البحث عن وطن من تكساس الى لبنان!

السفير هشام حمدان

صباح الخير من اوستن الجميلة عاصمة تكساس. اذا كنتم تذكرون اغنية وديع الصافي
خضرا يا بلادي خضرا
هكذا هي اوستن،
مدينة تلال وجبال غير مرتفعة تملأها الغابات على مد النظر
كلها خضراء.

الحياة فيها كالحياة في قرى لبنان. كل المناطق اشبه بقرى مترامية على اكتاف التلال. لكنها تتمتع بتنظيم مدني رائع ف”القرى” كلها بيوت منسقة وشوارع منظمة. هنا يشعر المرء بقيمته كإنسان. الدولة هي التي تلاحق شؤونك. تذكرك بمصالحك. تقدم لك كل الوسائل لتنظيم امورك عبر الهاتف او عبر التواصل الرقمي. لا حاجة للوقوف طوابير امام المؤسسات الحكومية. الناس تضحك ولا وجوم على الوجوه. كل في شأنه ولا احد يتربص بالاخر ، لا أحد يجرؤ على اهانة الاخر ولا التطاول على الاخر. الكل يحترم الآخر.

هنا وجدت ان الانسان هو القيمة الاغلى في حياتنا. جني المال يصبح سهلا اذا ساد احترام الانسان في علاقاتنا.
هنا لا حاجة لأحد كي يقف على ابواب هذا وذاك من اجل حقوقه.
تصوروا انني كنت اعتقد تماما انني اقفلت حسابي في شركة تأمين واذ تعلمني احدى الشركات ان لي مبلغ عائد لي من فوائد التأمين. لم تسرق الشركة حقي بل اعطته لحكومة الولاية التي تحفظه الى حين مراجعتي.
انا ابحث عن وطن، وطن لا يقوم على المطاعم والمناظر الجميلة، فكل العالم فيه مطاعم ومناظر جميلة،
وطن يحترم انساني وقيمتي الإنسانية.

بالطبع لم اترك لبنان بل اسعى ان يكون وطن الانسان اولا.
كم اشعر باشمئزاز من الذين يعتقدون انهم فعلا الأقوى وانهم يستطيعون تغيير العالم.
لا يغير الله في شعب ما لم يغيروا ما في انفسهم.
لذلك كله نذرت نفسي لان اكون وسيلة تنقل المعرفة الى اهل لبنان.

لنخرج من عتمة الحلم المظلم كي نرى العالم بواقعه.
هنا الكنائس تملآ البلاد ولكننا لا نشعر بها فهي غير موجودة في حياتنا اليومية.
هنا يمارسون الايمان كحق من الحقوق الاساسية للمواطن ولكن كحق من الحقوق الشخصية وليس الوطنية.
احزن لكل طائفي يعتقد ان تقدمه يكمن في فلسفته الدينية. ونسأل انفسنا لماذا نحن شعوب تجتر الهزائم .
حتى احاسيسنا الوطنية النبيلة تحولت الى تعصب اعمى ولم نعد نقبل ان نطورها وفقا لآليات الزمن. ما زلنا نسكن مرحلة الماضي فيما العالم يسير سريعا الى عالم الذكاء الاصطناعي.

بكل محبة

السابق
بغارة أميركية.. مقتل قائد تنظيم «داعش» في سوريا
التالي
احتدام الأمور مع «حزب الله».. اسرائيل تنشر القبة الحديدية