عاصفة الخارجية تابع.. هل من استقالة ثالثة؟

وزارة الخارجية اللبنانية

 جهدت الحكومة والعهد معاً في اليومين الأخيرين في لملمة واحتواء العاصفة التي اثارها بيان وزارة الخارجية قبل أيام متضمنا ادانة صارمة للغزو الروسي لأوكرانيا بعدما كادت تداعيات هذه العاصفة تهدد بالتضحية بأقرب الوزراء وأكثرهم التصاقاً بالعهد. ذلك انه على رغم استمرار توجيه “حزب الله” خصوصا عبر بعض نوابه ووزرائه ومسؤوليه الانتقادات الى بيان الخارجية، فان معالم احتواء الضجة برزت أولا في إعادة تركيز الأنظار من جانب رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية كما من رئاسة الجمهورية على عملية اخراج اللبنانيين العالقين في أوكرانيا ولاسيما منهم مئات الطلاب كأولوية ملحة راهنا تستوجب تركيز الجهود عليها لإتمامها وإعادة اللبنانيين الى لبنان او بلدان أخرى يقصدونها. ثم ان خلفية واضحة، حسب “النهار” برزت في محاولة تبريد واحتواء هذه العاصفة تمثلت في تجنب “التضحية” بوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الذي حمى”بصدره” جهات معروفة وقبل ان ترمى عليه تبعات بيان كان نال استحسان الدول الغربية كما الجهات السيادية الداخلية، ولكنه سرعان ما كشف التباسات مريبة لدى تنصل العهد ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل منه، فيما لم يجد من يدافع عنه حتى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولم يذهب بو حبيب نفسه بعيدا في الدفاع عنه. ومع ذلك بدا واضحا ان توافقا ضمنيا حصل بين “مكونات” الحكومة ومع العهد طبعا على تجنب خضّة ما كان ليشكل “صدمة الوزير الثالث” لو تطورت الأمور نحو استقالة محتملة للوزير بو حبيب وذلك بعد تجربتي استقالة وزير الخارجية السابق شربل وهبة في حكومة الرئيس حسان دياب بسبب “تعنته” المقذع للخليجيين في مقابلة تلفزيونية أودت بمنصبه، ومن ثم واقعة وزير الاعلام السابق في الحكومة الحالية جورج قرداحي الذي استقال عقب ضجة مقابلة تلفزيونية أيضا اعتبرت مساً بالعلاقات اللبنانية الخليجية. ومع ان واقعة البيان الصادر عن وزارة الخارجية حول الحرب الروسية على أوكرانيا تختلف بمضمونها وظروفها عن التجربتين السابقتين، فان تمادي الضغط السياسي في ظل تنصل الجهات التي يحسب عليها الوزير بو حبيب بلغت مرحلة كادت تهدد بمشكلة حقيقية ويبدو انه جرى نزع فتيلها.

وكان الرئيس ميقاتي تجنب في الكلمة التي القاها السبت في احتفال تكريم الفائزين بالجائزة العربية لافضل أطروحة دكتوراه في العلوم القانونية والقضائية في العالم العربي التطرق الى الضجة التي اثارها بيان الخارجية رغم تلميحات ضمنية اشارت الى دور لميقاتي في اصدار ذاك البيان.

واشارت الجمهورية الى انه لم يقتصر الانقسام السياسي على الرأي العام، بل انتقل إلى داخل السلطة نفسها على إثر بيان وزارة الخارجية اللبنانية الذي استنكر «الاجتياح الروسي»، فقامت الدنيا ولم تقعد على وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، الذي تُرك وحيداً وكأنّه تفرّد بالبيان من دون استشارة أحد، علماً انّ القاصي يعلم والداني ايضاً، انّ البيان لم يصدر سوى بعد موافقة المعنيين في السلطة التنفيذية. والأطرف من ذلك، انّ الخلاف انتقل إلى داخل فريق رئيس الجمهورية، او انّ التباين مجرّد توزيع للأدوار أدّى وظيفته في الاتجاهين:

الاتجاه الأول، مخاطبة واشنطن والعواصم الاوروبية بأنّ العهد يتناغم مع سياساتهم في مرحلة هو أحوج ما يكون فيها إلى إعادة ترميم علاقاته مع هذه العواصم، خصوصاً في الأشهر الأخيرة من الولاية الرئاسية، وفي محاولة للربط والشبك معهم تمهيداً للاستحقاق الرئاسي المقبل.

الإتجاه الثاني، ترييح الحلفاء في الداخل والخارج بدءاً من «حزب الله» مروراً بإيران وصولاً إلى موسكو، بأنّ العهد ما زال ضمن هذا المحور ولم يبدِّل في سياساته، وما حصل ناتج من سوء تفاهم او بالأحرى سوء تنسيق أدّى إلى ما أدّى إليه.

وأكّدت اوساط سياسية واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، انّ الأميركيين هم الذين دفعوا في اتجاه صدور البيان اللبناني الرسمي المندّد بالاجتياح الروسي لاوكرانيا، بعدما لمّحوا الى انّ «هذا الموقف ضروري لتسهيل الحصول على مساعدات صندوق النقد الدولي».

السابق
التالي
إلى اللبنانيين في اوكرانيا.. إليكم خارطة طريق الأمان!