«القرض الحسن» الضائع بين دهاليز الخير والمال!

القرض الحسن

بعد تعرض جميع حساباتها للاختراق الالكتروني، أصبحت أعمال مؤسسة جمعية القرض الحسن أحد أبرز الركائز الاقتصادية لـ “حزب الله” مؤخرا تحت المجهر، اذ برز اجماع حول لا شرعية أعمالها، خصوصا ان القرض الحسن الذي يعود افتتاحه إلى ثمانينيات القرن الماضي وتم تسجيله بصفة جمعية خيرية، بات اليوم يقدم قروضاً بنحو 500 مليون دولار لأكثر من 200 ألف مقترض، حيث تمنح قروضاً مالية بالدولار مقابل رهن الذهب، او مقابل ودائع مالية مجمدة.

اقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»..«حزب الله» يعتقل مدير فرع ومساعده وسيديتين بتسريبات «القرض الحسن»!

بلطوا البحر

الانتقادات التي طالت القرض الحسن، دفعت بالأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله أمس، ان يدافع عن الجمعية مشيراً انها “لا تمول حزب الله، وهي ليست مصرفاً فهي لا تدفع فائدة ولا تأخذ فائدة وليس لديها ربح لتدفع ضرائب”، مؤكدا ان”المؤسسة مش رح تنهار، وبلطوا البحر”.

القرض الحسن يقدم قروضاً بنحو 500 مليون دولار لأكثر من 200 ألف مقترض

بين الشرعية واللاشرعية

وكان اللافت خروج الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي عن السرب، معتبرا أن الأعمال التي تقوم بها مؤسسة القرض الحسن غير مخالفة لقانون النقد والتسليف، لأنها تندرج تحت مسمى قانون الجمعيات كونها مؤسسة غير ربحية.

من جهة ثانية، تؤكد الخبيرة الاقتصادية الدكتورة ليال منصور، ان النشاط التي تقوم به الجمعية غير قانوني ويعتبر تبييض أموال لأنها تقوم بأعمال مصرفية دون الاستحصال على رخصة من البنك المركزي.

أمين العام “جمعية مصارف لبنان” مكرم صادر

وبين الرأيين، وبغض النظر عن قضية القرض الحسن، أكّد الأمين العام لـ “جمعية مصارف لبنان”، مكرم صادر، في حديث لـ “جنوبية” ان أي مؤسسة تقوم بأعمال مصرفية كإعطاء القروض والايداع المالي يجب ان يكون لديها صفة الشركة المالية، وبالتالي يتوجب عليها ان تستحصل على تصريح من قبل البنك المركزي وان تكون خاضعة لرقابته.

أي مؤسسة تقوم بأعمال مصرفية كإعطاء القروض والايداع المالي يجب ان يكون لديها صفة الشركة المالية

الى ذلك تمتلك جمعية القرض الحسن، نحو 25 فرعاً في مختلف مناطق جبل لبنان، بيروت، البقاع والجنوب. ويتعامل معها عشرات الآلاف من المواطنين. وقد بلغ عدد المودعين في فرع حارة حريك وحده نحو 8300 عميل. أما الرقم الصادم فكان الحجم الهائل في قيمة القروض عن العام 2019 والتي بلغت نحو نصف مليار دولار، استفاد منها حوالي 197 ألف مقترض. أمّا معدل الإقراض الشهري فبلغ حوالي 40 مليون دولار.

وبغض النظر عن أهداف الجمعية، فهل يمكن أن تكون هناك شبكة مالية بهذا الحجم والضخامة تدير مقدرات بملايين الدولارات لآلاف اللبنانيين، خارج المنظومة النقدية والمصرفية وغير خاضعة لقانون النقد والتسليف؟

ايلي يشوعي خبير اقتصادي
ايلي يشوعي خبير اقتصادي

القرض الحسن شرعي؟!

رفض الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي، اعتبار القرض الحسن نظاما مصرفيا داخليا، مشيرا ان النظام المصرفي يقوم على مبدأ الارباح والفوائد، بينما في القرض الحسن هناك فوائد متدنية جداً وهي بحسب تقديره لتغطية نفقاتها الإدارية.
ولفت انها “جمعية لديها دورا اجتماعيا تقوم به، مؤكدا ان الأعمال التي تقوم بها المؤسسة غير مخالفة لقانون النقد والتسليف، لأنها تأتي تحت مسمى قانون الجمعيات كونها غير ربحية”.

