لحظة الارتطام بدأت.. لا حكومة الا وفق التوقيت الايراني: ماذا بعد الاعتذار؟

الرئيس المكلف سعد الحريري ٢٠٢٠

كما كان متوقعا وبعد شهور من المماطلة والتعطيل وفرض الشروط المضادة من قبل فريق العهد، اعتذر يوم أمس الرئيس المكلف سعد الحريري، ليدخل لبنان أمس منعطفاً بالغ الخطورة، ما فتح الباب أمام سيناريوهات كارثية سيواجهها لبنان، الغارق في بحر من الازمات على شتى الاصعدة، وسط الكثير من الاسئلة عن مستقبل الوضع في البلد في مرحلة ما بعد الاعتذار، وفي ظل مخاوف جدية على الاستقرار الامني الذي بات مهدداً أكثر من أي وقت مضى، حيث صدرت دعوات للجيش للامساك بزمام الامور. وقد بدا واضحا من كلام الحريري بعد خروجه من اللقاء مع عون أن الاخير كان اتخذ قراره بعدم تسهيل مهمة الرئيس المكلف، بدليل قوله له “إننا لن نتفق” عندما سأله الحريري إذا كان يريد مزيداً من الوقت لدراسة التشكيلة. 

إقرأ أيضا: الحريري يُفنّد عقبات تشكيل الحكومة ويردّ على هجوم جنبلاط.. وهذا ما قاله عن علاقته بالسعودية

فيما قالت، أوساط معارضة لـ”السياسة” الكويتية ان”العهد ومن خلفه حزب الله لا يريدان حكومة، الا وفق التوقيت الايراني، وبالتالي فإن لا حكومة في المدى المنظور، ما يجعل لبنان عرضة لشتى الاحتمالات. واشارت صحيفة “اللواء” الى ان الأوساط القريبة من “الثنائي الشيعي” إعلانها “ارتحنا”. وقالت الأوساط لـ”اللواء” ان لا اتفاقيات مسبقة بين الثنائي والحريري او بين الثنائي وجهات خارجية لمرحلة ما بعد الاستقالة، لافتة في هذا السياق إلى ان لقاء رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد مع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل لم يعط نتائج إيجابية بدليل ان الحريري قدم استقالته. ولم تسقط الأوساط البحث الجدي لإعادة تعويم حكومة الرئيس حسان دياب لتشرف على اجراء الانتخابات النيابية ويبدو بحسب المصادر ان هذا الحل قد يشكل مخرجاً مقبولاً في حال نجح تسويقه خارجياً.

من جهتها، أشارت معلومات “الجمهورية” انّ الحريري اتصل بعد زيارته قصر بعبدا برئيس مجلس النواب نبيه بري وأبلغ إليه أنّ اللقاء مع عون “كان عاطلاً”، وانه “سَيبقّ البحصة” ويكشف كل شيء في مقابلته التلفزيونية مساء أمس. وفي المعلومات أيضاً انّ اوساطاً قيادية في “حزب الله” كانت على بَيّنة منذ صباح امس من انّ الحريري سيعتذر على رغم من محاولات ضَخ بعض المؤشرات الإيجابية. وبري والحزب يفضّلان اختيار بديل ينطوي على حيثية تمثيلية في بيئته، ويكون كذلك مقبولاً منهما ومن الآخرين.

كذلك كان هناك انطباع لدى أوساط سياسية قريبة من 8 آذار بأنّ الحريري كان عازماً على الاعتذار، وانه اتخذ قراره الضمني في هذا الشأن قبل أن يزور قصر بعبدا وهو يعرف رَدّ الرئيس ميشال عون على التشكيلة الجديدة التي استخدمها الرئيس المكلف كمناورة لتبرير اعتذاره وتحميل المسؤولية لرئيس الجمهورية. ووفق تلك الاوساط، انّ الحريري توصّل الى قرار الاعتذار على قاعدة انّ اولويته في المرحلة المقبلة هي للانتخابات النيابية، وبعد اقتناعه بأن المملكة العربية السعودية لن تفتح أبوابها أمامه.

