمالية.

«الحروب الصغيرة» في البرلمان اللبناني تعلو فوق… جبهة الجنوب

وإذ كان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، يحذّر من أنه «إذا لم يتراجع حزب الله فسيدفع لبنان الثمن ولن نتردد في العمل ضد إيران ووكلائها»، احتجبت قرقعةُ السلاح عن مجلس النواب، الذي غرق في بحرٍ من أرقامِ موازنةِ «جود من الموجود» التي فتك بها «مقصّ» لجنة المال، التي عدّلت وألغت ما يوازي 90 في المئة منها، وفي مناكفاتٍ سياسية من خلف ظهر الاعتكاف المتمادي عن انتخاب رئيس للبلاد نتيجة «التوازن السلبي» الذي يَحكم البرلمان ورفض «الممانعة» ترْك هذا الاستحقاق يُدار بـ «نصاب عدَدي» والإصرار على «نصاب سياسي» لا يمكن فصلُ الامتداد الاقليمي عنه.

إقرأ ايضاً: «لكمة» جديدة لنتنياهو.. صفقة «سريعة» مصحوبة باستقالة الحكومة والتحقيق!

وفي حين كانت تَقاريرُ تشير إلى أن سفراء «مجموعة الخمس حول لبنان»، سيعقدون اليوم اجتماعاً لتنسيق الموقف في ما خص الأزمة الرئاسية تمهيداً للقاء مرتقب لـ «الخماسية» بممثليها المنتدَبين في إحدى عواصم أعضائها، علّها تنجح في إخراج هذا الاستحقاق من «ممر الفيلة» وفصْله عن حرب غزة، وفي موازاة الاقتناع القديم – الجديد بأن لا إمكان لاكتمالِ أي مسارِ حلّ من دون «الزائد واحد» أي إيران ومراعاة مصالحها في لبنان، هي التي لطالما أكدت تفويض «حزب الله» بالكامل «تقدير الخيار والقرار»، فإنّ ما «تطاير» من ساحة النجمة وسيُستكمل اليوم بدا بمثابة إشارة سلبية تُعاكِس أبعادَ الاهتمام الدولي المتصاعد بالواقع اللبناني في شقه المتعلّق بـ «خطر الحرب» الذي يطلّ من الجنوب كما بالانتخابات الرئاسية التي باتت «حلقة وصْلٍ» رئيسية مع أي ترتيبات تُعدّ لـ «اليوم التالي» لبنانياً.

لا إمكان لاكتمالِ أي مسارِ حلّ رئاسي من دون «الزائد واحد» أي إيران ومراعاة مصالحها في لبنان

وفي حين وصل أمس الى بيروت وزير الخارجية الإيطالي انتونيو تاجاني، غداة بدء وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس زيارة رسمية للبنان في سياق المتابعة الدولية للوضع جنوباً ومَخاطره، وعلى وقع إعلان وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو، من إسرائيل، انه «عندما نسبر العقول، نجد أن لا أحد، في تل أبيب ولا في القدس ولا في بيروت، يريد الحرب، والتحدي الحقيقي بالنسبة لنا هو ضمان عدم حصول التصعيد الذي قد يبدو حتمياً»، فإن مجلسَ النواب بدا «خارج النص» هو الذي ظهرتْ مختلف كتل المعارضة ومعها كتلة «لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) وكأنها «اقتيدت» للمشاركة في جلسةِ تشريع في كنف الشغور الرئاسي لاعتباراتٍ عدة، سواء للحؤول دون إصدار الحكومة «الموازنة الكارثية بمرسوم» أو لـ «تسجيل نقطة» في ملعب الحلفاء «القدامى» كما الخصوم، كما حال «التيار الحر».

وما أن افتُتحت الجلسة حتى نشب سجالٌ، حين تحدّث النائب ملحم خلف عن استحالة التشريع بغياب رئيس، وعن أن البرلمان بات هيئة انتخابية داعياً للاستفادة من وجود نصاب مكتمل للشروع في انتخاب رأس للدولة، فاعترض النائب (في كتلة الرئيس نبيه بري) قبلان قبلان وقال «إن هذه الجلسة هي لمناقشة الموازنة وليست من نوعٍ آخر».

بدوره، تدخل النائب التغييري فراس حمدان فاعترض على كلام قبلان، ليدخل على الخط النائب علي حسن خليل، قائلاً «لا نريد مسرحيات في مجلس النواب»… عندها، حصل سجالٌ بين الأخير وحمدان، فقال له خليل: «تافه، خلصنا بقا. مين شايفكن بالأول (…) مافيات… سكتنا على (…) ولاد صرلنا سنتين، مين قاريكن»؟

بدورها، ردّت النائبة بولا يعقوبيان على خليل بالقول: «فار من العدالة (في اشارة الى قضية تفجير مرفأ بيروت) وعم تحكي عن مافيات»؟

وفيما استُكملت «الملاكمة الكلامية» على منصة «أكس» بين خليل وعدد من نواب التغيير، حملت مداخلة النائب جميل السيد تحية الى رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان على جهوده في تعديل وإصلاح الموازنة، متوجّهاً اليه بالقول «إن شاء الله يكون تقرير النائب كنعان خطاب قسَم» (في غمز من محاولات طرح اسمه للرئاسة)، قبل أن يسمّيه خطأً «غازي كنعان» ويصحّح على وقع ضحك في مقاعد النواب «ما بتفرق… ما إنتو كنتو بسورية بعزّ الأزمة».

عندها، ردّ أحد النواب معلقاً: «الزمن الجميل»، في إشارة إلى زمن الوجود السوري في لبنان.

السابق
حداد يُطلق صرخة بوجه المعنيين: اكثر من ٥ مليارات للدولة على طريق الضياع!
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الخميس في 25 كانون الثاني 2024