حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: مرتكب يلصق جريمته.. بخصمه

حارث سليمان
يخص الناشط السياسي والأكاديمي الدكتور حارث سليمان "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

تعالوا نَفتح أفقاً، دون أن نَجعلَهُ وهماً، تعالوا نبني أملاً، ونرسم درباً لنكمل الحياة والبناء، تعالوا نقيم مشروعا، لغد مختلف عن واقعٍ صنعته منظومة أخذت كل ما لدينا، وهدمت كل ما بنينا، وسرقت كل ما جنينا، ولم تخجل… لم يرف جَفْنُ أحدٍ منهم، وكأنَّ الله خلقَ مآقيهم من زجاج بارد، وفَطَرَ قلوبَهم من خبثٍ شيطاني أسود… وصنع ذممَهم واسعةً، وُسعَ الطمع والنهم، فضفاضةً لكأنها عباءةُ المدى، تعالوا نبارح صبرنا عليهم فلا أملٍ بأن يرعووا، أو أن يشبعوا، أو أنْ يحلَّ على سيماءاتِهم حياءٌ او خجل…

اقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: الفيل في مخزن الخزف


تعالوا نيأس من أن يتعبوا من إيذائِنا وتعذيبنا، أو أن يكتفوا بهذا القدر من الذُلِّ والمَهانَة، اللتان عفَّرا بِهِمَا رِفعَةَ جباهِنا، وأهرقوا ماءَ وجوهِنا، وأوصلونا الى إلحاحِ السؤال ومرارَتِه، تعالَوا نعتمد على أنفسِنا، وعلى سواعدنا، لنشق مسارا نحو وطن آخر، نبنيه بديلا لوطن مخطوف ومخرَّب.

تعالوا نصمّ آذانِنا عن ترهاتِهم وخطاباتِهم ونَسخَر من سِجالاتِهم المُخزيَّة

تعالوا نصمّ آذانِنا عن ترهاتِهم وخطاباتِهم، ونَسخَر من سِجالاتِهم المُخزيَّة، ومن تراشقِهم بفضائحِ فسادِهِم المتبادلة، تعالَوا نُبَلِّغَ، بالفم الملآن، البَطِرَ الذي عوقب أميركياً، بتهم الفساد والإثراء غير المشروع من السلطة، والذي تنَفَّعَ حسب حكم مبرم من الصحافة كسلطة رابعة، من جريمة ” محاباة الاقرباء” ولنقول لجبران باسيل، ان لا حاجة لنا به، لكي ندرك أو نكتشف، ماذا فعل نبيه بري في مجلس النواب، فنحن نتذكر كيف أقفله دون مبرر، وكيف شرَّعَه دون حق، وكيف يفتي بالحلال حراما، وبالحرام حلالا، كما تَهِبُّ ريح أشرعة أهوائه وتلتوي، وكيف تم تحويل إدارات الدولة وملاكاتها، الى ملاذ للمحاسيب والأزلام، ولسنا بحاجة في الوقت نفسه، للمُلاحقِ بموجب مذكرة توقيف عدلية، علي حسن خليل ليذكِّرنا بمحاسن الجنرال ميشال عون، أو توصيف شبقه الوسواسي للسلطة، والى تعاقب تعاملاته مع خارج إقليمي وداخل ميليشياوي، منذ أن كان ضابطا في صيدا، عشية اندلاع الحرب الأهلية المشؤومة، مروراً بحصار تل الزعتر، وثغره الباسم لجيش الاحتلال الإسرائيلي في المتحف سنة ١٩٨٢، الى حروبه العبثية في التحرير والالغاء، كما ذهابه الى اميركا دعما للقرار ١٥٥٩، الى تقلبه بين البعثين ؛ بعث صدام وبعث الأسدين، الى ممارسته أبشعَ أنواعِ التمييز الطائفي العنصري، في كل مرسوم وقعَّه أو امتنَعَ عن توقيعه…

