بعد إفتراق 50 عاماً..حزبان يندمجان بعد إنشقاق في عز تراجع اليسار!

خلال اعلان دمج الاشتراكي الديمقراطي الشعبي العربي
يعيش اليسار التقليدي في لبنان، ذروة في ازمته السياسية والاجتماعية وحتى الفكرية، بعد الانتكاسات المتواصلة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، أواخر ثمانينات القرن الماضي. ومع كل يوم يمضي، يسجل فيه تراجع إضافي في قوة وقدرة هذا اليسار المنقسم بين يسار تقليدي يطلق عليه ( ممانع ) ويسار يتهم بمجاراة ( الإمبريالية ).

وفي أوج هذا التشرذم، تسعى قوى يسارية في كل محطة من المحطات السياسية ومنها الانتخابات النيابية إلى لملمة صفوفها، لكنها سرعان ما تعود الى الافتراق، على خلفية تصنيفاتها لقوى السلطة، وصولا إلى الاصطفافات الدولية والمحاور الإقليمية.

وسط هذا الواقع المأزوم ، محاولة جديدة من يساريي ما يعرف بالممانعة في لبنان ، تجديد انفسهم عملانيا وتقوية صفوفهم للعب دور فاعل في الحياة السياسية، وربما مواجهة ما يسمونه “اليسار الانتهازي” ، المرتبط بالأجندة الأميركية.
فحزب العمل العربي الاشتراكي، الذي يحمل أفكارا ماركسية ، وخمد على الساحة اللبنانية منذ منتصف الثمانينات، أطلق مع الحزب الديمقراطي الشعبي مشروعا للاندماج، بين الحزبين اللذين انفصلا عن بعضهما البعض العام ١٩٧٢، على إثر انشقاق حصل في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان يقودها الدكتور جورج حبش، نتج عنها خروج قيادات من الحزب إلى حزب مواز، استمر يحمل الاسم نفسه، حتى العام ١٩٧٩، حيث تم الفراق الكامل وتأسيس تنظيم آخر باسم الحزب الديمقراطي الشعبي ، يتبنى الافكار الاشتراكية والماركسية عينها ، برئاسة نزيه حمزة، وهو رئيس لبلدية عبيه في جبل لبنان من العام ١٩٧٢ .

حشيشو: مسار الاندماج جزء من سياق عملية ثابتة لتحقيق الوحدة التامة حيث تم الاتفاق على تشكيل هيئة قيادية مشتركة بين الحزبين


أسس هذا الحزب العراقي هاشم علي محسن، العام ١٩٦٩ وهو من رفاق الأوائل في حركة القوميين العرب، أمثال جورج حبش وديع حداد، وابو ماهر اليماني ومحمد الزيات وأخرين، وكان الحزب متواجدا ( تنظيم ) في العراق والأردن وسوريا ولبنان والجزيرة العربية.

وتم تأسيس حزب العمل العربي الاشتراكي في لبنان العام ١٩٧٢، وعقد مؤتمره الأول في اب من العام نفسه.

إقرأ ايضاً: «حزب الله» يتفرج على الإنهيار حتى رحيل عون..و«إبتزاز كهربائي» بالعتمة او «دولرة التعرفة»!

وكان حزب العمل ، وهو لصيق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وما يزل إلى الآن، واحدا من فصائل الحركة الوطنية اللبنانية، حتى العام ١٩٨٢ وانخرط بشكل فعال في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ( جمول) فسقط عدد من الشهداء في صفوفه ، وانكفأ عن العمل السياسي، بما يشبه حل نفسه في النصف الثاني من الثمانينات ، في حين استمر الحزب المنشق ( الحزب الديمقراطي الشعبي ) بنشاطه السياسي والشعبي، وصولا إلى مشاركته الفعالة في التحركات الشعبية وآخرها ثورة ١٧ تشرين، إلى جانب دوره في جبهة المقاومة الوطنية.

وقد أعلن الحزبان “الديمقراطي الشعبي” و”العمل الاشتراكي العربي في لبنان” إطلاق مسارٍ للاندماج وصولًا الى تأسيس حزب جديد بهوية اشتراكية علمية، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده الحزبان في قاعة عروس البحر في بيروت.

خضرا

وأوضح عضو قيادة حزب العمل الاشتراكي العربي يوسف خضرا ، أحد أبرز وجوه نادي التضامن في مدينة صور ، إنّ إطلاق مسار الاندماج هو ثمرة لنقاشات استمرت لسنوات بين الحزبين بهدف الوصول إلى الوحدة التامة.

وأضاف ل “جنوبية” ان “الجذور بيننا مشتركة ومنبعنا الفكري هو الاشتراكية العلمية، والنضال مع الفقراء والكادحين لتحقيق الوحدة الاقتصادية والسياسية مع الجماهير العربية، ومشاركتنا بإطلاق “جمول” غداة الغزو الصهيوني عام ١٩٨٢، والتزامنا واحد بدعم نضال شعبنا الفلسطيني ومقاومته المسلحة من اجل تحرير فلسطين إيمانا بالعنف الثوري المنظم في مواجهة العنف الرجعي”.

حشيشو

وشدد أمين عام الحزب الديمقراطي الشعبي محمد حشيشو ، الذي يتبوأ الامانة العامة للحزب منذ العام ٢٠٢٠ خلفا لنزيه حمزة ، على أهمية قرار الحزبين بالاندماج في زمن تفكك الأحزاب وتشرذم العمل الحزبي.

خضرا أحد أبرز وجوه نادي التضامن في صور: إنّ إطلاق مسار الاندماج هو ثمرة لنقاشات استمرت لسنوات بين الحزبين بهدف الوصول إلى الوحدة التامة

وأوضح ل “جنوبية” أن مسار الاندماج جزء من سياق عملية ثابتة لتحقيق الوحدة التامة، حيث تم الاتفاق على تشكيل هيئة قيادية مشتركة بين الحزبين، وصولا لتحقيق الوحدة الفكرية والسياسية”.

وامل حشيشو “أن يكون للخطوة الاندماجية مفعول العدوى بين جميع قوى اليسار والاشتراكية في لبنان والعالم العربي”، مؤكدا “أن الحزبين توّاقان لتوسيع دائرة الحوار مع القوى والمجموعات السياسية المناضلة في سبيل الوحدة”.

السابق
«حزب الله» يتفرج على الإنهيار حتى رحيل عون..و«إبتزاز كهربائي» بالعتمة او «دولرة التعرفة»!
التالي
الجيل الثالث من «الرحابنة»..مالك مروان الرحباني يخوض غمار الإبداع السينمائي