انفجار برج الشمالي… سلاح إيراني ام فلسطيني؟!

علي الامين
الانفجار الذي وقع في مخزن أسلحة تابع لحركة حماس، في مخيم برج الشمالي شرق مدينة صور، كشف عن واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان، من باب غياب اي سلطة فلسطينية مسؤولة أمام اهل المخيمات واللبنانيين.

يكشف الانفجار بحسب الرواية المتداولة، أن حريقا طال مولد الكهرباء في مسجد المخيم، الذي تسيطر عليه حركة حماس، أدى إلى تمدد النيران إلى مخزن أسلحة، تشير المعلومات من داخل المخيم انه في قبو المسجد، بخلاف ما ذكر من أنه مخزن سلاح في مبنى قريب منه.

إقرأ أيضاً: «نحنُ متروكون».. علي الأمين يكشف عن أسبابٍ جوهرية لرفض حزب الله تشكيل الحكومة!


وجود سلاح لحركة حماس داخل المخيم، وأن كان يتنافى مع ما اعلنته حركة حماس منذ دخولها إلى لبنان، بأنها لا تتبنى العمل العسكري ضد الاحتلال من خارج الأراضي الفلسطينية، وأن عملها على الأراضي اللبنانية غير عسكري. لكن الواقع يقول غير ذلك، وانفجار مخزن السلاح في مخيم في منطقة القرار ١٧٠١ أكد الواقع ولم يكشفه. 

انفجار مخزن السلاح في مخيم في منطقة القرار ١٧٠١ أكد الواقع ولم يكشفه

فالجدير ذكره أن اتفاقا جرى بين الدولة اللبنانية في عهد الرئيس ميشال سليمان، ومنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة محمود عباس، على التنسيق الكامل بين الدولة اللبنانية و”المنظمة” بشأن أمن المخيمات، والالتزام الفلسطيني الكامل بمقتضيات السيادة اللبنانية، وألمح عباس في حينه إلى استعداد الفلسطينيين لبحث سحب السلاح من داخل المخيمات. وعكس هذا الاتفاق رؤية فلسطينية، تأسست على قراءة نقدية للوجود العسكري الفلسطيني في لبنان منذ اتفاق القاهرة ١٩٦٩. في المقابل أظهرت حركة حماس الانضواء الكامل لها في المحور الايراني، وبدأت بالانقلاب على الموقف الفلسطيني الرسمي، وفي الحرب الاخيرة على غزة، قالت قيادتها خلال الحرب أن احتمال فتح جبهة ثانية من قبل حماس وارد، وجاء الموقف بعد إطلاق عدة صواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل، وهو عبر عن الخروج على مقتضيات العلاقة اللبنانية-الفلسطينية والاتفاقيات بين لبنان ومنظمة التحرير. انطلاقا من انفجار مخزن السلاح في برج الشمالي، واشكالية السلاح الفلسطيني في لبنان، ماذا يقول واقع المخيمات أمنيا وسياسيا:

  • اولا، ليس خافيا أن حركة حماس، يمكن ان تسيطر خلال ساعات قليلة على كامل المخيمات الفلسطينية من الشمال إلى الجنوب، فهي الأكثر تنظيما والتي تحظى بدعم حزب الله، المقرر الأول في الشأن الأمني في المخيمات الفلسطينية وفي لبنان عموما، ويساعد على هذه الأرجحية لحماس وحزب الله، التزام القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية بمقتضيات، يقررها “حزب الله” باسم المقاومة وباسم الوراثة من الوصاية السورية، التي قامت بعد الإنسحاب السوري من لبنان عام ٢٠٠٥.

