بعدسة «جنوبية»: دريان «متفائل».. ويُحدّد مواصفات الرئيس!

“لا بد من رئيس جديد وأنتم المسؤولون عن حضوره أو إحضاره وستكونون في طليعة المسؤولين عن غيابه لأي سبب كان”، هكذا توجّه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان للنواب السنة في اللقاء الذي أقيم في دار الفتوى حيث حمّلهم مسؤولية انتقاء رئيس للجمهورية وفق “مواصفات” واضحة حدّدها وهي الحفاظ على ثوابت الطائف والدستور والعيش المشترك وشرعية لبنان الوطنية والعربية والدولية وإنهاء الاشتباك بشأن الصلاحيات والاتصاف بصفات رجل العمل العام والحكمة والمسؤولية الوطنية.

في اللقاء الذي تم عقده بعد العديد من التجاذبات وتمنّع بعض النواب السنة من المشاركة فيه، شدد دريان على عدم المسّ بصلاحيات رئاسة الحكومة وعلى الجميع العمل لتسهيل مهمة الرئيس المكلّف، وقال:” ونتفاءل خيراً بتشكيل حكومة”.

أضاف: “أردنا جمع الشمل على أهداف وطنية سامية فوطننا في خطر ودولتنا في خطر ومواطنونا في أقصى درجات البؤس وهمي ان يكون لنا صوت واضح”.

وتابع :”أردت ان نكون يداً واحدة وصوتاً واحداً في تحقيق ما يصبو إليه الناس جميعا من تشكيل حكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية لمعالجة الأزمات التي يعانيها المواطنون على المستويات كافة”.

واعتبر دريان أن “رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وهو الرئيس المسيحي الذي يرمز للعيش المشترك وينظر إليه العرب باعتراف وتقدير بأنه الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي”.

وإليكم الكلمة كاملة: 

الحمدُ للهِ ربِ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أنبياءِ ورسلِ اللهِ أجمعين، وعلى شفيعِنا ونبيِّنا وقدوَتِنا محمد خَاتمِ الأنبياءِ والمُرْسَلين، وعلى آلهِ وأصحابِهِ أجمعين، ومنْ تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.

وتوجه الى النواب بالقول: “أشكُرُكم جميعاً على الحُضورِ إلى هذه الدَّارِ العَامِرَةِ بِكُم . لقدِ اعْتَادَتِ الدَّارُ على أنْ تَكونَ حَاضِرَةً وَمُؤثِّرةً في الأَحدَاثِ الوَطَنِيَّة ، التي تَمَسُّ الصَّالِحَ العامَّ لِلمُواطِنِين، وَكيفَ تُؤثِّرُ إيجاباً إلاّ بِكُمْ، أنتمُ الذين يَنبَغِي أنْ تُمَثِّلُوا النَّاسَ بَعدَ انتخاباتٍ صَعبةٍ وَسَطَ هذه الكَارِثَةِ التي لم يَشْهَدِ الوَطَنُ مَثيلاً لها مِنْ قَبل. فنحن نَجتَمِعُ اليومَ لِهَدَفٍ هو أبعدُ ما يكونُ عَنِ الضِّيقِ الطَّائفِيِّ أوِ المَصلَحِيّ. لقد أردتُ جَمْعَ الشَّمْلِ على أهدافٍ وَطَنِيَّةٍ سامية. ونحن في الأصلِ أَهْلُ شُورَى وتعاوُن. فعلينا بِالوَحدَةِ مَهمَا اخْتَلَفَتْ آراؤنا ، وَطنُنا في خطر. ودَولتُنا في خَطَر. ومُواطِنُونا في أَقْصَى دَرَجَاتِ البُؤس. وَالمَسؤُولِيَّاتُ مُشتَرَكَة . وَأَردْتُ أَنْ نَكونَ يداً وَاحِدةً، وَصَوتاً واحِداً فِي تَحقِيقِ مَا يَصبُو إليه النَّاسُ جميعاً، مِنْ تَشكِيلِ حُكُومة، وَانْتِخَابِ رَئيسٍ جَديدٍ لِلجُمهُورِيَّة، لِمُعَالَجَةِ الأَزَمَاتِ التي يُعانِيهَا المُوَاطِنُ على المُستَوَيَاتِ كَافَّة،  اِقتصادِيَّةً وَاجْتِمَاعِيَّةً وَمَعِيشِيَّةً وَتَنمَوِيَّة. ولا شكَّ في أنَّ هناكَ كَثِيرِينَ بَينَ السَّادَةِ النُّوَّاب، مِمَّنْ يُمكِنُ أنْ تَتَعَاوَنُوا وَإيَّاهُمْ، على جَمْعِ الكَلِمَةِ على الرَّئيسِ الجَدِيدِ المُؤَهَّل. همِّي أنْ يكونَ لنا صَوتٌ وَاضِح، حَسْبَمَا هي تَقالِيدُنا وَأعْرَافُنا في تَشكِيلِ اللُّحمَةِ الوَطَنِيَّة ، في أَصعَبِ التَّحَدِّيَاتِ وَالظُّرُوف”.

