رسالة عون «البائسة» تفتح «كوة» في التشكيلة الحكومة الجامدة!

علي الامين
رغم الرسالة الرئاسية "البائسة" لسحب التكليف من الرئيس سعد الحريري والتي مُنيت بفشل ذريع، لا بل كرست تسمية الحريري بحسب موقف الرئيس نبيه بري الذي إتخذه بإسم مجلس النواب، إلا ان ما قبلها لن يكون كما بعدها، وتمكنت من تحريك المياه الحكومية الراكدة.. و"العكرة".

فتحت رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب ، “كوة” نتيجة الإتصالات والتطورات، وسط “تشاؤل” طغى الى حد ما على، التشاؤم المفرط لمصلحة تفاؤل “نسبي”، يُرجح تشكيلة مرتقبة قريبة.

إذا، عادت مجددا نغمة تشكيل الحكومة لتحتل صدارة الحركة السياسية، من مواقف واتصالات رسمية، وفيما يتوقع ان يعود الحريري الى بيروت خلال ساعات، تذهب بعض الاوساط السياسية والاعلامية الى توقع اتفاق على التشكيلة الحكومية ب ٢٤ وزيرا بلا ثلث معطل، وباتفاق على شخص وزير الداخلية بما يرضي الرئيس في بعبدا والحريري، او لا يستفزهما في اسوأ الظروف، وهو اتفاق يصوغه الرئيس نبيه بري، الذي نجح في كسر الفيتو الذي طالما كان يصدر من بعبدا تجاهه، وهو الانجاز في كل هذه الحركة، طالما ان “حزب الله” لا يريد حكومة لا يشارك فيها اعداء ايران او خصومها.

توقع اتفاق على التشكيلة الحكومية ب ٢٤ وزيرا بلا ثلث معطل وباتفاق على شخص وزير الداخلية بما يرضي عون والحريري او لا يستفزهما

يشدد بعض المتابعين للاتصالات في سبيل التسوية الحكومية بين اركان السلطة، ان “التطور الايجابي في مفاوضات فيينا بشأن العودة الى الاتفاق النووي مع ايران، يرخي بظلاله الايجابية على مسار التسوية هذا”.

علما ان المطلب الدولي الذي عبرت عنه المبادرة الفرنسية الى كل المواقف الدولية، راحت الى الاكتفاء بمطلب تشكيل الحكومة كخطوة لا بد منها من اجل البدء بوقف المسار “الانهياري” الذي يطال الكيان اللبناني.

قد يفاجِئ البعض، واقع ان الانهيار افقد السلطة الحاكمة في لبنان، القدرة على تقديم الحلول او وقف الانهيار، وهذا ليس تبرئة لأطراف السلطة من حال العفن الذي وصلت اليه، و اوصلت مؤسسات الدولة الى حدود الانهيار والتلاشي، بل محاولة لفهم قدرات منظومة السلطة تحت رعاية حزب الله وادارته، في اعتماد الحلول التي تفترض ببساطة شديدة، وقف النهب والاقلاع عن عقلية اعتبار المنصب العام غنيمة لمتوليه وازلامه ومعاونيه.

اما احالة ازمة تشكيل الحكومة الى ابعاد دولية واقليمية، فهو من قبيل الهروب الى الأمام، او بتوصيف ادق الخداع الذي يريد ان يعلق الأزمة على مشجب الخارج، ويحاول خداع المواطنين بمقولة ان الحلول هي برسم الخارج.

الأرجح ان الخارج لم يعد مهتما بأكثر من استقرار الحدود الجنوبية مع اسرائيل، وبضبط الوضع الامني بما لا يخل بالاستقرار الأمني والعسكري وبالحدود التي تحول دون حصول نزوح او تهجير.

الخارج المؤثر في السياسات الاقليمية والدولية سيكتفي بهذا القدر من لبنان، ولن يضيف شيئا على النصائح التي تدعو الى تشكيل حكومة.