ليس خافيا أن حماس يمكن ان تسيطر خلال ساعات قليلة على كامل المخيمات الفلسطينية من الشمال إلى الجنوب فهي الأكثر تنظيما والتي تحظى بدعم حزب الله

  • ثانيا، تتفادى حركة حماس القيام ب ٧ أيار أمني في المخيمات، ليس لأسباب أمنية وعسكرية أو لعجز على هذا الصعيد، بل لأسباب تتعلق بعدم قدرتها أو رغبتها بتحمل أعباء مالية واقتصادية تجاه أبناء المخيم، فيما حركة فتح تشكل المصدر المالي والرعائي والاغاثي في المخيمات، ولا تريد حماس أن تتحمل هذه المسؤولية، خصوصا ان تصدع حركة فتح، والتزام الاخيرة بمتطلبات حزب الله والأجهزة الأمنية اللبنانية داخل المخيمات، يخفف عن حركة حماس أعباء هذا الدور، خاصة أن حركة فتح عمليا تحولت في كثير من الأحيان، إلى أداة طيعة لتلبية اي مطلب أمني من قبل “حزب الله”.

حركة فتح عمليا تحولت في كثير من الأحيان إلى أداة طيعة لتلبية اي مطلب أمني من قبل “حزب الله”

  • ثالثا، هشاشة دور السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير داخل المخيم، وعلى الصعيد السياسي في لبنان، عزز من سطوة حماس، وسيطرة بعض المجموعات الإسلامية، التي تخضع لتوجيهات أمنية وحزبية لبنانية، وهذا ما يفسر عجز حركة فتح عن مواجهتها، لاسيما في مخيم عين الحلوة خلال السنوات الماضية. وهذا رسخ إلى حدّ كبير الوضعية الفلسطينية العاجزة، والأصح حول الوجود الفلسطيني، إلى وظيفة أمنية غب الطلب لمصالح سياسية وأمنية  لا تمت بصلة بمصالح اللاجئين ولا بالمخيمات ولا حتى بفلسطين.رابعا، حاولت حركة حماس غداة التفجير امس، الايحاء أن التفجير قد يكون نتيجة عملية اسرائيلية، وهي محاولة للهروب من تحمل المسؤولية حيال أبناء المخيم، ومن مغزى التعامل مع أبناء المخيم باعتبارهم مجرد هامش وتفصيل، فالاصل هو لماذا الاستهتار بأمن الفلسطينيين ولماذا هناك مخزن سلاح داخل المخيم.خامسا، كشف التفجير غياب الموقف الرسمي الفلسطيني، المسؤول عن أمن المخيمات والوجود الفلسطيني في لبنان، بدت حركة فتح، لا “المنظمة” أو “السلطة”،  أقرب إلى “شاهد ما شفش حاجة”، لم تقل كلمة على مستوى الحدث  وعلى مستوى مسؤوليتها المفترضة عن المخيمات، بدا هؤلاء وكأنهم مجرد شهود، لا مسؤولية يتحملونها، ولا موقف أخلاقي يصدر عنهم تجاه أمن الفلسطينيين، واتجاه المسؤوليات المترتبة على الفصائل بعد هذا التفجير.

كشف التفجير غياب الموقف الرسمي الفلسطيني المسؤول عن أمن المخيمات والوجود الفلسطيني في لبنان بدت حركة فتح أقرب إلى “شاهد ما شفش حاجة”

في الخلاصة، العبث بالورقة الفلسطينية في لبنان، والاستثمار بأمن المخيمات، هو نتيجة طبيعية لتداعي نظام المصالح الوطنية الفلسطينية، لصالح استثمارات حزبية واقليمية، كان النظام السوري أبرز روادها، وصارت اليوم وظيفة منظومة أمنية حزبية، غايتها امتلاك هذه الورقة، فيما القرار الوطني المستقل ورقة في مهب الريح، وأمن الفلسطينيين ومخيم برج الشمالي، اقل من أن يسأل احد، عن مسؤولية من اصيب أو قتل أو تضرر. 

السابق
ماذا يجري في جمهورية «حزب الله»؟
التالي
ندوة «شؤون جنوبية» في النبطية: مرشحو المعارضة يواجهون الثنائية الشيعية في انتخابات 2022