أضاف: “لا يَخفَى عليكُمْ أنّ البَقَاءَ لِلأَوطَانِ وَالدُّوَل ، مَنُوطٌ بِفَعَالِيَّةِ مُؤَسَّسَاتِها الدُّستُورِيَّة ، وَعَلى رَأْسِهَا رِئاسةُ الدَّولة. فالرَّئيسُ هو رَمزُ البِلاد ، وَحَامِي دُستُورِها الذي عليه يُقْسِم؛ وأُشِيرُ هُنَا إلى الأَهَمِّيَّةِ الفَائقَةِ لِمَنْصِبِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّةِ في لُبنانَ بِالذَّات، فَالرَّئيسُ المَسِيحِيّ، رَمزٌ وَوَاقِعٌ لِلعَيشِ المُشتَرَك، الذي يَقُومُ عليه النِّظَامُ الذي اصْطَلَحَ عَليهِ اللبنانيون. وَيَنظُرُ إليهِ العَرَبُ بِاعترافٍ وَتَقدِيرٍ لِلتَّجْرِبَةِ اللبنانية، لأنَّهُ الرَّئيسُ المَسِيحِيُّ الوَحِيد، في العَالَمِ العَرَبِيّ. إنّ رَئيِسِ الجُمهُورِيَّةِ في النِّظَامِ السِّيَاسِيِّ اللبنانِيّ، هو رَأْسُ المُؤَسَّسَاتِ الدُّسْتُورِيَّةِ القَائمَة. ولا يَنْتَظِمُ عَمَلُهَا وَلا يَتَوَازَنُ إلاّ بِحُضُورِه، مِنْ خِلالِ انْتِخَابِ مَجلِسِ النُّوَّابِ له. ولِضَرُورَاتِ انْتِخَابِ رَئيسٍ جَديد ، ينبغي الحِفاظُ في الفُرصَةِ الأَخِيرَةِ على وُجُودِ النِّظَامِ اللبنانِيّ ، وَسُمعَةِ لُبنانَ لَدَى العَرَبِ وَالدَّولِيِّين . فقد تكاثَرَتِ الأَزَمَات، وَتَكَاثَرَتْ الاستثناءَات ، وَتَكَاثَرَتْ حَالاتُ الغِيَابِ أَوِ الضَّعف ، أو الانْسِدَادِ في سَائرِ المُؤَسَّسَاتِ وَالمَرَافِق، بِحَيثُ دَخَلْنَا في وَضْعِ الدَّولةِ الفَاشِلة، وَنَحنُ سَائرونَ بِسُرعَةٍ بِاتِّجَاهِ اللادَولَة؛ وَيُوشِكُ العَرَبُ وَالعَالَم ، أَنْ يَتَجَاهَلُوا وُجُودَ لبنان، بِسَبَبِ سُوءِ الإِدَارَةِ السِّيَاسِيَّةِ على كُلِّ المُستَوَيَات. لا بُدَّ مِنْ رَئيسٍ جديدٍ لِلجُمْهُورِيَّة، وَأنتُمُ المَسؤولون عن حُضُورِهِ أَو إحضَارِه ، وستكونون في طَلِيعَةِ المَسؤولين عَنْ غِيابِهِ لأيِّ سببٍ كان . لا بُدَّ مِن رئيسٍ جديدٍ يُحافظُ على ثوابتِ الوَطَنِ والدَّولة ، فَيَا أيُّها النُّوَّابُ الكِرام ، ساهِمُوا- وهذه مسؤولِيَّتُكُم – في التغيير، وفي استعادَةِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّة ، لاحْتِرَامِها وَدَورِها بِالدَّاخِل، وتُجاهَ الخارج”.

وتابع: “الرَّئيسُ الذي نُرِيدُهُ جميعاً مُوَاصَفاتُهُ وَاضِحَة، وَأنتُمْ جَمِيعاً تَعرِفُونَها أَكْثَرَ مِنّي. المُواصَفَاتُ هي:

أولاً: الحِفَاظُ على ثَوَابِتِ الطَّائفِ وَالدُّستُور، والعَيشِ المُشتَرَك، وَشَرعِيَّاتِ لُبنانَ الوَطَنِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالدَّولِيَّة. وَلا يُمكِنُ التَّفرِيطُ بها مَهمَا اخْتَلَفَتِ الآرَاءُ وَالمَواقِفُ السِّيَاسِيَّة، لأنَّهَا ضَمَانَةُ حِفظِ النِّظَامِ وَالاسْتِقرَارِ وَالكِيانِ الوطني.

