لبنان من القعر الى جهنم.. ولا من «يتحاورون»!

يختلف لبنان الوطن عن لبنان السياسة، فالشعب اللبناني يتوه فيما بين الوطن والسياسة، فمتاهات السياسة اللبنانية اشد قوةً, من وطنية اللبنانيين التواقين الى المواطنة، بعيداً عن احزاب المذاهب والطوائف، الذين يُذكون نار الطوائف والمذاهب، لتحقيق مآرب خاصة للزعيم وحاشيته وبعض النافذين، على حساب عموم ابناء الوطن لأي طائفةٍ إنتموا.

فلبنان ومنذُ تأسيسه في العام ١٩٢٣، محكومٌ بتوازناتٍ دقيقة جداً، طائفية ومذهبية، وفي كل مرةً يُحاول اللبنانيون الخلاص من عبودية الطوائف والمذاهب، تأتي قوى خارجية او داخلية، مؤيدةٍ من قوى خارجية فتُعيدهم الى مساكن الطوائف ومذاهبها، والحياة السياسية اللبنانية تعجُ كثيراً بأمثلة على محاولات الإفلات من السجن الطائفي المسكونين به للخروج الى المواطنة التي تحمي لبُنان، وتُساهم في بناء وطن حقيقي يعيش فيه أبناؤه بمساواة، في ظل قانون ودستور يُطبق على جميع ابنائه.
منذ ثلاثةُ سنوات، يعيش لبنان في ظل ازمة حقيقية سياسية واقتصادية واجتماعية، لم يسبُق ان عاشها اللبنانيون مُنذ ولادة لبنان.

الجميع بما فيهم حزبُ الله يعيش مأزقاً حقيقياً، يتطلب لا بل يفرضُ عليهم جميعاً التنازل لمصلحة لبنان وشعبه

إذن لُبنان اليوم يعيش ازمةً غير مسبُوقة، وبالتالي مطلوب من السياسيين والقيادات اللبنانية،، والذين تكرست زعامتهم وقوة احزابهم على إثر انتخابات ايار الماضي من جديد، ان يتحلوا بالواقعية السياسية ويتواضعوا، ويتنازلوا عن طوباوياتهم واحلامهم، ويترجلوا لدخول حوار حقيقي حول اي لبنان نُريد، واي سياسة يجب تطبيقها.
فالجميع بما فيهم حزبُ الله يعيش مأزقاً حقيقياً، يتطلب ، لا بل يفرضُ عليهم جميعاً التنازل لمصلحة لبنان وشعبه، بدل التلهي برفاهية الوقت، والذي لم يعُد احداً في لبنان يمتلكه، فالوقت داهم والازمات متصاعدةٌ حِدتها يوماً بعد يوم، لا بل ساعةً بعد ساعة، بدءاً من انهيار العملة الوطنية امام الدولار وباقي العملات، الى الغلاء الفاحش ودخول اكثرية اللبنانيين دون خط الفقر.

لا مهرب من الحوار ، ولا خلاص للبنان من دون الحوار والتواصل ما بين ابنائهِ

لبنان هذا محكومً بالتسويات السياسية بين طوائفه وممثليها من احزاب ، وتياراتٍ وتجمعات يختلطُ فيها السياسي بالديني الطوائفي المذهبي. لذلك ، لا مهرب من الحوار ، ولا خلاص للبنان من دون الحوار والتواصل ما بين ابنائهِ لايةِ جهة سياسية او دينية انتموا ، ولا مناص او غِنا عن الحوار. والمستغرب حقاً ان بعض لا بل اكثرية القيادات والزعامات اللبنانية، ترفض الدعوات للحوار محلياً، بينما حين يأتي القرار خارجياً فينتظموا جميعاً ويذهبون مزهوين برضا الخارج، فيتحاورون ويتوصلون الى نتائج تُرضي مصالحهم وطموحاتهم، وتساير هواجسهم على مناصبهم ومراكز طوائفهم فيعودا مُبتهجين بما حصلوا عليه، بينما الحوار محلياً مرفوض بنظرهم ولايُنتج حلولاً.

هذه السياسة التي تنتهجها القيادات اللبنانية بأكثريتها، اوصلت لبنان للخراب والى قعر جهنم، والحوار الخارجي يفرض شروطاً وحلولاً مرحلية، تُعطي البلاد بعضاً من الهدوء، على امل ان تأتي الانتخابات المقبلة وتحملُ معها التغيير الحقيقي الذي ينشُدهُ اللبنانيون التواقون لحضن الوطن، والعيش في وطنٍ حقيقي، بعيداً عن الانقسامات المذهبية وللطوائفية البغيضة، التي تحكم السياسة الحالية.

السابق
بعد القرار التعسفي لوزير العدل بحق القاضي قردوحي.. دعوة للمجتمع المدني للتأهب والتحرك الفوري
التالي
«جنوبية» ينفرد بنشر إقتراح قانون الاحوال الشخصية «التغييري»