انتخابات العراق.. السحر ينقلب على الساحر الإيراني.. ويخسر «حشده الشعبي»!

يبدو المشهد السياسي في العراق، مرشّحا للاقبال على تغييرات دراماتيكية بعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت الاحد الماضي، والتي تصدرها التيار الصدري، في حين أعلنت قوى الحشد الشعبي التابعة لإيران نيتها الطعن بنتائج الاقتراع بعد تراجعها بنسبة خمسة أضعاف عن حصتها في انتخابات عام 2018.

في انتخابات العراق البرلمانية التي جرت قبل أيام، انقلب السحر على الساحر الإيراني ، ولمّا كان الغرض من اقرار قانون انتخابي هجين بدوائر مصغّرة، هو تحكّم البيت الشيعي الذي تديره الاحزاب الموالية لطهران بالمناطق والدوائر الانتخابية، كي يسهل عليهم استبعاد الاحزاب الوطنية العابرة للطوائف ومضاعفة غلّة الاصوات الطائفية الموالية لهم ، وهو ما تمّ فعلا بشكل كبير، ولكن قبل ان تظهر كامل النتائج وتقلب الطاولة عليهم. 

خسارة مدوية للحشد الشعبي 

 غير ان المفاجأة كانت بالرأي العام الشيعي في العراق، الذي أثبت انه على مستوى عال من الوعي، فلما انشغلت فصائل ايران بمحاصرة كتلتي النصر والحكمة، التي يرأسهما رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي والسيد عمار الحكيم، تمكن انصار ثورة تشرين مع مستقلين من تسجيل خرق كبير ب 30 مقعدا ليتمثلوا في الندوة البرلمانية لأول مرة، واحتمى غالبية الاصوات الشيعية الرافضة لهيمنة فصائل الحشد على السلطة بالسيد مقتدى الصدر، فتقدّم تياره الشيعي العربي على باقي الاحزاب التابعة لايران بفارق كبير، ما شكل صدمة لهؤلاء الذين لم يوافق حساب حقلهم مع حساب البيدر. 

إقرأ أيضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: الانتخابات العراقية..«العين» على رئاستي الوزراء والبرلمان!

نتائج الانتخابات صدمت قادة الحشد الشعبي الذين اطلقوا تصريحات هستيرية ضدّ خصومهم، فقائد منظمة بدر هادي العامري كان أبرز هذه القوى الخاسرة، إذ لم تحقق لائحة الفتح التي يرأسها سوى 14 مقعداً في تراجع كبير عن النجاح الكبير الذي حققه في انتخابات عام 2018، التي حل فيها ثانيا بحصوله على 47 مقعدا، قال عقب الانتخابات في بيان حاد «لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن»، مضيفاً: «سندافع عن أصوات مرشحينا وناخبينا بكل قوة». 

كما هدّد أبوعلي العسكري، المتحدث باسم كتائب حزب الله، التي تعد أكثر فصائل الحشد الشعبي نفوذاً وأكثرها موالاة لإيران، وقال«ما حصل في الانتخابات يمثّل أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي في التاريخ الحديث». 

نتائج الانتخابات صدمت قادة الحشد الشعبي الذين اطلقوا تصريحات هستيرية ضدّ خصومهم 

وأضاف العسكري، في بيان قصد منه ترهيب خصومه، «نقف بكل حزم وإصرار لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، والإخوة في الحشد الشعبي هم المستهدفون الأساسيون، وقد دفع عربون ذبحهم إلى من يريد مقاعد في مجلس النواب، وعليهم أن يحزموا أمرهم وأن يستعدوا للدفاع عن كيانهم المقدس». 

الصدر يدعو لسحب السلاح 

وحققت كتلة السيد مقتدى الصدر نصراً انتخابياً كبيراً بحصولها على 73 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329، أي بزيادة قدرها 19 مقعداً عما حققته في انتخابات عام 2018.في حين المفاجأة الكبرى تتعلق بالهزيمة القاسية، التي تعرض لها تحالف «الفتح» الذي يضم جميع القوى والميليشيات الحليفة والموالية لطهران، وتشير الأرقام المعلنة إلى حصوله على نحو 14 مقعداً، بعد أن كان يملك 47 مقعداً في الدورة الماضية. 

