العمال اللبنانيون بلا عيد.. متى تُسترجع ودائعهم المحتجزة؟

متظاهرة تضع كمامة للوقاية من فيروس كورونا مع عودة التظاهرات الى لبنان (EPA)
في الأول من أيار يحتفل العالم أجمع بعيد العمال العالمي، وهو اليوم الذي ينبغي فيه تقدير جهود العمال في البناء واستمرار دورة الحياة، وتهيئة أسباب النمو والتقدم والتطور في كيانات الدول، فالقوة الصناعية والزراعية تستند لجهود هؤلاء، كما أن الحياة لا تنتظم في دورتها إلا بحركتهم ..

لقد وضعت الدول العديد من القوانين لحفظ حقوق العمال، فأمنت لهم الضمانات للحياة الكريمة في الاستشفاء والدواء والغذاء والبحبوحة في السيولة النقدية لتأمين نفقات حياتهم الاجتماعية، وحددت لهم ساعات دوام العمل منعاً من استغلال الأجير.

ففي المجتمعات الصناعية المتقدمة في الدول المتقدمة، تم تحديد ساعات عمل الأجير في المصانع الكبرى بثماني ساعات يومياً، لأن أي زيادة في معدلات ساعات العمل بأكثر من هذا الحد، سوف تؤدي إلى خلل في نظام حياة العمال الاجتماعية، فالعامل سوف لن يتمكن حينها من إقامة علاقات اجتماعية، وسيختل نظام حياته بإجهاده في العمل بأزيد من هذا المعدل، وقد التفتت المجتمعات الصناعية في الدول المتقدمة، لهذا الأمر من خلال الدراسات السيكولوجية والسسيولوجية التي وضعتها مراكز الأبحاث الجامعية ..

ودائع العمال المحتجزة

وفي بلادنا تعم الفوضى في هذا الجانب، خصوصاً في لبنان الذي يعاني من أزمة الأزمات مع العمال، وهي أزمة أكل حقوقهم وتعبهم عبر الجريمة المنظمة، التي ارتكبتها البنوك التجارية اللبنانية قبل أربع سنوات بالتآمر من مصرف لبنان المركزي الذي قنن القوانين ووضع التعاميم لهضم العمال حقوقهم، بوضع اليد على ودائعهم في البنوك، واغلبها تعويضات نهاية الخدمة للعمال وجنى العمر، وحصيلة تعب عقود من الزمن، وهي المدخرات التي كان العمال يأملون الاعتماد عليها عند عجزهم عن العمل، أمام عدم تقديم الدولة لأية ضمانات تضمن لهم حياة شيخوخة كريمة ..
فمتى تحتفل الدولة اللبنانية بعيد العمال الحقيقي، يوم تُعيد للعمال ودائعهم التي لهم في ذمة البنوك التجارية، وهو ما ينتظره البنك الدولي منها وصندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي، والمنظمات الاقتصادية والمالية والنقدية العالمية، حتى تعود الثقة للنظام النقدي والمالي المصرفي اللبناني ؟

تم وضع اليد على ودائع العمال اللبنانيين في البنوك واغلبها تعويضات نهاية الخدمة وجنى العمر، وحصيلة تعب عقود من الزمن

يقول الخبراء الاقتصاديون، إن أي حل خارج هذا الإطار، سوف لن يعيد الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها، فسياسة عفا الله عما مضى، التي تحاول جهات في الحكم والإدارة في لبنان تمريرها في هذا الملف، لن تنجح في إنشاء العمال اللبنانيين للتفكير في مصير تعبهم، من الودائع في البنوك التجارية اللبنانية، هذه الودائع التي كانت منذ بداية الأزمة تقدر بحدود 175 مليار دولار أمريكي، قبل الأزمة النقدية والمالية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد قبل أربع سنوات، وانخفضت معدلات هذه الودائع بالسياسات المالية العدوانية إلى حدود 85 مليار دولار حالياً، بحسب تقديرات الخبراء الأولية والمؤسسات المالية ..

عيد العمال اللبناني الحقيقي يكون يوم ترسم الدولة اللبنانية خطة مالية نقدية لإرجاع ودائع العمال اللبنانيين في المصارف فتعود إلى أصحابها

فعيد العمال اللبناني الحقيقي يكون يوم ترسم الدولة اللبنانية خطة مالية نقدية اقتصادية جدية – ولو تدريجية ومرحلية – لإرجاع ودائع العمال اللبنانيين في المصارف، فتعود إلى أصحابها الكادحين ..
وهكذا نحتفل بعيد العمال في لبنان ..

السابق
غزة والحرب الأكاديمية
التالي
نستعد لهجوم في الشمال.. تصريح اسرائيلي خطير