المجاعة تزحف جنوباً.. ومنازل تتحول الى «دكاكين»!

الفقر في لبنان
يوما بعد يوم يرتفع منسوب القلق والخوف عند الجنوبيين، في ظل ارتفاع أعداد المحتاجين للقمة العيش، بعدما أصبحوا ينتظرون وجبات الطعام الجاهزة التي يؤمن غالبيتها العديد من المغتربين الميسورين، في وقت يزداد فيه احتكار المواد المدعومة وصولا إلى جفاف معظمها. فيما يتسابق ممن بحوزتهم أموالا محدودة هي بالكاد رواتبهم وبعض تحويلات أبنائهم، لتخزين المواد الغذائية الأساسية في منازلهم التي باتت تشبه الدكاكين الصغيرة.

البضائع المدعومة التي كانت تباع بالقطارة، صارت في خبر كان، وأصبحت رفوف التعاونيات خالية من اي صنف سواء زيت او تونا – سردين او اجبان وحتى الشاي، ولم يبق امام الجنوبيين كسائر اللبنانيين من الطبقات المسحوقة، سوى تحمل الواقع الجديد، الى حين بطاقة الدعم الحكومية الموعودة.

اذا بات المشهد مخيفا واكثر قلقا من الشهر الماضي، فكل السيناريوهات باتت ملموسة، خصوصا مع الارتفاع الكبير للسلع والذي تخطى بعضها الاربعين بالمئة في غضون شهر واحد، وعلى سبيل المثال ،قالب الجبنة المبسترة الصغير ارتفع من 13 الف الى سبعة وعشرين الف ليرة ،شوال المحارم(10 اكياس صغيرة ) وهو مجهول مصدر صناعته اللبنانية ،كونه لا يحمل اي اشارة لعنوان المعمل والوزن، ارتفع بين ليلة وضحاها من 24 الف ليرة الى اربعين الفا ، وكل ذلك يحصل رغم استقرار سعر صرف الدولار نسبيا .

إقرأ أيضاً: «الثنائي» يَستعين بالشارع لحماية منظوماته الفاسدة..و«تعبئة» على الورق جنوباً وبقاعاً!

فماذا بعد انتهاء شهر رمضان،الذي يتزامن مع وقف ما سمي الدعم على مجموعة من المواد الغذائية الاساسية، التي لم تعد موجودة ،ما عدا بعض كميات السكر المدعوم ،ولا تدوم اكثر من ربع ساعة ويوضع في التعاونيات على شكل غزوات سريعة، وثمن كل خمسة كيلو غرامات منه ب13 الف وخمسماية ليرة ،فيما قفز نفس الحجم في مخازن النور التابعة لحزب الله في كل المناطق من احد عشرة الف الى عشرين، فيما تجاوز سعر كيلو السكر الواحد غير المدعوم تسعة آلاف في التعاونيات والدكاكين، وتم خفض بيع الزيت بموجب بطاقة السجاد، من خمس ليترات الى ثلاثة شهريا، ورفع سعر ملحوظ لليتر الواحد من سبعة الى تسعة آلاف ليرة تقريبا .

غالبية الفئات من المياومين والعمال والموظفين في كافة الاسلاك الحكومية جنوبا، يتصرفون على اساس ان القادم اعظم

 غالبية الفئات من المياومين والعمال والموظفين في كافة الاسلاك الحكومية جنوبا، يتصرفون على اساس لا ريب فيه ، وهو ان القادم اعظم ،وقد تأتي  بعض الأيام التي لا يوجد فيها بضائع، حتى لو توفرت الاموال القليلة، فلجأ الكثير منهم ممن يتوفر لديه المال المطلوب ، بتحويل منازلهم الى مستودعات للمواد الغذائية من ارز وحبوب ومعلبات وحتى ادوات التنظيف ، تم شراؤها خلال الاشهر القليلة الماضية ،من بينها ما تيسر من بضائع مدعومة .

الهم الرئيسي عند الهام وهي موظفة متقاعدة، شراء المواد الغذائية باكثر من ثلثي راتبها مع بداية كل شهر، ولا تترك خبرية من هنا وهناك الا وتتبعها، للحصول على مواد اقل سعرا في التعاونيات المنتشرة في النبطية وضواحيها .

تقول لـ”جنوبية” : انا نسبيا افضل من غيري بكثير، فهناك راتب اتقاضاه لا يتجاوز المئتي دولار ،ولكني اتساءل كيف تعيش الاسرة التي يعمل مدبرها باقل من خمسين الف ليرة في اليوم.

بدأ اصحاب عدد كبير من المؤسسات وعلى وجه الخصوص المحلات الصغيرة التي تبيع المواد الغذائية على شفير الهاوية

قرر ابو حسن وهو رب عائلة تتألف من اربعة اولاد و زوجة التوقف عن العمل في شهر رمضان، لان بدل اجره اليوم في البناء اربعين الف ليرة اذا توفر، نتيجة شبه  توقف اعمال البناء .

يقول:ان هذا الشهر رمضان  كان كريما جدا، وكل المتطلبات اليومية ،من مواد غذائية ولحوم ودجاج وحتى الخضار تتأمن من خيرين يوزعون هذه العينات على فقراء ومحتاجين في بلدتي “حناويه” وخوفي الكبير ماذا سيحل بنا بعد انتهاء هذا الشهر وتوقف الدعم على المواد الاساسية .

فأبو حسن واحد من آلاف الحالات الفقيرة والمدقعة التي تعتاش على مساعدات حزبية وجمعيات خيرية واغنياء في افريقيا واوروبا ينفقون اموالا عن ارواح موتاهم خاصة في شهر رمضان .

في مقابل هذا الوضع المتردي، بدأ اصحاب عدد كبير من المؤسسات وعلى وجه الخصوص المحلات الصغيرة التي تبيع المواد الغذائية ، على شفير الهاوية جراء تقلبات ارتفاع الاسعار وعدم قدرتها على مجاراة التعاونيات والمحال الكبيرة، إضافة الى تراجع واحجام كثير من العائلات عن شراء مواد السلة الغذائية، بعدما اصبحت هذه المواد مكدسة في منازل كثيرة من الفئات الفقيرة والمتوسطة، التي تمد بمساعدات عينية وحتى مادية. 

السابق
«حزب الله» يستبيح القارّة السمراء بالمخدرات.. وشبكة من التجّار الشيعة في خدمة مصارف لبنانية!
التالي
كيس «شيبس» يُشعل غضب نائب لبناني.. وينهر مواطنة: لا تشترِ!