الشارع يغلي من جديد فوق صفيح الجوع.. والسياسة!

قطع طريق الجنوب
لبنان يعيش في دوامة، و مرة أخرى يتم النزول الى الشارع تحت ضربات الدولار والغلاء والذي لا يخلو من تبادل الرسائل السياسية، على الرغم من المطالب المرفوعة المحقة، غير انه تبقى الخشية من أن استغلال أوجاع الناس وعوزهم لتحقيق مبتغى الطبقة السياسية المتسلطة.

إستفاق اللبنانيون اليوم على سحب الدخان الأسود المتصاعدة، وأخبار الطرق المقطوعة من عكار وطرابلس شمالا مرورا بيروت ووصولا إلى صيدا وبعلبك – رياق، إحتجاجا على الاوضاع المعيشية المتردية، والارتفاع الجنوني لسعر الدولار في السوق السوداء، من دون أن تحرك الحكومة “المشلولة” أو الطبقة السياسية ساكنا. صحيح أن هذه الاحتجاجات بلغت ذروتها في ساعات الظهيرة، لتتراجع تدريجيا في بيروت وطرابلس، إلا أنها إنتقلت في ساعات بعد الظهر إلى مناطق أخرة منها الطريق الساحلي المؤدي إلى الجنوب وتحديدا بلدة الجية  وعلى طريق المطار القديم.

اقرا ايضا: إشتباك حكومي وإفتراضي بين باسيل و«الثنائي»..وتخوف من فلتان امني واسع!

مقابل هذه التحركات فإن الصورة ليست واضحة، عما إذا كانت هذه الاحتجاجات ستشبه الشرارة التي أدت إلى إندلاع ثورة 17 تشرين، أم أنها مجرد “فشة خلق” تنتهي مع غياب شمس اليوم، و يعود اللبنانيون إلى دوامتهم المعهودة، أي المزيد من إرتفاع في سعر الدولار، و التعارك بين الطبقة السياسية للحفاظ على مصالحهم، من دون الالتفات إلى الذل الذي يعيشه اللبنانيون يوميا.

الناس لم تعد مقتنعة بأن هذه التحركات قد توصلهم إلى حقوقهم

فهمي كرامي
فهمي كرامي

المعطيات المتوافرة تشير إلى أن ما يحصل هو جزء من تبادل الرسائل السياسية في البلد، والدليل هو تبرؤ معظم  مجموعات المجتمع المدني، من الشباب الذين يعمدون إلى قطع الطرقات في أكثر من منطقة، وهذا ما يوافق عليه الناشط فهمي كرامي (ثوار طرابلس) إذ يقول ل”جنوبية”:”ما يحصل في طرابلس خصوصا وكل لبنان عموما، من تحركات إحتجاجية في جزء منها “فشة خلق” وهناك جزء كبير منها هو رسالة سياسية”، مشددا على أنه “غير مقتنع  بأن ما يحصل هو تحرك شعبي محض، على الاقل في منطقة طرابلس، لأن الناس الذين نزلوا لقطع الطرقات (صحيح أنهم من الفئات المهمشة  والمحتاجة والفقيرة) ولكنهم في نفس الوقت هي فئات يتم تحريكها بسهولة”.

كرامي لـ”جنوبية”: التحركات “فشة خلق” و رسالة سياسية

يضيف:”في طرابلس لم أشاهد أي تحرك له علاقة بالمجتمع المدني، أو الطبقة الموجوعة التي لا تتبع “للقبضايات”، والواقع أن الناس العاديين والموجوعين لم يعودوا مقتنعين، بأن هذه التحركات قد توصلهم إلى حقوقهم، وشخصيا لم يكن لدي الحماسة للمشاركة فيها، بالرغم من أننا من ثوار 17 تشرين الذين كنا ندعو  للتحركات، وهذا أمر مؤسف أن يصل الوضع إلى هنا”.

ويختم:”برأيي هذه التحركات إنتهت اليوم والطرق في طرابلس عادت إلى طبيعتها، وقد حاول الجيش قطع الطرق التي يتواجد فيها المحتجون، لتفادي الاحتكاك بينهم وبين الناس العاديين، وهو مشكور على هذا الامر”.

ابراهيم منيمنة
ابراهيم منيمنة

في بيروت تفسير ما يحصل يشبه كثيرا ما قدمه كرامي، إذ يلفت الناشط إبراهيم منيمنة ل”جنوبية” أن “لا صورة واضحة عن الجهات التي دعت لتحرك اليوم، وهي خليط من جهات حزبية وأخرى من مواطنين عاديين وليسوا من حراك المجتمع المدني”، معتبرا أن “حراك اليوم لا أفق له، لأن الزخم الشعبي المساند له متراجع إجمالا،  وأدوات الشارع للضغط على السياسيين باتت شبه معطلة، ولذلك أعتقد أن ما جرى اليوم هو مجرد  فشة خلق للناس لن تعيره القوى السياسية أهمية”.

لا يقين أن هذا الامر سيؤدي إلى تحرك الطبقة السياسية لمعالجة الاوضاع

ويشرح أن “ما يحصل اليوم من أزمة في الحكومة هدفها فرض هيبة حزب الله، بالاضافة إلى تعقيدات إقليمية وهذا الامر ليس تفصيلا “، لافتا إلى أن “الرئيس نجيب ميقاتي هو مكبل بالتعطيل، الذي تفرضه القوى المساندة للحزب على مجلس الوزراء، ولن ينتهي الامر إلا بعد أن تحقق ما تريده، على صعيد ملف التحقيقات في المرفأ وإزاحة القاضي طارق البيطار”.

منيمنة لـ”جنوبية”: الجهات الداعية خليط حزبي ومواطنين وليست من المجتمع المدني

على ضفة ثوار بعلبك يقول الناشط ملحم شحيمي ل”جنوبية”: “صحيح أننا نتحرك إحتجاجا على الاوضاع المعيشية الصعبة، ولكننا لسنا على يقين أن هذا الامر سيؤدي إلى تحرك الطبقة السياسية لمعالجة الاوضاع، لأننا نتعامل مع طبقة سياسية فاقدة للحس الانساني والاخلاق  وهي بالنسبة لنا ساقطة”. 

شحيمي ل”جنوبية”: سنكمل في تحركاتنا  وبخطوات تصعيدية بإتجاه كل مؤسسات الدولة

ما يحصل اليوم من أزمة في الحكومة هدفها فرض هيبة حزب الله

يضيف:”نزولنا إلى الشارع اليوم هي لإيصال وجعنا للجميع، ولذلك قمنا بإقفال كل المؤسسات التابعة للدولة والمصارف، لنقول لهم بأننا لم نعد قادرين على تحملهم، ونحن من رحم 17 تشرين، وسنكمل في تحركاتنا غدا و بخطوات تصعيدية بإتجاه كل مؤسسات الدولة”.

السابق
سلامة يكشف كيفية الخروج من الأزمة.. وهذا ما قاله عن استقرار الليرة
التالي
بيان من «الدولية للمعلومات» حول الانتخابات النيابية.. هذا ما كشفته استطلاعات الرأي!