وهو موقف الى جانب كونه تعبيرا عن ان الاقليم يعج بالمشكلات، ولبنان في آخر سلم الاهتمامات، انه موقف ينطوي على ان الاهتراء كفيل بارهاق الجميع في لبنان، وسيرضخون لاحقا لمقتضيات الحلول المطروحة.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: سمير صفير على خطى شربل وهبه..إعتذر من السعودية فأطلقت سراحه!

لعبة “عض اصابع” من جانب واحد هذه المرة، من جانب لبنان وتحديدا من السلطة وراعيها ومديرها وحامي وجودها، ذلك ان الأرضية التي يقف عليها هذا البلد لم تعد صلبه، بل تهتز وتتفسخ، والتخلي العربي والدولي شبه الكامل عن لبنان، لن يوفر فرصا لقيام بدائل موضوعية تلبي الفراغ الذي سببه الانكفاء العربي والدولي، فالنموذج الايراني في التمدد والسيطرة، دائما ما يحتاج الى شريك في اي بلد يتمدد فيه، وشرط الشراكة ان يكون الشريك عدوا او خصما وليس حليفا، اي ان ايران لا تنفعها تسوية في لبنان مع حليفها النظام السوري، بل تطمح الى تسوية مع واشنطن او الرياض او حتى تل أبيب، تسويات لا تخل بالتأكيد بالدور الأمني والعسكري للمنظومة الايرانية.

ايران ومن خلال “حزب الله” لا تريد حكومة من دون شراكة اميركية او شراكة سعودية

مشكلة “حزب الله” ومحور ايران على وجه العموم، غياب هذا الشريك العدو في لبنان، وهو ما يعطل تشكيل الحكومة، لا لأن الخارج المختلف مع ايران لا يريد حكومة، بل لأن ايران ومن خلال “حزب الله” لا تريد حكومة من دون شراكة اميركية او شراكة سعودية.

هذا يُعيد الى ان الأكثرية النيابية بل مجلس النواب بمعظمه، سيمنح الثقة لأي حكومة يريدها “حزب الله” واتباعه، ولكن الحزب لا يريد حكومة طالما ان “الشيطان الأكبر” لا يباركها ولا يحتضنها.

لذا يمكن فهم لعبة ملئ وقت الفراغ بالزجل السياسي، هكذا فعل السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير بتقديم النصائح وبالدعوة للاستعانة بصديق، وما الى ذلك من كلام يفيد عمليا ان لا حكومة وان كان ظاهر كلامه معاكس.

عدم تشكيل حكومة هو اشعار يقدمه “حزب الله” للخارج انه ايضا ليس مستعجلا وانه لا يخاف من تداعيات التفرج على الانهيار

لذا الخيار المتاح امام “حزب الله” من اجل حماية نفوذه الامني والعسكري وميزته “الجهادية”، تتركز على حماية مكتسبات الدويلة واستثمار الدولة في سبيلها، وهذه الدويلة المعززة بقوة السلاح والصواريخ، هي الجهة المخولة للحديث معها بشأن الجغرافيا اللبنانية وجزء من سوريا، وهي وضعية قابلة للاستمرار بشروطها الميليشيوية، اي بمزيد من السطوة على اللبنانيين، وهي سطوة ستشتد كلما زاد الفقر والعوز، اللذان يشكلان وسيلتان حيويتان لاستعباد الناس، والسيطرة على المجتمع وهذه المرة ب”شق تمرة” لكل فم.

من هنا فان عدم تشكيل حكومة هو اشعار يقدمه “حزب الله”، لمن يهمهم الأمر في الخارج الدولي والاقليمي، انه ايضا ليس مستعجلا وانه قادر على التفرج على الانهيار، من دون ان يخاف من تداعياته، طالما ان دويلته ستجد مكانها ووظيفتها، وطالما ان ذلك لن يخل بولاء الشيعة له طوعا او كراهية.. على قاعدة “شاء من شاء و أبى من ابى”!

السابق
خاص «جنوبية»: سمير صفير على خطى شربل وهبه..إعتذر من السعودية فأطلقت سراحه!
التالي
عداد «كورونا» يتأرجح وإرتفاع الوفيات..8 ضحايا و319 إصابة جديدة!