الحكومة إلى نقطة الصفر: عون لن يتراجع والحريري رمى كرة التعطيل في ملعب بعبدا!

ميشال عون سعد الحريري

على الرغم من اعادة احياء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، مبادرته اللباننية وتدخله على خط التاليف الحكومي ولقائه الذي اتسم بالسرية مع الرئيس المكلف سعد الحريري، لم يحدث أي خرق في الجدار الحكومي في بعبدا وهو ما اعلنه الحريري بعد زيارته القصر الجمهوري أمس.

وتؤكّد المصادر المحيطة بملف التأليف لـ”الجمهورية”، إنّ أي حراك جديد سواء على مستوى الداخل او الخارج، محكوم بالفشل المسبق، ربطاً بالأفق المسدود بين عون والحريري، وتمترس كلّ منهما خلف موقف قاطع لا تراجع عنه من قبلهما، ويتمثل في أنّ كل رئيس يريد حكومته، ويريد أن يُلزم الرئيس الآخر بها، ورفض كلّ منهما التنازل او التقدّم خطوة في اتجاه الآخر.

اقرأ أيضاً: الحريري يكسر الجليد مع بعبدا لا مع رئيسها.. السلة الحكومية فارغة!

فالرئيس عون يعتبر ان تراجعه يعني تنازلاً عن صلاحياته التي تعطيه حق الشراكة في تسمية كل وزراء الحكومة وليس فقط الوزراء المسيحيين، وهذا ما لن يسجله على عهده. وبالنسبة اليه ان حكومة اختصاصيين مستقلين لا ترأسها شخصية سياسية ولا يجوز ان يتفرد بتسمية وزرائها، فضلاً عن انه بحكومة الـ18 وزيراً يعطي وزراء حقيبتين لا يمكن لأحد ان يجمع اختصاصاً في كليهما كالخارجية والزراعة على سبيل المثال بحسب صحيفة “النهار”.

وأمام هذا الكباش المستمر بين بعبدا وبيت الوسط، أسفت مصادر عين التينة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية لعدم إحراز تقدم في الملف الحكومي، لكنها رأت ان الأبواب لم توصد بعد، وهناك إمكانية للخروج بحل ما ربما يساعد على تدوير الزوايا.

تثبيت الخلاف

هذه الصورة عادت لتتمظهر بسوداويتها في لقاء الأمس، بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، بعد نحو سبعة اسابيع من انقطاع التواصل بينهما، والذي بدا، من حيث شكله ومضمونه، وكأنّه محطة جديدة لتبادل كرة تعطيل تأليف الحكومة، وعلى ما يؤكّد مطلعون على ما جرى في اللقاء لـ”الجمهورية”، فإنّ اجواءه كانت متأثرة الى حدٍ بعيد بالسجال المكهرب بينهما خلال الاسابيع الاخيرة، والنقاش القصير لأقل من نصف ساعة، بين عون والحريري، كان فاتراً في مجمله، ولم يحصل فيه أيّ عتاب حول ما قاله كل منهما في حق الآخر في محطات السجال المتتالية بينهما، بل جرى الدخول مباشرة، وبكلام «جدّي» في الموضوع، وأعاد كل منهما تكرار موقفه السابق أمام الآخر، مع فارق انّ الرئيس الحريري كان مشدّداً في اللقاء على ضرورة الاستفادة من الفرصة المتاحة لتشكيل حكومة انقاذية سريعاً، تعجّل بفتح باب المساعدات الخارجية للبنان.

وبحسب المطلعين على أجواء اللقاء، فإنّ شريكي التأليف لم يقدّما في لقاء بعبدا أمس، ما يؤشر الى قبول أي منهما بحلول وسط، من شأنها أن تُحدث خرقاً إيجابياً في جدار الخلاف بينهما. بل العكس، فإنّ لقاء الامس بينهما جاء ليؤكّد من جديد على جوهر الخلاف بينهما، وثبات كل منهما على شروطه و»معاييره» لتأليف الحكومة. ومعنى ذلك، انّ المراوحة السلبية في ملف التأليف ستبقى هي الطاغية لفترة طويلة، في انتظار ظروف محلية او خارجية تحرّكها وتحرف مسارها نحو الإيجابية.

وفيما لوحظ انّ لا عون ولا الحريري أشارا الى توافق بينهما على لقاء جديد، افترضت مصادر سياسية، انّ هذا اللقاء ممكن، وخصوصاً انّ لقاء الامس، كسر القفل، وصار باب اللقاءات مفتوحاً، خلافاً لما كان عليه الحال قبل، وإبّان، وبعد، أزمة «الفيديو المسرّب» وما قاله عون بحق الحريري.

الّا أنّ مصادر مواكبة لزيارة الحريري الى بعبدا أمس، وبناء على نتائج لقاء الأمس بين عون والحريري، لا ترى في الأفق القريب إمكان عقد لقاء ثانٍ بينهما. فالواضح أنّ مبادرة الحريري الى طلب موعد لزيارة رئيس الجمهورية تمّت بنصيحة، كان للفرنسيين الثقل الأساس في اسدائها، بالشراكة مع اطراف سياسية في الداخل، بهدف ابلاغ رئيس الجمهورية بالأسباب الموجبة للتعجيل بتشكيل حكومة مهمّة متوازنة، لا يملك اي طرف فيها قدرة تعطيلها او التحكّم بها بثلث معطل او بأي مرادفات او عناوين اخرى لهذا الثلث المعطل.

وتبعاً لذلك، فإنّ المصادر نفسها تؤكّد أنّ لقاء الامس بين عون والحريري، اقرب ما يكون الى الاجتماع الاخير الذي عقداه قبل عيد الميلاد، وجرّ بعده ما يزيد عن سبعة اسابيع من انقطاع التواصل بينهما، ما يعني أنّ الامور ما زالت عند نقطة الصفر.

على انّ اللافت في الكلام الرئاسي، بحسب المصادر نفسها، كان تعمّد مكتب اعلام رئاسة الجمهورية الاشارة الى أنّ زيارة الحريري الى بعبدا امس تمّت بناءً على طلب الحريري، وليس بناءً على دعوة رئيس الجمهورية. وهو امر فُسّر على انّ عون لا يريد ان يسري الاعتقاد بأنّ زيارة الحريري تمّت بدعوة منه، ولكي لا تُفسّر الزيارة على انّها نقطة تراجع من قِبل رئيس الجمهورية.

السابق
لبنان أمام تحد جديد: الشحنة الأولى من «فايزر» اليوم والتطعيم يبدأ غداً
التالي
موقف الادارة الاميركية من ملف التأليف محسوم.. ماذا ابلغ الفرنسيون لبنان؟