حين أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الجلسة الاخيرة للمجلس الاعلى للدفاع أن “الظروف الراهنة تفرض التوسع قليلاً في تصريف اعمال الحكومة المستقيلة تلبيةً لحاجات البلاد الى حين تشكيل الحكومة العتيدة”، إعتبر ُكثر أن هذه العبارة تعني أنه ستجري الدعوة سريعا إلى عقد جلسة للحكومة المستقيلة لترجمة الاقوال إلى أفعال في ظل الظروف غير المسبوقة التي يمر بها لبنان، لكن قراءة المقررات التي صدرت عن إجتماع المجلس الاعلى أعطت صورة مناقضة تماما، لجهة الاجراءات الادارية التي ناقشها وإتخذ القرار بشأنها علما أنها في الاصل ليست من إخصاصه بل هي من بديهيات العمل الحكومي العادي، ففي نهاية إجتماعه تقرر”الطلب الى وزير الاشغال العامة والنقل استكمال تنظيف المجاري والاقنية على كافة الطرقات ومجاري الانهار، والطلب الى وزير الداخلية والبلديات التعميم على البلديات ضرورة اجراء التنظيفات والصيانات اللازمة للأقنية داخل المدن والبلدات”.
إقرأ أيضاً: «الثنائي» إلى شرعنة «الأمن الذاتي البلدي»..والتشليح يعم لبنان!
كل ما تقدم يوحي بأن هناك محاولات لتوسيع وتضخيم صلاحيات المجلس الاعلى للدفاع (التي هي في الاصل محصورة بالامن الدفاعي عن البلاد) تحت حجة حالة التعبئة العامة التي يعيشها لبنان، ولتقطيع الوقت الضائع بإنتظار تهيئة الظروف المناسبة لولادة حكومة وفقا لمعايير القوى السياسية التي تدير البلاد، فهن يحتمل الوضع الاقتصادي والمالي الذي يزداد إنهيارا كل يوم هذه المحاولات الالتفافية؟
لا للبديل مكان الاصيل
توافق معظم القوى السياسية على أننا لا نملك ترف الوقت لوضع البديل مكان الاصيل، أي تسليم البلاد والعباد إلى المجلس الاعلى للدفاع بدل حكومة أصيلة تأخذ القرارات الاصلاحية المطلوبة علّها توقف هبوطنا السريع الى الهاوية، لكنها تنظر إلى توسع الملفات التي يتطرق إليها المجلس من زوايا مختلفة.
أبي خليل ل”جنوبية”: المجلس الاعلى لم يفعّل دوره قبل عهد عون
يدافع عضو تكتل لبنان القوي النائب سيزار أبي خليل عن تفعيل دور المجلس الاعلى للدفاع ويقول ل”جنوبية”:”نحن في دولة مؤسسات وكل مؤسسة لديها مهامها ونريدها أن تقوم بواجبها على أكمل وجه ولكن هذا لا يعني أن نتغاضى ونضيّع الوقت في تشكيل الحكومة”، لافتا إلى أن “المجلس الاعلى للدفاع مسؤول عن عدم تقطع اوصال البلد أي الطرقات كما يحصل عند حصول فيضانات ولذلك من صلب مهماته إبقاء خطوط المواصلات مؤمنة، خصوصا أن رئيس الجمهورية الذي هو رئيس المجلس الاعلى للدفاع قد أخطر الوزارات المعنية للتنبه لهذا الامر وطلب إتخاد الاجراءات المطلوبة والجميع يعرف أين هي نقاط الضعف التي تحصل فيها الفياضانات وهي تتكرر كل عام”، ويشدد على ان”تكتل لبنان القوي والتيار الوطني الحر مع تفعيل عمل مؤسسات الدولة كل حسب إختصاصه، ومجلس الاعلى للدفاع هي مؤسسة لم يفعّل دورها كما يجب قبل عهد الرئيس ميشال عون واليوم يتم تفعيل هذا الدور المناط فيها ومناقشة موضوع الابقاء على الطرقات مفتوحة ومراقبة تنظيف المجاري التي تسبب الفياضانات هو من صلب مهام المجلس الاعلى للدفاع”.
خرق للدستور
على ضفة عضو كتلة المستقبل النيابية محمد الحجار فإن تفعيل عمل المجلس على حساب التسريع في تشكيل حكومة له أبعاد أخرى، إذ يعتبر ل”جنوبية” أن تسيير أمور البلاد من قبل المجلس الاعلى للدفاع أمر لا يجوز لا قانونا ولا دستورا ، ومجلس الاعلى للدفاع لديه صلاحيات محددة في القانون وهي تختص بالسياسة الدفاعية في البلاد وكل ما يتعلق بالتعبئة العامة والسياسات الدفاعية وحصول خطر عسكري أو أمني”.