وأفادت معلومات “الجمهورية” انه بعد احتواء فورة الاحتجاج على اعتذار الحريري في البيئة السنية، سيبدأ البحث في الاسم البديل، واذا كان هناك استعداد غربي وسعودي للأخذ والرد في هذا المجال والتعاون مع شخصية مقبولة، فإنّ في الإمكان معالجة الاعتراضات الداخلية المحتملة وتجاوزها.

من جهة أخرى، رأت مصادر سياسية في إعتذار الحريري عن التكليف خطوة صائبة لأن هناك استحالة للتعاون بين عون والحريري من اللحظة التي أعلن فيها عدم التعاون مع باسيل. وقالت لـ”الأنباء” الإلكترونية إن “الحريري الذي أقرّ في حواره (مساء أمس) مع محطة “الجديد” أنه أخطأ التقدير لاعتقاده أنه قادر على التعاون مع عون رغم اقتناعه أن عون طلب من النواب عدم تسميته كان يدرك جيدا أن عون وفريقه السياسي لن يسمحوا بتحقيق الإصلاحات وخاصة في وزارة الطاقة، وفي الوزارات التي تفوح منها رائحة الفساد كما هي حال التحقيقات في انفجار المرفأ”.

أوساط بيت الوسط اعتبرت عبر “الأنباء” الإلكترونية ان “إعتذار الحريري أعاد تصويب الأمور كي يتسنى له معالجة شؤون البيت الداخلي في تيار المستقبل بعد ما بدا واضحا عدم رغبة العهد في التعاون مع الحريري”. واتهمت المصادر العهد “بمحاولة تفريغ رئاسة الحكومة وتحويلها الى دائرة ملحقة بالقصر الجمهوري”.

هذه العوامل مجتمعةً تستظلّ بمساعٍ دولية، أميركية – فرنسية تحديداً، لفتح معركة الانتخابات النيابية المقبلة منذ الآن، بهدف تامين أغلبية نيابية معادية لحزب الله. وظهر ذلك في أداء السفيرتين دوروثي شيا وآن غريو، اللتين ضغطتا أمس لقبول رئيس الجمهورية بالتشكيلة التي قدّمها الحريري، على قاعدة أنها تعني تأليف حكومة من دون حزب الله! وفي هذا الإطار، أتى هجوم رئيس تيار المستقبل على حزب الله، وتحديداً على التحالف بين الحزب والرئيس ميشال عون، في ما يبدو أنه الهدف الأول لحملته الانتخابية.

وعملياً، كان قد بدأ منذ أسبوع البحث عن بديل للحريري يحظى بموافقته، وهو ما كان قد اشترطه الرئيس نبيه بري عليه قبيل اعتذاره. وبحسب المعلومات، فإن اسم نجيب ميقاتي لا يزال الأوفر حظاً، رغم اشتراط الأخير تعهداً مسبقاً من الفرنسيين والأميركيين والسعوديين بتشكيل الحكومة وبتأمين مساعدات مالية لها لإنجاحها. يبقى السؤال المطروح هنا، عما سيكون موقف الحريري من أي رئيس مكلّف آخر، وما إذا سيكون مسهّلاً له أو معرقلاً لمهمته، وفي ما إذا كان سيرضى بمن تدعمه السعودية ليحلّ مكانه أو سيقف في مواجهته، إضافة إلى موقف التيار الوطني الحر، وخاصة أن ميقاتي لن يكون أكثر مرونة من الحريري مع مطالب باسيل. ولهذه الأسباب، من غير المستبعد أن تبقى حكومة الرئيس حسان دياب في حالة تصريف أعمال، إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة.

السابق
الحريري يعيد «كرة النار» إلى «حزب الله»..الإنهيار يتسارع ولا بديل حكومياً!
التالي
الكاظمي والمعادلة الصعبة