يشوعي لـ«جنوبية»: القرض الحسن غير مخالف لقانون النقد والتسليف كونه مؤسسة غير ربحية


وأشار يشوعي انه “حتى بكركي لديها برنامجا تسليفيا للمزارعين وغيرهم، لافتا انه “كان في مجلس إدارة الصندوق الاجتماعي الماروني، وأعدّ برنامجا سكنيا لبكركي وهو عبارة عن الفي شقة سكنية نفذ بأكمله وقد تم تقديم قروض شخصية طويلة الأمد ولم يكن هناك أرباحا بالمطلق، حتى لم يكبد بكركي فلساً واحدا”، مؤكدا “ان هذ الأمر مسموحا طالما انه لا يوجد تحقيق للأرباح”.

حزب الله المودع الأكبر


وعن الايداعات، قال إن “من يودع أموال في القرض الحسن لا يودعها من أجل تحقيق أرباحا، انما هي نوع من المساهمة للدور الاجتماعي للحزب، وبالتالي لولا الايداعات لا يوجد قروض”، لافتا انه “قد يكون “حزب الله” أكبر مودع في القرض الحسن”.

حزب الله ينفذ العقوبات الاميركية

ولكن هل يستخدم “حزب الله” جمعية القرض الحسن للالتفاف على العقوبات الأميركية؟ أجاب يشوعي ان “حزب الله” ينفذ بذلك العقوبات التي تمنعه من التعاطي مع النظام المصرفي وهو لا يتعامل معها”.
الى ذلك رأى ان القرض الحسن نموذج كان على حاكم مصرف لبنان ان يحتذي به، فعلى الرغم من الفوائد العالية على المقترضين تبخرت جميع أموال المودعين، وتابع “ما تقدمه جمعية “حزب الله” هو بالفعل قرض حسن بينما قروض سلامة هي قروض سيئة “.
وتساءل يشوعي “هل ممنوع على جهة سياسية ان تكون جهة صالحة تجاه مجتمعها؟”.

الخبيرة الاقتصادية ليال منصور

تبييض أموال «على عينك يا تاجر»

بدورها، أكّدت الخبيرة في الاقتصاد النقدي والمالي والاستاذة الجامعية الدكتورة، ليال منصور، في حديث لـ “جنوبية”، ان النشاط التي تقوم به جمعية القرض الحسن غير قانوني ويخالف قانون النقد والتسليف،
اذ لا يحق لجمعية القرض الحسن المرخصة على انها جمعية خيرية ان تدير أعمال مالية وان تمتلك صندوق “كاش” وهو ما يميز المؤسسة المالية عن المؤسسة غير المالية”.

منصور لـ«جنوبية»: القرض الحسن لديه ترخيص على أساس انه جمعية خيرية، وليست مؤسسة مالية التي تطلب ترخيص من قبل المركزي


كذلك رأت منصور ان “ما يجري في القرض الحسن يعتبر تبييض أموال لأن الأموال غير معروفة المصدر، كما ان الجمعية لا تخضع لأي رقابة من قبل أي مؤسسة مالية رسمية، وبالتالي ما يجري يعزز الأعمال غير الشرعية والارهابية بشكل علني”. مشيرة ان “حزب الله يستخدم جمعية القرض الحسن كستار لنظام مصرفي داخلي للالتفاف على العقوبات الأميركية”.
ووصفت منصور ما يجري “بالفساد على عينك يا تاجر، مشبهة وضع القرض الحسن غير القانوني بفتح متجر لبيع المخدرات بشكل علني على مرأى ومسمع الدولة والأجهزة المعنية.

أعمال مصرفية من دون ترخيص ورقابة

الى ذلك أوضحت منصور، ان مؤسسة القرض الحسن لديها ترخيص من قبل وزارة الداخلية على أساس انها جمعية خيرية، وليست مؤسسة مالية وهو الأمر الذي يتطلب موافقة وترخيص مسبق من قبل مصرف لبنان على ان تكون المؤسسة تحت نظر ومراقبة البنك المركزي الذي من مهمته التدقيق بالعمليات المالية”، مشيرة انه “لا يحق لأي مؤسسة ان تقوم بمعاملات تشبه العمل المصرفي من دون ان تكون خاضعة لرقابة “المركزي”.

ولفتت انه مع بداية تأسيس القرض الحسن كانت بالفعل جمعية خيرية، ويجب الترحيب والتشجيع بهكذا جمعيات”، وتابعت “لكن مثل هذه الجمعيات يجب ان يكون عملها ضمن إطار ضيق لا يخلق زيادة أموال، ولا ان تحل مكان المصارف وتلعب دورها وهو ما يعتبر مخالف للقانون”.

السابق
الخلل القانوني ينخر المحكمة الجعفرية(٢٠): المناقلات القضائية.. مزاجية سافرة بين «المغضوب» عليهم و المحظيين!
التالي
تضرر صوت يسرا بسبب فيروس كورونا هل يدفعها للاعتزال؟