القرض الحسن (4): نفعي يستولي على ذهب المتعثرين!

القرض الحسن
إن من أولويات الإشكالات الفقهية الشرعية على مؤسسة القرض الحسن مع ملاحظة أدائها العملي، هي إشكالية العنوان ، فالعنوان لا ينطبق على المعنون في أنشطتها التعاملية في السوق المالية، وهذا يجعل التسمية غير مقبولة من الناحية المنطقية العقلية قياساً على هذه الأنشطة لهذه المؤسسة.

فالقرض الحسن بفهم الشريعة الإسلامية هو القرض الذي يكون الإقراض فيه قربة إلى الله تعالى، لا لمنفعة مهما كانت ولا لأي غرض دنيوي، وهذا ما لا نراه ولا نلتمسه في أداء المؤسسة العملي، ونرى ذلك بوضوح في شروط القروض التي تمنحها هذه المؤسسة للمحتاجين لهذه القروض أو الراغبين بها ..

رهن وكفالة

والطريق الأول للحصول على قرض من هذه المؤسسة هو أن يكون لدى المقترض القدرة على رهن ذهب تستطيع المؤسسة بيعه والتصرف فيه أو تملكه في حال عدم سداد المقترض لقرضه، وغالباً – بل دائماً – ما تكون قيمة الذهب المرهون أزيد من قيمة القرض المبذول للمقترض الراهن للذهب، بحيث تضمن المؤسسة تقلبات سعر الذهب في سوق المعادن صعوداً ونزولاً، فالمؤسسة غير مستعدة لتخسر فلساً واحداً لقاء إقراض زبائنها، وهي في حال تخلف المقترض عن سداد الدين مخولة أن تتملك الذهب المرهون، بحيث يشكل لها ذلك فائضاً في مخزون الذهب، فضلاً عن حصولها على الربح للفارق في القيمة الذي غالباً ما يكون بين قيمة الذهب المرهون والمبلغ المُقترض بملاحظة فترات زمنية تفصل بين وضع اليد على الذهب وبين التصرف فيه بالوجوه التي تُلزم المؤسسة زبائنها بها عند إبرام عقود القروض. فأين القرض الحسن من هذا الأداء بموازين الشريعة والأخلاقيات الدينية؟

الأصح هو تسمية هذه المؤسسة بمؤسسة الرهن النفعي والقروض المكفولة وليس بالقرض الحسن

ثم القرض الحسن في الشريعة الإسلامية والفقه الديني هو القرض الذي لو كان المقترض فيه ذو عسرة فإن الله افترض في مثله أن يُنظر ويُمهل إلى ساعة ميسرة ، في حين طريقة المؤسسة هي تصفية ملكية المقترض لقاء قرضه حال تعثُّره وتخلُّفه عن السداد، بحيث يكون حجز الذهب المرهون سيفاً مسلطاً على رقاب المقترضين قد تستخدمه إدارة المؤسسة في أي لحظة عند عدم الوفاء بالقرض في المُهل المقررة في العقد بين الطرفين … لكل ذلك كان من الأصح تسمية المؤسسة بمؤسسة الرهن النفعي وليس بالقرض الحسن ليطابق العنوان المعنون، وكل هذا بملاحظة الطريق الأول للحصول على قرض من المؤسسة المذكورة …

إقرأ أيضاً: القرض الحسن (3): معاملات ربوية تدخل شبهة المال الحرام!

أما الطريق الثاني لمنح قرضٍ لمن يريد قرضاً من المؤسسة العتيدة فهي طريق الكفالة، فلا بد من أن يؤمن المقترض كفيلاً لديه حساب في المؤسسة بحيث تضمن المؤسسة كذلك عدم الخسارة بتاتاً من خلال وضعها اليد على مال الكفيل في حال تخلف المقترض المكفول عن سداد القرض أيضاً، ونفس السؤال وغيره يطرح نفسه بقوة في هذه الحالة، ألا وهو: أين عنوان القرض الحسن من واقع هذه المعاملات؟! وماذا لو لم يجد الفقير والضعيف والمحتاج للقرض كفيلاً؟

وماذا لو رجع الكفيل عن كفالته لأسباب طارئة؟ هل سيترك المقترض حينها يتخبط في مسؤوليات قانونية لا قِبل له بتحملها ؟

فالأصح هو تسمية هذه المؤسسة بمؤسسة الرهن النفعي والقروض المكفولة وليس بالقرض الحسن كما هو الحال الآن … وهنا تبرز لعله الإشكالية الأكبر في أداء هذه المؤسسة النفعية الربحية بامتياز ..

فكل فقهاء الشيعة يقولون بعدم قبول الدعوى القضائية ضد المقترض المعسور المعذور من الناحية الشرعية ، فهو مُجاز بنص القرآن في تأخير سداد القرض لحين الميسرة.

لذلك يكون ما يؤخذ من مال المقترض المعسور المعذور شرعاً بحكم المال المغصوب شرعاً، وهذا وجه آخر من وجوه توصيف هذه المؤسسة غير الخيرية بالمؤسسة الغصبية حتى ولو أطلق عليها الحزبيون صفة الخيرية والقرض الحسن ..

وللحديث بقية …

السابق
نصرالله عن تحقيقات المرفأ: لن نترك الملف.. والقرض الحسن لا يموّل حزب الله!
التالي
خاص «جنوبية»..«حزب الله» يعتقل مدير فرع ومساعده وسيديتين بتسريبات «القرض الحسن»!