في ذكراه الأولى..لقمان الحر لا يموت!

ياسين شبلي

عامٌ مر على “الإعدام الجبان” بحق لقمان سليم، في بلد يراد له أن يخضع ليكون الأمر والنهي فيه، ل “كاتم الصوت” دون غيره. و”كاتم الصوت” هنا، لم يعد مجرد مسدس، بل بات “ثقافة” لها مجموعة “مفكريها ومنظريها”، وأحزابها ومريديها من أصحاب البدلات والعباءات والعمائم المبررين، لها بإسم “المقدس” لديهم، من السياسة التي يلبسونها لبوس التكليف الشرعي الديني، إلى “المقاومة” والعنف الثوري، إلى عبادة الشخص سواء كان زعيم ملهم، أو ولي فقيه، أو خليفة.

عام على غياب صديقة لقمان “الشريرة” عن شاشات هواتفنا، هي التي كانت تنقل هواجسنا بصراحة، يُنظر إليها بحسب ثقافة كاتم الصوت على أنها “وقاحة” ، بعد أن أخفاها من يعتبرون أنفسهم “أخيار” هذه الأمة وأشرافها، وذلك بعد أن “تراءت” لهم فيها نفس لقمان، ” الأمَّارة بالسوء “، مقابل أنفسهم الأمَّارة بالعفة والطهارة، التي أوصلت البلاد والعباد، إلى الإنهيار ” المقدس ” بإعتباره صمودا وصبرا وبصيرة.

عام على غياب صديقة لقمان “الشريرة” عن شاشات هواتفنا هي التي كانت تنقل هواجسنا بصراحة يُنظر إليها بحسب ثقافة كاتم الصوت على أنها “وقاحة”

تباً لهم من أغبياء، يعتقدون أن بمقدورهم كتم الصوت عبر قتلهم النفس الزكية، وفاتهم بأن صوت الأحرار ليس مجرد صدى، لصوت سيد من هنا أو من هناك كصوت العبيد ، بل هو صوت الفكرة الحرة، النابعة من الروح الصافية النقية، من كل أدران العبودية والخنوع والصنمية، والفكرة لا تموت بل تبقى تحلق مدى الدهر، تتناقلها وتطورها العقول النيرة، بنور الحق والعدل والإيمان، بقدرة الإنسان الحر، بما هو الأمين على هذه الأرض على النهوض من عثراته، ليبني مجتمعا قائما على الصدق والعدل والشفافية، في مواجهة الكذب والزيف والتضليل، لتزيين الظلم للظالم عبر التدليس والخوف، من مواجهة هذا النور الذي يشق العتمة، ولو ببصيص صغير ما يلبث أن يتسع وينتشر، لأنه الطريق الوحيد للتقدم والخلاص من خفافيش الظلم والظلامية.

إقرأ أيضاً: رشا الأمير في ذكرى شقيقها الأولى لـ«جنوبية»: لقمان الحي باق!

من هنا نقول بأن لقمان سليم الفكرة لم يمت، لقمان سليم حر والحر لا يموت، فالموت هو للعبيد فقط في أرواحهم وأفكارهم وأجسادهم، التي لا تتحرك إلا عبر “ريموت كونترول”، لقمان حي في قلب وفكر كل إنسان حر على إمتداد العالم، من لبنان إلى غوادالاخارا – وادي الحجارة – في المكسيك، حيث نال جائزة “فولتير” للنشر والتعبير، في دليل حسي أنه موجود وسيبقى.. سيبقى في سلمى ورشا ومونيكا وفي رفاقه في “أمم” و”دار الجديد” و”مؤسسة لقمان” ، سيولد كل يوم مع كل كتاب جديد، “تلده” المطبعة من رحم الحقيقة والعدالة والإنسانية الحرة، من كل قيد فكري أو طبقي أو عنصري أو تمييزي.

إن غياب لقمان الشخص هو خسارة فادحة بلا شك، خسارة للوطن والإنسان والقيم النبيلة، التي لا يعترف بها القتلة الأوباش، هذه القيم التي هي من يحمي المجتمعات الإنسانية من الإنحدار، إلى درك التوحش والجريمة التي هي أم الرذائل، والتي إنزلق إليها الكثير من الأنظمة والمنظمات، والتي كان لقمان يجهد في محاولته لمنع تكرارها، عبر “نبشه” في الذاكرة الجماعية وتوثيقها، لإبقائها حية وليكن حارسا عليها وحافظا لها من الذوبان، علَّه بذلك يمنع تكرار الجريمة عبر توعيه المجتمع بمخاطرها.

غياب لقمان الشخص هو خسارة فادحة بلا شك خسارة للوطن والإنسان والقيم النبيلة التي لا يعترف بها القتلة الأوباش

اليوم ونحن نحيي ذكرى لقمان، إنما نحييها بما يستحقه لقمان وأمثاله، نحييها بالغار الذي يليق بالأحرار، مقابل العار الذي سيلحق بجلاديه من العبيد الصغار، وهم الذين عجزوا عن ملاقاته أو مجاراته بسلاح الفكر والبرهان، فكان سلاح الغدر والبهتان، الذي لا يعرفون غيره، وهو ” كاتم الصوت “.. ولكن هيهات.

اليوم وبقدر الحزن الساكن فينا” على غياب لقمان الشخص، نجدد إحتقارنا للجلاد وأتباعه ومريديه، ونقول لهم وعلى لسان صديقة لقمان ” الشريرة “: “هاها… “.

السابق
عام على أربع جلسات تحقيق في إغتيال لقمان..والنتيجة «صفر تقدّم»!
التالي
حين يفضخ لقمان قاتله الجبان!