وتعهد الصدر في كلمة متلفزة سحب السلاح المتفلت “حتى ممن كانوا يدعون المقاومة”، في إشارة إلى فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران. وشدد على أن “العراق للعراقيين فقط”، معيد الى الاذهان المظاهرات التشرينية التي كانت تهتف “إيران برّا برّا”…   

التشرينيون والمستقلون يتوحّدون 

وكان حصول جماعات «حراك تشرين» والمدنيين المستقلين على نحو 30 مقعداً، إحدى النتائج السارة غير المتوقعة، وكشف متصدر أصوات محافظة النجف، المرشح المستقل محمد عنوز، عن حراك لتشكيل كتلة تضم جميع المستقلين الذين فازوا في الانتخابات التشريعية، وذلك بالتزامن مع حديث العديد من النواب المستقلين عن عزمهم إعلان هذا التشكيل، تجاوباً مع ضغط الرأي العام الرافض لانضمام المرشحين المستقلين إلى كتل الأحزاب.   

وحصل عنوز، على أكثر من 15 ألف صوت، في الدائرة الأولى بمحافظة النجف، متقدماً بذلك على جميع مرشحي محافظته، ورغم أنه قد يكون أحد أكبر المستقلين الفائزين سناً، إن لم يكن أكبرهم -حيث تهيمن أعمار الشباب على معظم الفائزين المستقلين- إلا أن النائب “عنوز” عُرف بنشاطه الاجتماعي، ومساندته لتظاهرات تشرين، فضلاً عن توليه شخصياً إعداد ونشر ملصقاته الانتخابية.     

ويستبعد خبراء مهتمون بالشأن العراقي ان يتحالف مقتدى الصدر مع ثوار تشرين، وذلك لسبب ان جمهور الصدر هم من فقراء الشيعة المهمشين، الذين يتطلعون بقداسة نحو قيادتهم الدينية، في حين ان جمهور ثوار تشرين وان كان غالبيتهم من الطائفة الشيعية، الا انهم من الطبقة المتوسطة المتعلمة الذين يؤمنون بتغيير الطبقة السياسية الحاكمة ومن ضمنهم مقتدى الصدر، ويرفضون تلقي تعليمات من جهة دينية عليا تقودهم بأمور الشأن العام. 

تعهد الصدر في كلمة متلفزة سحب السلاح المنفلت “حتى ممن كانوا يدعون المقاومة” في إشارة إلى فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران

ولم يشكّل حصول ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي على نحو 35 مقعداً مفاجأة، بسبب الدعم الكبير الذي حظي به من البيت الشيعي، وتأمين تحالفه مع قوى قبلية ورجال اعمال سنة امثال المليونير خميس الخنجر، الذي يرأس تيار العزم ويحظى بشعبية لا باس فيها بمحافظة الأنبار. 

القوى السنية والكردية 

وخاضت القوى والأحزاب السنية الانتخابات بثلاثة تحالفات رئيسية، هي تحالف “تقدم” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وتحالف “العزم” بزعامة رئيس “المشروع العربي”، خميس الخنجر، فضلا عن تحالف “المشروع الوطني للإنقاذ”، برئاسة أسامة النجيفي، ومشاركة شخصيات سياسية أخرى من محافظة نينوى. 

وحل تحالف “تقدم” في المرتبة الثانية ب 43 مقعداً في حين حقق تحالف “العزم” مكاسب جيدة، من المرجح أن تجعل من القوى السنية لاعباً أساسياً في ترجيح كفة الصدر على منافسيه من القوى الشيعية الأخرى، إذا ما قبلت بالتحالف معه لتشكيل الكتلة البرلمانية. 

أما في إقليم كردستان، تمكّن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني من الفوز بنحو 32 مقعداً، متجاوزاً رصيده في الانتخابات الماضية بـ7 مقاعد، وفيما مُنيت حركة «التغيير» الكردية بخسارة مفاجئة قاسية ولم تحصل على أي مقعد، تمكّنت حركة «الجيل الجديد» الناشئة من الفوز بنحو 9 مقاعد.

السابق
قنبلة «التحقيقات» تُفجّر جلسة الحكومة.. وزير يصرخ بوجه عون ويُهدد!
التالي
بعد ملامسته الـ٢١ الفاً.. هل انخفض سعر صرف الدولار مساءً؟