من «الصفر» الدولي إلى.. «المُكعب» اللبناني!

لبنان
في الوقت الذي يشهد العالم تحولات عامودية في الاستراتيجيات و العلاقات الدولية، يحاول البعض تجميل حالة التقوقع على الذات القاتلة، بالقول انها (كرامة الممانعة)، لكن واقعاً الحضور اللبناني يتبخر تدريجياً عن الخارطة الكونية ليمسي وكأنه غير موجود.

العلاقة مع الدول الأوروبية منقطعة، الولايات المتحدة عدوة، روسيا بحياء تستقبل القيادات اللبنانية،  دول الخليج تعتبر لبنان غير ذات أهمية، وإيران الجمهورية القابعة في قلوب كثرة لبنانية مسيطرة، تكتفي بتوجيه أوامر لتابعيها عن بعد ومن خلال وسائل اتصال بدائية، الصين لا تلتفت إلينا حتى ولو نظرنا إليها، لاننا ببساطة لا نشكل في علاقتنا و تجارتنا معها أكثر مما يستهلكه مطعم في منطقة من مناطقها الشعبية.

إقرأ أيضاً: لبنان الحرية ليس «جائزة ترضية»!

الكره العميق في الداخل اللبناني سيد الموقف، وقد لا تجد من المسؤولين من يتحاور مع الآخر، و يدعوه إلى لقاء على فنجان قهوة برازيلية او كاسة شاي سيلانية او حتى اي نوع من المشروبات بما فيها الكحولية ، التقوقع الممارس بين الأطراف المحلية يخدم التعتييم ويدعم التضليل، لإنهاء فرضية الشروع في تحديد المسؤولية عن من هو مسؤول عن إنهيار الجمهورية. 

حتى الثورة أو ما بقي من قيادتها البارزة، تتنافس في ما بينها فقط على الإطلالات الإعلامية

تحالف الفساد غير المعلن عنه بل و غير المعترف به من الطبقة الحاكمة، هو المسيطر على كامل الجغرافيا اللبنانية. حتى الثورة أو ما بقي من قيادتها البارزة، تتنافس في ما بينها فقط على الإطلالات الإعلامية، التي تضج بها برامج الحوارات والتصريح على نشرات الأخبار المكتوبة والمرئية.

فتح قنوات للوصول إلى حل للقضية بات محصوراً  للاسف في الداخل  بعدما باتت المبادرات الخارجية ومنها الماكرونية ليس بذات أهمية،  وهو لربما الأمر الذي طرحه مواربة وزير الخارجية الفرنسية، عبر لقاءاته و اتصاله بأفرقاء محددين استثنى منها ورثة رئيس الجمهورية، وهم على التوالي رئيس مجلس النواب وعبره ومن خلاله حزب الله، الرئيس المكلف تشكيل حكومة المهمة سعد الحريري، وليد بك جنبلاط، سليمان بك فرنجية، البطريرك الماروني مطعمة بقوى تم تصنيفها على انها مجموعات معارضة تشرينية، تعمل معا على محاصرة ووقف انتشار المعضلة الباسلية المستجدة التي أعمتها ملذات الحكم والشهوة للوصول إلى الكرسي الرئاسية، تلك التي ما عادت تدرك حجم التبدلات المتسارعة في الجوار والاقليم والتي تستدعي تهدئة مطلوبة استراتيجية اقلها في المرحلة القادمة والحالية، لكن وعلى ما يبدو  فإن هذه الحالة، لا تلتفت حتى لتلميحات داعمها الرئيسي، لأنها تعتبر ببساطة أن رضوخها سينهي حضورها على الساحة السياسية ويقضي على طموحاتها المستقبلية.

الحلول الهوائية وتلك الصوتية والاستعراضية الأقل من آنية، التي يجهد بعض من هم من  المحسوبين على العهد لإقرارها، غالبا ما تنتهي وهي فعلاً تنتهي إلى كارثة أكبر من المصيبة التي ينوي حلها.

حل القضية بعد كل ما تقدم ما عادت تتمحور، حول نوع الهرة او لونها وجمالها، بقدر ما هو متصل ومرتبط بقدرتها على القضاء على الفئران.

المرحلة المقبلة ستشهد، شأنا ان ابينا   تحالفا ما قد لا يرضى عنه بعض  السياسيين او الثوار، لكنه في طريقه إلى التحقق

محاولة رفع قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، في ظل الإنهيار الاقتصادي والشلل التجاري ليس بالأمر السوي، وكما قال أحدهم “اقتصاد صحي وتجارة مربحة، هو خير من رفع مصطنع لقيمة العملة الوطنية او دعمها أمام العملات الاخرى الاجنبية”. 
فتح العلاقات مع دول الجوار والسعي لزيادة الأصدقاء، والعمل لأجل صفر مشاكل في الاقليم مع العرب والغرب ومع دول في هذا العالم، باستثناء الإسرائليين المغتصبين للحق، سيزيد من فرص النهوض واستعادة النشاط، السعي للوصول إلى حكومة انقاذية والعمل على حماية الحقوق  وزيادة انتاج ما يحتاج إليه الناس، من سلع تدريجياً للتقليل من فرص استيرادها سيخفف من حدة الأزمة، واذا ما نشطت التجارة والسياحة وزادت الصادرات، انتقلنا إلى النمو ودخلنا في المنافسة على التطور وخضنا تجربة الرؤيا البعيدة الأهداف العُشرية.

المرحلة المقبلة ستشهد، شأنا ان ابينا   تحالفا ما قد لا يرضى عنه بعض  السياسيين او الثوار، لكنه في طريقه إلى التحقق، وما شهدناه من خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي، المسبوقة بعدة لقاءات دولية وإقليمية واتصالات مع أصحاب القرار ومع ادارتها، ينبئ بحدوث شيء ما يشبه التحالف، او بشكل ادق التقارب الذي من المتوقع له أن ينهي الشهوانية المميتة المطلقة، لبعض اختار ان يبقى حتى اللحظة خارج سرب التسويات الضرورية. هذا طبعا اذا عرف  كل المعنيين والمكلفين وأتقنوا وأيقنوا خطورة ما نحن عليه، وما سنقبل  إليه واحسنوا كيفية القيام بذلك بحرفية.

السابق
الطفيلي يُبشّر بزوال قريب لنظام الأسد.. ويُحذّر من عودة اللاجئين: «الجزّار» بانتظارهم!
التالي
ملف المعتقلين اللبنانيين في سوريا إلى الواجهة.. مذكرة قضائية ضد نظام الأسد