هدنة انسانية في غزة؟ يا لحقارة العالم!

غسان صليبي

طالب قادة العالم
في الجمعية العمومية للأمم المتحدة،
ب”هدنة انسانية”
في غزة،
رفضتها إسرائيل،
كما رفضتها بلدان غربية.

تزامنا،
كانت أوروبا تتفق
على مطلب
“وقفات انسانية” لإطلاق النار،
بعد نقاش طويل
حول كلمتي “وقف” او ” وقفات”
على اعتبار أن كلمة “وقف”
تعني وقفا نهائيا،
في حين ان كلمة “وقفات”
تعني هدنة بعد هدنة.

تعبير “هدنة انسانية”
يدمج
بين مصطلحين،
“الهدنة” و”الانسانية”.

“الهدنة هي معاهدة
تهدف إلى وقف الأعمال العدائية
خلال الحرب
بين الأطراف المتنازعة،
ولكن الهدنة لا تعني نهاية الحرب
إنما هي فقط
وقف القتل لفترة زمنية محددة.”

الهدنة لا تدين الحرب
ولا العنف
ولا تطالب بوقفهما،
بل تعطي الحرب
متنفسا
تحتاج اليه
لمتابعة زخمها،
بحلة جديدة
وعنف اكبر.

مشروع “الهدنة الانسانية”
قُدّم من الاردن
بإسم المجموعة العربية،
التي كان من المفترض
أن يكون الحد الأدنى لمطلبها
هو وقف الحرب فورا
وادانة الاجرام الإسرائيلي،
كموقف مبدئي حازم
من قبلها،
حتى ولو ادت التسويات لاحقا
مع الغرب المتعنت
الى صيغة الهدنة
التي اقترحتها.

غالبا ما يجري اللجوء
الى الهدنة
لنقل القتلى والجرحى
من ميدان المعركة،
وهي أصبحت من قواعد
لعبة الحرب.

لكن الهدنة
لم تعد مقبولة
من إسرائيل وداعميها،
حتى لو كانت شرطا
من شروط استمرار الحرب،
بل أصبح القبول بها
يحتاج
في الحرب على الفلسطينيين،
الى حجة إضافية.

فكان لا بد من تسمية
هذه الهدنة
ب الهدنة “الانسانية”،
ليس للإستعانة بالمشاعر الانسانية
لوقف الحرب على الفلسطينيين،
بل لتجريد مطلب الهدنة
من اي معنى سياسي،
قد يُستدل منه
أن الحق
ليس بكليته
إلى جانب إسرائيل.

مع ذلك
لم ترضَ إسرائيل
وداعموها
بهذه التخريجة.

فربما كانت إسرائيل
تفضل تعبير
“هدنة حيوانية”
حتى تقبل بها،
بعد ان وصف احد قادة اسرائيل
الفلسطينيين
ب”الحيوانات البشرية”؟

أن يطالب العالم
ب”هدنة انسانية”
في غزة،
هو اعتراف منه
أن ما يجري في غزة
غير انساني،
وان العالم استقال
من مسؤوليته الانسانية،
كما انه دليل استسلام
أمام واقع
أن الحرب اصبحت القاعدة
والسلام استثناء،
وجل ما يستطيعه
هذا العالم
بنظره،
هو المطالبة بهدنة
أصبح عاجزا عن تبريرها
ولو انسانيا،
بوجه وحش
فقد كل مواصفات الانسانية،
وهو ينجز اليوم
رسالته التواراتية
المطوّبة من الغرب المسيحي
الاستعماري،
بإبادة الشعب الفلسطيني،
الذي بات يرمز
الى انسانية هذا العالم
التي تنازع…
وتقاوم.

السابق
جلسة لمجلس الوزراء في السراي.. ميقاتي: هناك سباق بين وقف اطلاق النار وتفلت الامور
التالي
«الجامعة الاسلامية» مسرحا لتحقيقات القضاء المالي.. هل تمتد التوقيفات لتطاول كبار المديرين؟!