هل تفجّر إطاحة القاضي صوان التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت؟

شهداء انفجار المرفأ

ماذا بعد القرار المدوّي الذي أصدرتْه محكمة التمييز الجزائية وقضى بنقل ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت (4 اغسطس) من يد المحقّق العدلي القاضي فادي صوان إلى قاضٍ آخَر؟

سؤالٌ طغى على المشهد اللبناني أمس وحَجَبَ الأنظارَ عن المأزق الحكومي وآفاقه التي كانت محور زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري للدوحة التي توّجها بلقاء أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والتي شكّلت محطة جديدة في محاولته حشْد دعم عربي ودولي لمرحلة ما بعد تأليف الحكومة الجديدة على قاعدة أن تُلاقي معاييرُها «بروفايل» الاختصاصيين غير الحزبيين وبلا ثلث معطّل لأي فريق.

ونافَسَ «وهجُ» كفّ يد القاضي صوان بعد ستة أشهر ونيف من تعيينه وبدء التحقيقات في «بيروتشيما» والتي علقتْ في محطاتها الأخيرة خصوصاً في «شِباك» التجاذباتِ السياسية والطائفية والدستورية، الارتفاعَ المضطردَ في سعر صرف الدولار في السوق السوداء (تجاوز 9450 ليرة) وتَوالي «الصرخات» من أزماتٍ متناسلةٍ تطلّ برأسها من قطاعات اللحوم والدواجن والاستشفاء وصولاً إلى «الأمن الغذائي».

وأتى هذا القرار القضائي في إطار بت طلب نقل الدعوى المقدم من الوزيرين السابقين (للمال والأشغال) علي حسن خليل وغازي زعيتر في ديسمبر الماضي «للارتياب المشروع» وذلك بعد أيامٍ من ادعاء صوان عليهما وعلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب و وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وايذاء مئات الأشخاص.

توقع ردود فعل دولية

وإذ يسود الانتظارُ «التقني» للخطوة التالية بعد هذا التطور المُلْزِم، في ضوء إشارة القرار إلى «إحالة الدعوى على قاضٍ آخَر يُعيَّن وفق نص المادة 360 من أصول المحاكمات الجزائية» (يتولى التحقيق في القضايا المحالة على المجلس العدلي قاضٍ يعيّنه وزير العدل بناءً على موافقة مجلس القضاء الأعلى)، يجري رصدٌ دقيق للأصداء الخارجية لـ «تفجير» التحقيق في الانفجار الهيروشيمي الذي تسبب بسقوط أكثر من 200 ضحية و6500 جريح ودمّر نصف العاصمة، ولا سيما بعدما حرص المجتمع الدولي مراراً على «التوازي» في ربْط أي إفراج عن دعم مالي بنيوي للبنان بتأليف حكومة تنال ثقة الخارج وتراعي مواصفاته، وبكشف حقيقة انفجار المرفأ وشحنة نيترات الأمونيوم الفتّاكة.

إقرأ ايضاً: خاص «جنوبية»: إغتيال سليم خارج صلاحية «اليونيفيل»..ولا تنسيق مع الأجهزة اللبنانية

وفيما تَظَهَّرَ هذا التوازي بوضوح في أوّل بيان مشترك بين الخارجيتين الأميركية والفرنسية لمناسبة مرور 6 أشهر على «تسونامي الدم والدمار» والذي شدد أيضاً على «وجوب سير العدالة في لبنان بشفافية بعيداً عن أي تَدَخُّلٍ سياسي»، فإنّه من المبكر التكهّن بتداعياتِ هذا الحَدَث القضائي – الذي أعاد التحقيقات الى النقطة صفر – بمجمل أبعاده وخفاياه على محاولة بيروت تَلَمُّسَ طريق استعادة ثقة الخارج بإمكان «انقلاب» الطبقة السياسية على نفسها ونهجها وتغطية حكومةٍ يتقاسمها غالبية أطرافها «عن بُعد» عبر اختصاصيين لا يشكّل أي «تكتل» منهم منفرداً ثلثاً معطلاً يكون بمثابة «زر تفجيرها» من داخلها بالاستقالة أو العرقلة.

