المخرجة الجنوبية سارة صفي الدين..فيلم قصير «بطول البحر وعرض أسماكه»!

المخرجة سارة صفي الدين

المخرجة الشابة اللبنانية الجنوبية سارة صفي الدين، صبية لم تكمل النصف الثاني من عقدها الثالث، وخلال سنوات قليلة كتبت واخرجت فيلمين وفصلت بينهما بكتابة رواية.فيلمها الأول “اسمعني يا رضا” ،وفيلمها الجديد حمل عنوان “خليل” ويندرج الفيلم ضمن موهبتها السينمائية القائمة على ركيزتين، الدراسة السينمائية، والموهبة المفعمة بحب المعرفة والمغامرة الجمالية.

وسارة ناشطة ونشيطة في الميدان الابداعي، إن في الكتابة والإخراج السينمائي وإن في كتابة الرواية.

ومن حيوية أفلامها وروايتها تنساب رؤية بلّورية قيد التشكل والانطلاق. فهي تعمل، بجهد معرفي ابداعي وتتابع نشاطها في الكتابة.

المخرجة اطلت على “مشاكل” وإرهاصات وعذابات العلاقة الاجتماعية في الحياة العامة وخاصة الحياة الزوجية (زوج ظالم مع زوجته -ضحيته!)

واذا ما رجعنا سريعا الى روايتها الاولى التى حملت نفس اسم الفيلم (اسمعني يا رضا) ، نشهد ونلاحظ جلياً النور الكاشف الذي تتلمس به المخرحة واقع الحال، واقع الحياة بأبعاد هادئة جدا لا تحتاج لغير كلفة ربط المعرفة بالموهبة: تُشمِّر المُخرجة عن قلمها وتبدأ بالكتابة والتصوير.

وفي فيلمها الجديد تقوم بتسليط الضوء على الهموم والأزمات و”النكبات” الاجتماعية والعائلية التي تواجه الإنسان في واقعه ومجتمعه وبين أهله وخلانه. فبعدما كشفت (السترة) عن المعاناة البشرية المجتمعية، بأن سلطت نور معرفتها على عميق الألم الذي يحفر عميق الذات البشرية.

إقرأ ايضاً: خاص «جنوبية»: بعد الرصاصة في الشباك ثقب في الدولاب..تهديد جديد للمصور حسن شعبان!

نجحت سارة بتسليط تلك الانوار جلياً وكافياً على تفاصيل المستور الرّاعب. في فيلمها الأول كما في روايتها الاولى، الصورة مفتوحة على جنون الازمات الاخلاقية وتبعاتها المجتمعية الهالكة. فقد طرحت فكرة للنقاش، لا تخلو من عبثية الواقع الاجتماعي المفتوحة، على “مشاكل” وإرهاصات وعذابات العلاقة الاجتماعية في الحياة العامة وخاصة الحياة الزوجية (زوج ظالم مع زوجته -ضحيته!).

دخلت الى الصميم الاخلاقي بين الزوج والزوجة، وتمارت معهما في مرآة السؤال الكبير والصعب، سؤال فقدان العقل حين تغيب المودة والرحمة والحب بينهما.

فقد قاربت “ألغام” العذاب والتعذيب، لغة التواصل وتراجعها الدراماتيكي، الذي يحوّل البيت العائلي الى “متاريس” غير متكافئة ويكون “بطلها” الرجل الظالم. نبّهت إلى مأساة متفجرة تتفاعل مع الايام وتصل الى حدود الجريمة والموت. ولا بد أن المخرجة في فيلمها القصير الجديد “خليل” تستعرض وتنقل وتناقش مأساة أخرى بالغة الخطورة ، وهي مأساة العنف الأسري وانعكاسه على الأسرة والأطفال، وقد استوحت فيلمها من مأساة (خالتها، شقيقة امها )لطيفة قصير التي قتلها (اغتالها)زوجها قبل عقد من الزمن ، ومع (الأسف الشديد خرج مؤخرا من السجن بسبب تخفيض مدة العقوبة !).

من خلال علاقة الطفل “خليل” مع الأسماك والبحر والأسئلة البريئة(“عندما تموت السمكة هل تذهب الى الجنة أو الى النار”؟) والبحث عن الأمان داخل أعماق البحر وتحت المياه ، بعد أن ترهبه وتصرع افكاره اصوات العنف الذي يمارسه والده على والدته.

حكاية بسيطة جدا رسمتها وصورتها المخرجة ، من خلال بناء مشهدية صافية الشكل والمعنى لعلاقة بريئة صادقة بين الطفل والسمكة ،حيث يحرص “خليل” على حمايتها من التعرض للعنف أو الموت أو صيدها، بسبب قلة المياه في كوب الماء الذي يحتضن السمكة ،وفي مقابل مرآة المعنى، ترسم وتصور المخرحة سارة مسار العنف القائم ، عنف مترافق وبشكل متواز مع تطور العنف الممارس من الزوج على زوجته والذي وصل إلى حد قتلها بعد الطلاق .

قاربت المخرجة “ألغام” العذاب والتعذيب لغة التواصل وتراجعها الدراماتيكي الذي يحوّل البيت العائلي الى “متاريس” غير متكافئة ويكون “بطلها” الرجل الظالم

يشهد الفيلم على قتل الأم بالتوازي مع وفاة السمكة التي تفتقد الحضن والأمان في المياه.

يبقى القول، إن الفيلم على مدته القصيرة (أقل من ربع ساعة) يحفل بمشاهد صافية تحاكي العين والقلب والروح، وثمة دلالات “ألسنية”(لغة الذهن وعلائقيتها المباشرة وغير المباشرة بتقاطعات الحياة الانسانية،الحياة الاجتماعية. وثمة تقنيات تصويرية تنجح بتحقيق المشاهد السريعة ونقلها فورا الى تفسير العقل الوازن الرصين.

ثلاثة اشخاص (الممثلون)، وظلال حضور آخر ،كالبحر والسمكة وكيس المياه.. كانت كافية لتفيض بإشارت التعاسة والأمل، وجها لوجه.

من هي سارة صفي الدين؟

حصلت على إجازة في اختصاص السينما والتلفزيون من الجامعة اللبنانيّة. وعلى أخرى في اختصاص العلوم الغذائية من الجامعة الأميركية في بيروت.صدرت روايتها الأولى “اسمعني يا رضا” عن دار هاشيت-أنطوان عام 2021. كتبت وأخرجت فيلمين قصيرين، هما “اسمعني يا رضا” 2019 ،”خليل” حالياً.

ملخّص الفيلم

:” بعد أن قام بإنقاذ سمكة؛ يحاول خليل إيجاد مكان آمن لسمكته في المنزل خوفاً عليها من والده. يعيش خليل ضحيّة العنف المنزلي وأمّه واقعاً صعباً يهرب منه عبر هذه السمكة، فهل ينجح في حمايتها؟

قصة الفيلم مبنيّة على القصّة الحقيقيّة ل”لطيفة قصير” التي قتلت على يد طليقها في 2010 والتي عاشت مع ولديها جنى وخليل سنين طويلة من العنف المنزلي.

السابق
خاص «جنوبية»: بعد الرصاصة في الشباك ثقب في الدولاب..تهديد جديد للمصور حسن شعبان!
التالي
بعد طعن سلمان رشدي على يد لبناني..إيراني يهدد مؤلفة «هاري بوتر»: أنت التالية؟!