مرقص لـ«جنوبية»: الظروف الحالية الإستثنائية تقتضي توسع مفهوم تصريف الاعمال

الخبير الدستوري بول مرقص
مراقبة العراك السياسي الدائر بين القوى السياسية، ولا سيما ما يتعلق بإنتخاب رئيس جديد لمجلس النواب وتسمية رئيس جديد للحكومة و من ثم تأليفها، يشي بأن فترة تصريف الاعمال لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ستطول، على غرار ما حصل مع أكثر من رئيس حكومة وآخرهم الرئيس حسان دياب. فما هي الاستثناءات التي يمكن أن تمنح لها خلال فترة التصريف ولبنان على أعتاب إستحقاقات دستورية مهمة ومصيرية، ومنها إتفاق لبنان مع صندوق النقد؟

في الوقت الذي أصدر فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيانا حول “التقيد بأحكام المادة 64 من الدستور، على إعتبار أن اليوم هو اليوم الاول لمرحلة تصريف الاعمال، بعد بدء ولاية المجلس النيابي الجديد الذي من المفترض أن ينتخب رئيسا له خلال 15 يوما، ومن ثم تتم دعوته من قبل رئيس الجمهورية لإستشارات نيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، يبدو المشهد التأليف شديد التعقيد نتيجة التغييرات السياسية التي أفرزتها الانتخابات النيابية، إن لجهة السقوف العالية التي تتحدث فيها القوى التقليدية، في ما يتعلق بإنتخاب رئيس جديد للمجلس النيابي أو نائبه أو تشكيل الحكومة( خطاب كل من النائب جبران باسيل و رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مثالا)، أو لجهة الشروط المسبقة التي تضعها بعض الاطراف للتعامل مع القوى التغييرية التي دخلت المجلس ( كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد مع نواب المعارضة و17 تشرين وإتهامهم بإنهم أتباع السفارات).

كل ماسبق يمكن أن يؤدي إلى أن تتحول فترة تصريف الاعمال التي حددها إتفاق الطائف في المادة 64 إلى فترة طويلة، وسبق للبنان أن إختبر هذه التجربة مع أكثر من رئيس للحكومة ( الرئيسين تمام سلام وحسان دياب) لكن المختلف هذه المرة أن إطالة أمد تصريف الاعمال لحكومة الرئيس ميقاتي، يترافق مع تحديات إقتصادية ومالية لم يشهدها لبنان منذ ولايته، ولم يخطر ببال المشرع اللبناني أنه يمكن لبلاد الارز أن تعيش أوضاعا سياسية وإقتصادية، تهدد بقاء الجمهورية الثانية بأكملها، والسؤال المطروح هنا، ما هي حدود تصريف الاعمال التي يمكن لحكومة الرئيس ميقاتي أن تلتزم بها، في الوقت الذي على لبنان إكمال مفاوضاته إلتزاماته مع صندوق النقد الدولي، تمهيدا لتوقيع إتفاق نهائي معه ينقذ اللبنانيين من السقوط الحر، الذي يعيشونه وعلى كافة المستويات؟

يمكن لحكومة ميقاتي إجراء مفاوضات مع صندوق النقد  دون ان تلقي أي أعباء على الحكومة المقبلة

يشرح المحامي الدكتور بول مرقص ( رئيس مؤسسة justicia الحقوقية) ل”جنوبية” أنه “ليس هنالك من مهلة محددة لتصريف الاعمال، لكن المشترع الدستوري عندما إشترط المعنى الضيق لتصريف الاعمال، أراد حث المعنيين بتشكيل الحكومة على الاسراع في عملية التأليف، من دون ان يتصور تجربة لبنان في عملية التأليف يمكن أن تصل إلى 9 أشهر من التعطيل الحكومي”، لافتا إلى أن “الحكومة الحالية إذا إستمرت في تصريف الاعمال لفترة طويلة، فهذا سيكون سببا لإتساع هذا المفهوم الضيق بحسب النص الدستوري بسبب الاطالة” .

عندما إشترط المشترع  المعنى الضيق لتصريف الاعمال أراد حث المعنيين على الاسراع في تأليف الحكومة

يضيف:”حكومات ما بعد الطائف مارست تصريف الاعمال ووسعت من الاطار الضيق للتصريف، وفي الحكومة الاخيرة ( حكومة الرئيس حسان دياب) توسع المفهوم بالرغم من النص الذي أتى به إتفاق الطائف”، مشيرا إلى أنه “مما يزيد من إمكانية إتساع مفهوم تصريف الاعمال بالرغم من المعنى الضيق للنص، هي أن الظروف الحالية هي ظروف إستثنائية وحرجة جدا تقتضي بعض القرارات الجريئة الضرورية، مما يوسع المفهوم بالاضافة إلى الاطالة في تشكيل الحكومة التي هي أيضا توسع المفهوم الضيق”.

ويوضح مرقص أنه “يمكن لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ان تجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للخروج من الازمة الحالية، لكن لا يمكنها أن تلتزم أو أن تلقي أي أعباء على الحكومة القادمة كان يمكن تفاديها”.

السابق
موقف ناري للسفير السعودي عن الانتخابات اللبنانية.. و«سقوط رموز الغدر وصناعة الموت»!
التالي
جنون ناري للدولار يُلهب السوق السوداء.. كيف أقفل مساءً؟