بالصورة: مكتبة الـ«واي إن» تقفل أبوابها في شارع الحمراء .. حسرة «وان واي تيكيت»!

شارع الحمرا

يفقد شارع الحمراء في بيروت المزيد من بريقه الثقافي، فبعد إقفال العديد من الصروح الثقافية المنتشرة في الشارع، مثل المسارح ودور السينما والمكتبات، ها هي مكتبة ال “واي إن”، في وسط شارع الحمراء تقفل وتنضم أبوابها الى “قافلة” الأبواب الحزينة المُعتمة، وتركد في ظلمة داكنة.

اقرأ أيضاً: ارتفاع جديد بأسعار المحروقات.. و«تنكة» البنزين نحو الـ 500 الفا!


مكتبة ال “واي إن” بدرجها الطويل الشهير اللولبي الذي يفتح المسافة الراقية الحنونة، إلى رفوف الكتب العابقة بالادب والتاريخ والثقافة والشخصيات المتنوعة، والمجلات والصحف والكراسات والمعاجم الحاوية لكل أنواع المكان والزمان والقامات العالية، تخرج الى عزلتها، وبهذا الخروج- الإقفال يفقد الشارع الكثير من طابعه الثقافي ورونقه المعرفي، وهويته المختومة بالحضارة والرقي.
بلمحة سريعة على تاريخها ونشأتها ، أسس مكتبة ال“واي إن” أمل صادر عام 1971، وبعد أكثر من نصف قرن تخسر مكانها في الشارع العريق. فما السبب الذي أوقعها في الإقفال والتلاشي؟
يقول زياد أمل صادر ابن مؤسس المكتبة ل “جنوبية”، “إن الإقفال يعود إلى تعرض والده الى نكسة صحية ألزمته البيت. وهو الذي كان يعشق المكتبة ويعمل 364 يوما في السنة. وكانت المكتبة جزءا أساسيا من روحه وحياته”.
ويضيف”: لكن السبب الأساس والمؤلم للإقفال يعود الى الأوضاع الاقتصادية التي تدهورت منذ 2019 ومعها تغيرت الأوضاع العامة في البلاد.
الرفوف الفارغة في المكتبة تتسبب بأسى لكل من يراها : “فهذا المكان يعني لي الكثير. هنا نشأت وشقيقي ولنا الكثير من الذكريات الجميلة والأيام الحلوة. نشعر بالخيبة والإحباط ونخاف من الأيام الآتية. أحب هذا الشارع وأهله ولهم في القلب والذاكرة وعِشرة الأيام كل الخير والمحبة”.
لم تكن مكتبة لبيع الكتب فحسب، بل كانت صرحا ثقافيا جامعا، هي أكثر من مكان لبيع الكتب والصحف. هي المكان الذي يقدس ويحترم المعرفة والصداقة ومعلم من معالم المدينة الجامعة بثقافة المجتمع، وعندما تضيع هذه المعالم في الشارع أو في المدينة، وعندما تغيب الوجوه الأليفة يفقد المرء ملامح من حناياه ووجوده.

أن تقفل المكتبات بسبب أزمة سياسية في البلاد، فهذا يعني أن البلد يقف على حافة الهاوية، هاوية تنذر بموت المعرفة والعقل و سقوط الروح في حضيض السياسة الهالكة.
إن غياب المكتبات والكتب أو تغيبها يعني تبديل التلاقي بالافتراق والتفرق وتاليا، جفاف سبل التقدم والتحضر.
مكتبة الـ “واي إن” تخرج من مكانها الأصل، وتتحول الى ضحية من ضحايا الأزمة السياسية الكبرى التي (أنجزتها) السلطة على مدى أكثر من ثلث قرن .
فقدان المكان الحميم، هو فقدان وموت محتم لتفاعلٍ ثقافي إنساني، ولعلاقة حضارية راقية بين قارئ وكتاب ومكتبة ومجتمع.
خسارة أخرى موجعة تتكبدها المدينة بغياب مكتبة عريقة كانت رمزاً لثقافة أيقظت الشعور بحياة حلوة.

السابق
سعر قارورة الغاز يواصل ارتفاعه.. كم بلغ؟
التالي
الحريرية.. خفوت الاستثناء والعودة إلى الأصل!