ولا حاجة لِمَنْ يُذكِّرنا بمَنْ جَعَلَ من وزارة الطاقة مغارةَ لصوصٍ عصابة، وهُدِرَ فيها خسائرَ محسوبة، وأموال مسروقة، بلغت مائة مليار دولار، في مشتريات الفيول والمازوت والوقود، وفي عقود البواخر، وتعهدات السدود الجافة من الماء، وفي مصالح ادارة مياه الشفة ومحطات تكرير المياه المبتذلة… كما لا حاجة لمن يُبيِّنَ لنا، كيف تحول قطاع الاتصالات من قطاع رابح يدر ملياري دولار أميركي سنويا، الى قطاع خاسر لا يغطي مصروفات تسييره، بعد أنْ تَحَوَّلَ الى مَلْفَى تنابل سلاطين المنظومة ومحاسيبها…
ولا رجاءَ لنا بقضاءٍ، تمت استباحته من قبل كل أطراف المنظومة، بأن يَتحَرَّك ليحاكم ويقيم العدالة ويسترجع المال العام، الذي يتبادلون ويتقاذفون اخبار سرقته… فالقضاء هذا قد فقد مصداقيته، يوم ارتضى لنفسه أن يصبح حصصاً لأطماع سلاطين المنظومة، يتوزعون تعييناته ومراكز القرار فيه، ويجعلون من اتباعهم رواد القرار فيه..

لا حاجة لنا ليخرج علينا جندي الولي الفقيه ليجعلنا أعداءَ لكل من حولنا فيجرنا الى خصومات لا شأن لنا بها ويشتم كل اصدقاء بلدنا ومحبيه

لا حاجة لنا ليخرج علينا جندي الولي الفقيه ، ليجعلنا أعداءَ لكل من حولنا، فيجرنا الى خصومات لا شأن لنا بها، ويشتم كل اصدقاء بلدنا ومحبيه، ويختال مزهوا بقدرته على رمي حجر في كل بئر ارتوى لبناني بمائه، وليزرع في كل بلد شقيق أو صديق جريمة أو ارتكاب، من تطهير عرقي وخزي “الجوع او الركوع” في مضايا، و بقية من جرائم حرب موصوفة في سورية، الى رأس حربة في فتنة شيعية سنية في العراق، الى تصعيد أَوَارِ الحرب في اليمن، ثم استهداف مدن المملكة العربية السعودية ومنشآتها النفطية، وصولا الى تهريب المخدرات والمتفجرات، وتبييض اموال في الكويت والامارات وبقية دول اوروبا والعالم، يضاف الى كل ما تقدم، مشاركة تقتسم مع ايران واذنابها، في العراق، منهبةً بلغت قيمتها ٨٠٠ مليار دولار أميركي، وهي أكبرُ منهبةٍ في التاريخ الحديث..
لا يتعب نصرالله من تحويلنا بشكل منهجي ومتراكم، الى شعب تسد في وجهه كل الأبواب، وتغلق أمام خياراته كل السبل، شعب لا صديق له، ولا اخوة لديه، ولا مُعينَ حوله في محنته.
وقد ظهر افلاس جعبته الفكرية والاعلامية في آخر اطلالاته، حيث ادعى أنَّ اللبنانيين في الخليج هم رهائن تحتجزهم هذه الدول وتهدد بهم وطنهم لبنان!!
لم يجد نصرالله لتنفيس غضبه من فشله والحوثيين في معركة مأرب، ومن تطورات عسكرية أودت بحياة سفير الحرس الثوري باليمن، وبقيادات حوثية أخرى، سوى الصاق “تهمة خطف الرهائن” بخصوم ايران في دول الخليج العربي، وهو سلوك يقوم به مرتكب الجريمة التي تدينه، بإلصاق تهمتها بخصمه!!