ثانياً: إنهاءُ الاشتباكِ المُصَطَنَعِ وَالطَّائفِيِّ والانقِسَامِيِّ بِشَأْنِ الصَّلاحِيَّات، وَالعَودَةُ إلى المَبدَأِ الدُّستورِيِّ في فَصلِ السُّلُطاتِ وتعاوُنِها.

ثالثاً: الاتِّصَافُ بِصِفاتِ رَجلِ العَمَلِ العَامِّ الشَّخصِيَّةِ والسياسية، لأنّ رَجُلَ العَمَلِ العَامِّ – كما يقولُ عُلماءُ السِّيَاسَة- تَحكُمُهُ أخلاقُ المُهِمَّة، وأخلاقُ المسؤولية.

رابعاً وأخيراً: الاتِّصافُ بِالحِكْمَةِ والمَسْؤوليةِ الوَطنيةِ والنَّزَاهَةِ، وبالقدرةِ على أن يكونَ جَامعاً للبنانيين، والانصرافُ الكُليُّ مَعَ السُّلُطاتِ الدُّستُورِيَّةِ والمُؤَسَّساتِ والمَرَافِقِ المُتاحَة، لإخراجِ البِلادِ مِنْ أزَمَاتِها، وَمَنْعِهَا مِنَ الانهيارِ الكامِل. لا بُدَّ مِنْ رئيسٍ بِهذِهِ الصِّفَات. أو نَتَفَاجَأُ بِاختفاءِ النِّظَامِ ثُمَّ الدَّولة!”.

وقال: “البلدُ يَمُرُّ بِمَخَاطِرَ كبيرة، مِمَّا يَقتَضِي مِنَّا تَعزِيزَ وَحدَةِ الصَّفِّ الإسلاميِّ وَالوَطَنِيّ، وَنَدعُو إلى عَدَمِ المَسِّ بِصَلاحِيَّاتِ رِئاسَةِ الحُكومَة، وَالعَمَلِ مَا بِوُسْعِنَا كي نُسَاعِدَ الرَّئيسَ المُكَلَّفَ لِتَسهِيلِ مُهِمَّتِه، هذه مَسؤوليَّةٌ مُشتَرَكَة، تَقَعُ على عَاتِقِ الجميع، ونحْنُ نَتَوَسَّمُ ونَسْتَبْشِرُ خَيْراً بَتَشْكِيلِ الحُكومةِ العَتِيدَةِ بالسرعةِ المُمْكِنةِ وفي الأيامِ القَليلةِ المُقْبِلة، لأنَّ وَطنَنَا لبنان يحْتَاجُ في هذه الظروفِ القَاسِيةِ والصَّعْبَةِ إلى حُكُومَةٍ كاملةِ الصَّلاحِيَّات، لا إلى بقَاءِ حكومةٍ لتََصْرِيفِ الأعمال”.

وشدد على ان “لبنانُ لا يَقومُ إلا بِالتَّوَافُق، وَلا خَلاصَ إلا بِوَحدَتِه ، بَعِيداً عَنِ التَّشَنُّجِ وَالخِطَابِ الطَّائفيّ ، وَالشَّحْنِ التَّحرِيضِيِّ .فَلْنَكُنْ لِوَطَنِنَا وَشَعبِنا لِيَبقَى وَطَنُنَا لنَا، وَيَثِقَ شَعبُنَا بِنَا. لا بُدَّ – وَبِإرَادَتِكُمْ وَأَصوَاتِكُمْ – مِنْ رَئيسٍ جديدٍ، نَستَطِيعُ أنْ نَثِقَ بِهِ لِأمَانَتِه لِلدُّستُورِ واتقاقِ َالطَّائف، وَالعَيشِ المُشتَرَك ، وَهُوِيَّةِ لبنانَ العَرَبِيَّة ، وَعَلاقاتِهِ الدَّولِيَّة؛ والنَّزَاهَةُ أهمُّ صِفَاتِه. نحن نُرِيدُ رَئيساً لا يكونُ هُوَ جُزءاً مِنَ المُشكِلَة، أو سبباً فيها. وشُكراً لِحُسنِ اسْتِمَاعِكُم، وَهياَّ لِلتَّشَاوُر، لِتَجَاوُزِ الحَيرَةِ والاحْتِقَان، وَصَونِ وَطَنِنَا وَاسْتِقْرَارِنا، واسْتِقْلالِنَا، وَحَيَاةِ مُوَاطِنِينَا”.

وفي الختام، عقدت جلسة مغلقة دار فيها نقاش بين النواب والمفتي دريان.

إقرأ أيضاً : لقاء دار الفتوى ينعقد اليوم على «نية» إنتخاب الرئيس..وتسمية «الوزيرين» تعرقل التأليف!

السابق
آخر أيام أيلول.. هل ترتفع الحرارة؟
التالي
«عشائر وادي خالد» عن حادثة الهلالية : لا نترك دمنا يذهب هدراً!