فوز أردوغان.. جدارة في قيادة تركيا وتحويلها الى قوة اقليمية

اردوغان
فاز الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، على منافسه كمال كليتشدار أوغلو وبات أول رئيس في تاريخ البلاد يتم انتخابه 3 مرات متتالية. ولا شك ان هناك اسبابا موضوعية رجحت كفة الفوز أهمها جدارة أردوغان القيادية، عبر نجاحه في قيادة الأمة التركية في أحلك الظروف التي تمر بها المنطقة، وكذلك نجاحه في معركة الانماء الداخلي وتحويله تركيا الى دولة اقليمية كبرى.

قالت “رويترز” إن فوز إردوغان يؤكد أنه لا يزال يحتفظ بتأثيره على ملايين الأتراك بعد 21 عاما في السلطة، إذ يعتقد كثيرون أنه الرجل الأنسب لحل المشكلات التي يقول منتقدوه إنه صنع جزءا منها بنفسه.

فوز إردوغان يؤكد أنه لا يزال يحتفظ بتأثيره على ملايين الأتراك بعد 21 عاما في السلطة إذ يعتقد كثيرون أنه الرجل الأنسب لحل المشكلات

وفي حديثه بعد الانتخابات من إسطنبول، وجّه أردوغان نداءً لجماهيره، عن استكمال المسيرة واستعادة رئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة في الانتخابات البلدية المقررة في آذار 2024 .وأكد انه رئيس لكل تركيا وليس لمن يناصره فقط من الشعب، وأن التعامل مع الوضع الاقتصادي وحل مشاكل زيادة الأسعار والتضخم، ستكون من أهم المسائل على أجندته، بالإضافة إلى إعادة الإعمار في مناطق الزلزال.

العزي: نجاحات أردوغان أهلته للفوز

خالد العزي

الاستاذ في القانون الدولي الدكتور خالد العزي كان قد توقع فوز أردوغان بفارق مريح بين 2 الى 3 في المئة، ورأى ان “سياسة أردوغان التي ادت الى فوزه في الانتخابات هي سياسة ليبرالية قومية بالدرجة الاولى وهو يستخدم الاسلام كرابطة للهوية الاجتماعية، وقد اهتم بداية بالاصلاح الاداري والاقتصادي وعندما نجح بذلك، جعل تركيا دولة اقليمية كبرى لها ثقلها على الخارطة الدولية”.

ولفت العزي الى ان “الانتخابات كانت ديموقراطية لم يشكك أحد في نزاهتها، وهذا يظهر علو مستوى الشفافية، مع ان اسطنبول صوت غالبية سكانها لصالح مرشح المعارضة، فإن العاصمة أنقرة وغالبية مدن وقرى الأناضول الآسيوي حتى التي تعرضت للزلزال اخيرا وسقط فيها الاف الضحايا، اعطت اصواتها لأردوغان لثقتهم انه يستطيع تعويض الخسائر واعادة اعمار ما تهدم”.

واكد ان” سر النجاح في سياسة أردوغان الخارجية هو حفاظه على موقع بلده الاستراتيجي، واستغلاله بشكل حكيم التوازنات الدولية، فلم تنجح اميركا في عهده بتحويل تركيا الى بلد تابع لها دون قيد أو شرط، بدليل انه عقد صفقة مع الروس وابتاع منهم بطاريات صواريخ أرض جو متطورة أس 400 رغم المعارضة الاميركية”.

سر نجاح سياسة أردوغان هو محافظته على موقع بلاده الاستراتيجي واستغلاله بشكل حكيم في التوازنات الدولية

وتابع:”وعندما رفضت اميركا تسليح تركيا بطائرة الشبح المتطورة أف 35، ردّ أردوغان بتقوية الشراكة مع روسيا، وهذه الشراكة استغلها أحسن استغلال في الحرب الاوكرانية التي اندلعت قبل عام ونصف ومنع الاسطول الروسي من عبور مضيقي البوسفور والدردنيل، فأصبحت تركيا هي المعبر الوحيد باتجاه البحر الاسود، تتحكم بحركة النفط وتصدير محصول القمح من الدولتين المتحاربتين”.

وأضاف”: فلم يرضخ أردوغان للاميركيين والاروربيين بمواكبة فرض العقوبات الاقتصادية على موسكو، ولكنه بالمقابل دعم أوكرانيا بالطائرات المسيرة، التي كان لها أثر حاسم في افشال الهجوم الروسي الأول على العاصمة الاوكرانية كييف، واصبحت بعد ذلك اسطنبول مركزا للحوار حول الازمة الاوكرانية يأتي الوفد الاميركي ليلتقي الوفد الروسي فيها من اجل تقريب وجهات النظر وبرعاية تركية”.

تهافت منطق المعارضة

بالمقابل، بحسب العزي، فان “الاحزاب المنافسة التي تطالب بتعزيز الحريات والعدالة للأقليات واستكمال الديموقراطية وتبييض السجون، فانها رغم احقية تلك المطالب، لم تستطع بأدائها الضعيف سوى اثارة العصبيات الأقلوية واستخدام شعارات شعبوية، وقد ثبت بنتيجتها ان الاكراد لا يمكنهم التحالف مع العلويين مثلا، وهو ما ظهر في صناديق الاقتراع في مدينة أزمير ذات الاغلبية الكردية التي اعطت غالبية اصواتها لأردوغان، وذلك بسبب الثقة بقيادته الجامعة والقادرة على حلّ الأزمات في البلاد، لا سيما الاقتصادية منها، وكذلك الثقة بانه وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه نجح في المزاوجة بين الدين والعلمانية والقومية ، ورغم بعض الاخطاء فانه يظل أقرب لتحقيق المطالب الوطنية الانفة الذكر.

اما عن مستقبل تركيا في الولاية الثالثة لأردوغان التي سوف تتجاوز الربع قرن من السنوات، فيختم العزي، “أن أردوغان الذي حوّل بلاده الى قوة اقليمية كبرى بعد نجاحه بمعركة التنمية الاقتصادية في جميع القطاعات، سوف يستخدم ثقل بلاده الاستراتيجي كقوة اسلامية تقدمية معتدلة تنشر مفاهيم الديمواقراطية والعدالة وحقوق الانسان، وتقود باتجاهها شعوب العالم الاسلامي كافة، وستكون تركيا أردوغان القوة الدافعة التي لا يمكن لاميركا والغرب الا الاعتماد عليها، ان كان على صعيد عضويتها في حلف الناتو، ام في الوساطة مستقبلا مع موسكو من اجل المساعدة على حلّ الأزمة الاوكرانية”.

السابق
المجلس الدستوري يُقرّر ردّ الطّعون في الإنتخابات البلدية
التالي
بعدسة «جنوبية»: اعتصام لنقابة مستوردي السيارات المستعملة.. لهذا السبب