أما من أسماهم نصرالله “رهائن دول الخليج” فهم لبنانيون يعيشون بحبوحة الازدهار ونعمة الانتاج والعمل ورفاه الكهرباء والماء والمواصلات وخدمات الاستشفاء والصحة والخدمات الترفيهية


دون تردد او مراعاة اي اعتبار للواقع والحقيقة، انكر نصرالله حقيقة ماثلة امام أعين العالم وهي ان لبنان شعبا ودولة، هو وطنٌ خطفَه حزب الله وحلفاؤه، وجعله “رهينة تفتدي ايران” وتعاني آلام الفقر والجوع، وشظف العيش والمرض والفاقة، انتظارا لصفقاتها مع الغرب.
أما من أسماهم نصرالله “رهائن دول الخليج”، فهم لبنانيون يعيشون بحبوحة الازدهار ونعمة الانتاج والعمل، ورفاه الكهرباء والماء، والمواصلات وخدمات الاستشفاء والصحة، والخدمات الترفيهية في النوادي والمنتجعات والسفر والسياحة، وهم يؤَّمنّون، اضافة لكل ذلك، تمويل عيش شعب لبنان في أرضه…
تصريح نصرالله المأساوي في عبثيته وازدرائه لسامعيه وفي مجانبته الحقيقة، تحول الى طرفة تستحق السخرية، تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي بتغريدة تقول:
“خالتي محاسن يا حرام كل ولادها رهائن 😔 عندها رهينتين بالسعودية عم يبعتلوها كل شهر ٦٠٠ دولار، ورهينة بالكويت بيشتغل بالنفط، وبنتها عطور تجوزت ابن عمها وراحت رهينة عا دبي”.

ساجد

والسخرية هذه، المتفجرة على السنة الناس، تكشف فشل حزب الله في ادارة لبنان وفي تزييف وعي شعبه، ويتبدى هذاالفشل في عجز الحزب، ليس عن إدارة اطراف المنظومة الفاسدة، التي أرهبها فصغرت له خائفة راجفة، بل في فشله المتعاظم الذي اصبح كارثيا ومدمرا، في ادارة خلافات اتباعه، وفي تنظيم وعقلنة شهوات عصابته المتضاربة للسلطة والمال والنفوذ..

كلما لاح لشعب لبنان أمل، بان تنجح مساعي دول صديقة بتحسن، ولو نسبي، لعلاقات لبنان الخارجية مع دول العرب في السعودية والكويت والامارات، كلما خرج أحد مسؤولي حزب الله في لبنان، ليزيد النار لهيبا وليؤجج الغضب غضبا، وكأنه مكلف من مشغليه بان يحرسنا رهائن صامتين، وسلعة موضبة للمقايضة حين يُدفَعُ الثمن..

لا أمل لاستمرارنا الا بإسقاط سلطتكم و هزيمة منظومتكم، و مصير أجيالنا يتقررُ بسواعد الأحرار لا باحزابكم


سئمنا هذا الزجل السمج بينكم جميعا، واذا كان هناك من انصاف يرجى، فهو أن تمتنع وسائلُ الاعلام والتواصل عن نقل هذا الردح المتبادل، رأفة بعقولنا وآذاننا وذائقتنا الثقافية والفكرية..
لا أمل لاستمرارنا الا بإسقاط سلطتكم، و هزيمة منظومتكم، و مصير أجيالنا يتقررُ بسواعد الأحرار لا باحزابكم، بوحدة شعبنا، وخلق أداتنا السياسية البديلة، المؤهلة لترحيل المنظومة واسقاطها، واصلاح القضاء وجعله سلطة مستقلة، ولتحويل عصابة الجريمة والفساد والارتهان الى الخارج، الى المساءلة والعدالة التي تسترد منهم المال العام، واموال الناس والمودعين، وتسكنهم في زنازين العار والندامة.

لا بد من اسقاط المنظومة وترحيلها، وطريقنا الى ذلك، بناء بديل سياسي قادر وطني وعابر للطوائف والمناطق والاجيال، حداثي ديموقراطي ورؤيوي.
فالى وحدة قوى التغيير والى استنهاض الناس وتفعيل مشاركتها.

السابق
بين المغرب والصين.. التوقيع على «خطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق»!
التالي
درويش لـ«جنوبية»: جلسة لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل!