بين أن تكون شيعياً أو منتحل صفة: قبلان وجشي نموذجان

أيام فقط فصلت بين تداول  فيديو لرجل معمم أُظهر على أنه رجل دين من “حزب الله” يتحدث عن الانتخابات النيابية وعن شواطئ جونية وجبيل، يدعى الشيخ نظير جشي ، وبين خطبة عيد الفطر التي القاها المفتي الجعفري الممتاز احمد قبلان وقال فيها : “التردد(في الانتخابات) والورقة البيضاء حرام والحياد جريمة كبرى…سنقول نعم كبيرة جدا للائتلاف الوطني المتشكل من الثنائي الوطني وشركائه.” فهل من رابط بينهما؟

كان لافتا ، في سياق متصل بالجواب، مسارعة “حزب الله” ومعه المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الى التنصل من علاقة الشيخ جشي بالمؤسسة الدينية الشيعية. ففي بداية الشهر الجاري، صدر عن قيادة الحزب في منطقة جبل لبنان والشمال بيان اوضحت فيه ان “الرجل المذكور يدعى نظير جشي وقد أكد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى منذ سنوات أنه منتحل صفة رجل دين، وهو من أصحاب السوابق وقد سُجن لسنوات بقضايا نصب واحتيال، ولا صلة له إطلاقا بحزب الله.” ودعا  بيان الحزب “لعدم الاستماع لهذه الأفكار التي صدرت عن منتحل صفة شيخ  وعن جهات سياسية تصطاد دائماً في الماء العكر .”

اقرأ أيضاً: بعد تحريمه التصويت لغير الثنائي.. رد شرعي ساحق من الشيخ حجازي على المفتي قبلان!

بعد ثلاثة أيام ، أي الثلثاء الماضي، أطل المفتي قبلان بخطبة عيد ، وصفتها أوساط سياسية بإنها الأولى من نوعها في زمن الانتخابات. فهي أتت مباشرة في اليوم التالي لخطبة العيد التي ألقاها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ، ودعا فيها الى عدم مقاطعة الانتخابات والاقبال على التصويت في صناديق الاقتراع. أما قبلان، فحدد للناخبين الشيعة من يجب ان تذهب أصواتهم اليه، وهو ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل” تحديدا. أما الناخب الشيعي الذي  يقترع لغير هذا الثنائي أو يتردد أو يعتزل أو يدلي بورقة بيضاء فإنما يقترف ما وصفه قبلان بعمل “حرام.”

لم تمض سوى ساعات بعد خطبة الأخير، حتى وردت  أنباء من بعلبك حول تعرّض المرشح على لائحة “بناء الدولة” الدكتور حسين رعد الى اعتداء فيما كان يقدم واجب العزاء في حسينية آل رعد.  وقد ادى الضرب المبرح الذي تلقاه رعد الى ان  يغيب عن الوعي. وأتى هذا الاعتداء بعد سلسلة اعتداءات تعرض لها اعضاء اللائحة بدءا برئيسها الشيخ عباس الجوهري. وقد صرّح الأخير “ان المعركة الانتخابية في البقاع الشمالي هي ام المعارك نظرا لوجود حزب مسلح لا يتحمل لا وجود منافسين انتخابيين له في الشارع الشيعي، ولا حتى وجود فريق شيعي مشارك في صياغة القرار الوطني من خارج الثنائية الشيعية”، معتبرا بمعنى آخر، ان “حزب الله يريد خنق كل صوت شيعي معارض لا يتبنى مشاريعه، ويخالف توجيهاته وتعليماته…”

ولا بد من الإشارة الى ان حماوة المعركة الانتخابية في البقاع الشمالي التي أشار اليها الجوهري، شهد مثلها الجنوب في الدورة الانتخابية السابقة عام 2018 وكان من نتيجتها العنف الذي مارسه أنصار الثنائي ، والذي تسبب بإضرار جسدية بحق الزميل الصحافي علي الأمين في بلدته شقرا بمنطقة بنت جبيل، كما تسبب في مراحل سابقة باضرار مادية لحقت بممتلكات الماكينة الانتخابية لإحمد الاسعد نجل الرئيس كامل الاسعد.

بالعودة مرة أخرى، الى خطبة قبلان ، فهي ذهبت بعيدا في الحديث عن إبعاد إستحقاق 15 أيار المقبل. ومما قاله :” معركتنا مع شياطين الإنس أخطر من معركتنا مع شياطين الجن، والأميركي مع حلف إقليمي تطبيعي يخوض معركة إنهاك لبنان، وحرق الأخضر واليابس، بهدف صهينة لبنان، والحياد ما هو إلا جريمة كبرى، والمعركة معركة مصيرية.” وبدت خطبة المفتي الجعفري الممتاز على شبه كبير في اليوم نفسه، مع مقدمة النشرة الإخبارية الرئيسية لقناة “المنار” التلفزيونية التابعة ل”حزب الله”، والتي جاء فيها:”العيد ان نطق، يدعو اللبنانيين الى التنبه من فتنة تزرع بين جنبات وطنهم، والى اعتماد الخيارات التي تنقذ اقتصادهم من انياب الاحتلالات السياسية الاميركية والغربية، والى الوعي من همزات شياطين  المواسم الانتخابية الناطقين بشعارات كاذبة وواهية لاستقطاب الابرياء الى افخاخ لن تدوم لانها لا تشبه وطنا يعرف من يحميه ومن يحفظ كرامته.”

وليس بعيدا عن “شياطين” ذكرتهم “المنار” وحذر منهم قبلان ، جاءت تغريدة رئيس الجمهورية ميشال عون ، (وهو من شركاء الثنائي الذين دعا قبلان للتصويت لهم) لتحذر بدورها من “شياطين” كامنة في “تصاعد منسوب المال الانتخابي” فخاطب الناخبين  قائلا :”تحاشوا أن تنتخبوا المرشحين لما في جيوبهم فهذا لهم، بل اختاروهم لما في قلوبهم وعقولهم فهذا لكم… “
وهكذا، وعملا بقاعدة شهيرة “محور الخير ومحور الشر”، صار لدينا في لبنان “محور ملائكة ومحور شياطين.” ف”محور الملائكة” بحسب “حزب الله” والمفتي الجعفري، يضم الثنائي الشيعي وشركائه . أما “محور الشياطين” ، فهو الذي يضم خصوم المحور السابق ، الامر الذي لا يستدعي إدانة هؤلاء “الشياطين” فحسب ، وإنما أيضا “رجمهم ” كما حصل مع الدكتور حسين رعد.

في ضوء ما سلف، لا بد من التأمل في وصف الشيخ نظير جشي بأنه “منتحل صفة” رجل دين. فهل يشمل الوصف نفسه ، بحسب خطبة قبلان “حزب الله” ،كل معارضي الثنائي، فيستحقون عندئذ لقب “منتحلي صفة” شيعة؟

السابق
ارتفاع ملحوظ للدولار الأسود صباحاً.. كيف بدت السوق الموازية؟
التالي
وداعاً للشيخوخة المبكرة مع هذه النصائح البسيطة!