الضمان يسحب بساط الدواء من تحت الفقراء..والمعنيون يتفرجون!

مئات اللبنانيين يروون أن رواتبهم التي يتقاضونها من الدولة، لا تكفي إلا لشراء الدواء فقط، أي عليهم الاختيار بين شراء الطعام أو الدواء. أما الحكومة والجهات المعنية في هذا الملف، فهي في سبات عميق ولا حلول في الافق، لأنه ببساطة لا أموال لتغطية نفقات الضمان أو البطاقة التمويلية، وما على اللبناني إلا أن "يذهب ويقاتل المرض".

ليس من المبالغة القول أن الشعب اللبناني، تُرك لمواجهة المرض وحده، دون سند أو رقيب، حين تمّ رفع الدعم الجزئي عن أدوية الامراض المزمنة، تماما كما حصل معه سابقا في رفع الدعم عن السلة الغذائية ثم المحروقات، والأنكى أن هذا الرفع، يترافق مع عجز كامل للضمان الاجتماعي في تغطية كلفة الدواء للمضمونين، والتي باتت تقتصر اليوم على 7 بالمئة في حين كانت قبل الازمة نحو 80 بالمئة.

إذا، اللبنانيون باتوا في العراء صحيا والأسوأ ان المسؤولين عن هذا الملف، سواء الحكومة أو الضمان الاجتماعي أو وزارة العمل أو حتى لجنة الصحة النيابية، لا يحركون ساكنا، كونه لا يوجد اي تمويل لتغطية نفقات كلفة الدواء من قبل الضمان، ولا يمكن للحكومة في الظروف الحالية تأمين هذه الكلفة، وفي الوقت نفسه لم يتم إقرار البطاقة التمويلية، التي كانت وسيلة للتخفيف من تداعيات رفع الدعم.

بيرم لـ”جنوبية”: معالجة ملف الضمان مهمة مجلس الوزراء

بلغة الارقام يحتاج الضمان الاجتماعي إلى نحو 400 مليار ليرة لتغطية هذه الكلفة، وهناك سيناريوهات لتأمين هذا المبلغ، الاول رفع إشتراك المواطن بالضمان من 9 إلى 13 بالمئة (هذا الخيار سيؤثر سلبا على المواطن لأن نحو 50 بالمئة من المشتركين في الضمان لاتتجاوز رواتبهم مليون ليرة لبنانية) والثاني هو تخصيص مبلغ من الموازنة العامة لتغطية 400 مليار، وهذا الامر متعذر في المرحلة الحالية.

“جنوبية” إستطلعت الحلول مع الاطراف المعنية بهذا الملف، ففي حين ان رئيس مجلس ادارة الضمان الاجتماعي محمد كركي خارج السمع، أوضح وزير الوصاية على الضمان مصطفى بيرم ل”جنوبية” أنه “إلى الان لا قرار نهائيا في كيفية معالجة وضع تقديمات الضمان، والامر منوط باللجنة الوزارية التي نشارك فيها للتوصل إلى حل، ومجلس الوزراء الذي سيتخذ قراره في هذا الموضوع”.

هناك أزمة حقيقية.. وكان يؤمل أن يسد إقرار البطاقة التمويلية القليل من العجز

أما عضو لجنة الصحة النيابية الدكتور فادي علامة فيشرح ل”جنوبية” أن “اللقاءات التي جمعت أعضاء لجنة صحة نيابية مع جميع المعنيين في هذا الملف، كان هناك إقرار بضرورة تعديل نسبة تغطية الضمان لسعر الدواء، مقارنة بالارتفاع الكبير الذي حصل سواء في سعر الدولار في السوق السوداء أو بسعر الادوية”، لافتا إلى أن “المشكلة هي أن زيادة تقديمات الضمان، يجب أن تترافق مع تأمين التمويل اللازم لها، والضمان يؤكد إستعداده لتعديل نسب التغطية لكنه لا يجد التمويل، ولا يمكنه زيادة الاشتراكات الموظفين لأن هناك الكثير من المؤسسات، المتعثرة والمتخلفة عن سداد مستحقات الضمان، والخوف هو أن يؤدي هذا الامر إلى موجة صرف للعمال، وهذا أمر لا يفيد المواطن ولا الضمان”.

الخوف أن يؤدي زيادة الاشتراكات إلى موجة صرف للعمال

يضيف:”هناك أزمة حقيقية في هذا الموضوع، وكنا نأمل أن يسد إقرار البطاقة التمويلية القليل من العجز، الذي يشعر به المواطن بعد رفع الدعم الجزئي عن الادوية المزمنة، لكن هذا الامر لم يحصل والخوف هو من رفع الدعم نهائيا عن الادوية المزمنة في المرحلة المقبلة”، مشددا على أنه “كلجنة صحة كنا على تواصل مع جميع المعنيين، مصرف لبنان ووزارة الصحة، للضغط من أجل إستمرار الدعم للقطاع الصحي، إلى أن تم الاتفاق على تخصيص 35 مليون دولار شهريا للقطاع ( 10 مليون للمستلزمات الطبية)، و25 للأدوية الامراض المستعصية والمزمنة”، ولفت إلى أنه “بناء على هذا المبلغ تم ترشيد الدعم على الادوية، لكن نحن سلطة تشريعية وعلى الارض فإن وزارة الصحة والحكومة هم المسؤولون المباشرون”.

علامة ل”جنوبية”:الحكومة ليس لديها الاموال لتغطية عجز الضمان

ويختم:”الحكومة ليس لديها الاموال اللازمة لتغطية عجز الضمان، كما أنها لم تسدد متوجباتها له منذ سنوات وهي تقدر بمليارات الليرات، والحل لا يمكن إلا أن يكون جذريا وليس ترقيعيا، وربما الإنهيار الكامل الذي يحصل هو فرصة لتصحيح الاوضاع في كل قطاعات الدولة”.

السابق
لمنع الإضراب..ميقاتي يرشي موظفي القطاع العام بـ64 الف للنقل وبنصف راتب!
التالي
أسرار الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 19 تشرين الثاني 2021