لقاء الحريري وامير قطر

وكان ملف الحكومة والواقع اللبناني وتطورات المنطقة محور لقاء الرئيس المكلف تشكيل الحكومة وأمير قطر الذي استقبل الأول في الديوان الأميري «وجرى خلال اللقاء، عرْض أبرز المستجدات في لبنان، حيث أطلع الرئيس الحريري، الأمير تميم على آخر تطورات الأوضاع والجهود المتعلقة بتشكيل الحكومة».

وأكّد الشيخ تميم «موقف دولة قطر الداعم للبنان وشعبه»، داعياً جميع الأطراف اللبنانية إلى «تغليب المصلحة الوطنية للإسراع في تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الأزمات والتحديات التي يتعرّض لها لبنان».

وفيما تحدّثت معلومات عن أن الحريري انتقل من الدوحة إلى الإمارات العربية المتحدة في طريقه الى بيروت، لم يكن ممكناً تكوينُ صورةٍ واضحة عما إذا كانت قطر التي تتزايُد مؤشراتُ تحوّلها قناة وساطة بين واشنطن وطهران على تخوم الأخذ والردّ حول الاتفاق النووي، تلعب أيضاً دوراً على خطّ إكمال «بوليصة التأمين» الخارجية التي تحتاج إليها الحكومة اللبنانية الجديدة والتي تعمل باريس على نسْجها.

واشنطن ابلغت باريس أنها لا تمانع أن «يحضر» حزب الله في الحكومة العتيدة «عن بُعد»

وفي حين كانت بعض الأجواء في بيروت تتحدّث عن شيء ما تَغيّر في الأفق المسدود حكومياً استخلصتْه من كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وموازنته ضمناً بين رفْض إحراج رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه بكسْره في «المعركة» مع الحريري وبين عدم موافقته (حزب الله) على إخراج الرئيس المكلف من معادلة التشكيل، وصولاً إلى طرْحه تشكيلة الـ 20 او 22 وزيراً كمدخل لمعالجةٍ لا تشتمل على ثلث معطّل، فإن أوساطاً مطّلعة اعتبرت أن أي «بصيص» إيجابيات في الأزمة الحكومية يبقى رهناً بترجماتٍ لم يظْهر أياً منها بعد، ولن يكون في النهاية مرتبطاً إلا بحسابات «حزب الله» الإقليمية وبلعبة «الشدّ» الإيرانية في المنطقة ومدى حاجة طهران إلى «إشارات مرونة» لن تكون بالنهاية في ظلّ موازين القوى في لبنان على حسابها.

على أن مصادر قريبة من فريق 8 مارس ومطلعة على جانبٍ من كواليس مسار التأليف أبلغت أن التركيز على العامل الخارجي في عملية التشكيل لم يعُد ذا معنى بعدما أبلغت واشنطن إلى باريس أنها لا تمانع أن «يحضر» حزب الله في الحكومة العتيدة «عن بُعد»، لافتة إلى أن ربط بعض الداخل أيضاً تعقيدات ملف الحكومة باستحقاق رئاسة الجمهورية وحساباته خاطئ لأن موقف الحزب واضح وهو ليس في وارد إعطاء كلمة في هذا العنوان قبل الأوان.

واستحضرت المصادر في هذا السياق كلام الناطقة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية جيرالدين غريفيث عبر قناة «الجديد» عن أن «حزب الله منظمة إرهابية، وليس هناك أي تغيير في سياستنا تجاهه»، إلا أنها تداركت «ما يهمنا أن تكون أي حكومة جديدة قوية وقادرة على تلبية احتياجات الشعب اللبناني، ومستعدة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وقرار مشاركة(حزب الله)في الحكومة يعود للشعب، ونحن كنا رأينا العام 2019 احتجاجاً من الشعب ضد الفساد».

السابق
رفع الوزراء الى 22 طرح جدي قيد الدرس!
التالي
مروان كنزاري من تونس إلى هوليوود.. فيلم بجانب «ذا روك»