الحجار ل”جنوبية”: محاولة لتغطية النقص بغياب الحكومة الاصيلة
ويرى أن “هذه الخطوة هي محاولة لتغطية النقص الحاصل في غياب الحكومة الاصيلة خصوصا ان حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها إتخاذ القرار وهي أصلا كانت تعاني من عدم الفعالية قبل إستقالتها فكيف هو الحال اليوم في زمن تصريف الاعمال”، معتبرا أن “الحل هو تأليف حكومة وفقا للمواصفات التي يطلبها المجتمع الدولي والمبادرة الفرنسية وأي أمر آخر هو دوران في الحلقة المفرغة”.
ويختم: “الاستمرار على هذا النحو يعني أننا لا نريد الوصول إلى حل، المجلس الاعلى للدفاع ليس حلا و قراراته لا يمكن ان تكون خارج صلاحياته وما هو مطلوب لإنقاذ لبنان هو تنفيذ إصلاحات وقوانين وتقر”.
لماذا لا يناقش ملف التهريب
يوافق عضو اللقاء الديمقراطي هادي أبو الحسن على كلام الحجار، ويقول ل”جنوبية”:ما حصل في الاسبوع الماضي غير مقبول وهذا تجاوز للدستور اللبناني والاصول، وعملية إستلشاق بالدستور لأنه يمكن لحكومة تصريف الاعمال أن تقوم بكل ما ناقشه مجلس الاعلى للدفاع”، سائلا “هل يعقل أن يناقش المجلس الاعلى موضوع فتح المجاري والاقنية ولا يناقش موضوع التهريب عبر الحدود علما أننا كحزب أشتراكي ناشدناه أن يكون هذا البند على جدول اعماله لكن تم تجاهل مناشداتنا إما عجزا أو خوفا”.
أبو الحسن ل”جنوبية”:لماذا يناقش المجلس الاعلى فتح المجاري ويهمل ملف التهريب عبر الحدود؟
يضيف:”هذا الموقف من رئيس الجمهورية يستبطن حقد عميق ودفين وهو حقده على الطائف الذي لم يعترف به إلا مؤخرا عندما أصبح الطائف وسيلة لتلبية شروطه والوصول إلى رئاسة الجمهورية ، والموضوع هو إنتهاك للطائف وعلى الاخرين أن يكون لديهم موقف من الامر ونحن بكل جرأة كحزب إشتراكي نعلن موقفنا من هذه المسألة”.
المهم تشكيل الحكومة
بالنسبة لعضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة المشكلة هي في مكان آخر أي المماطلة في تشكيل الحكومة، إذ يقول ل”جنوبية”:”مجلس الدفاع الاعلى له مهامه التي حددها الدستور اللبناني والحكومة لها مهامها الدستورية ولا يمكن أن يسيّر المجلس الاعلى للدفاع أمور البلاد إلى جانب الحكومة هذه هرطقة دستورية، لم أسمع هذا الامر رسميا ولكن هناك أجواء وكأن هناك من يريد تفعيل عمل المجلس الاعلى على حساب عمل الحكومة”.
خواجة ل”جنوبية”: الاهم تشكيل حكومة بأسرع وقت وليسمحوا لنا كل من يحسب حسابات ضيقة
يضيف:”ما ناقشه المجلس الاعلى للدفاع هو من إختصاص الحكومة (فتح المجاري) وللأسف كل الامور في البلد مقلوبة، والسبب هو غياب السلطة التنفيذية الاصلية أي الحكومة وحكومة تصريف الاعمال غير نشيطة عندها تصبح الامور غير سوية، والاهم برأيي هو تشكيل حكومة وبأسرع وقت ممكن و لماذا التأخير وليسمحوا لنا كل من يحسب حسابات ضيقة، نقول لهم البلد راح و يمر بأزمة لم يشهدها منذ تأسيسه وهي أصعب من أيام الحرب الاهلية، وشو ناطرين ؟”.
يضيف:”لماذا المماطلة في تشكيل الحكومة، ومن قال أن الرئيس الاميركي الجديد سيكون لبنان من إهتماماته أو أن سياسته ستختلف عن سياسة الرئيس دونالد ترامب، فالنتواضع قليلا والصحيح أيضا أنه البلد يجب أن تسيّر أموره ولا يمكن المماطلة في تشكيل الحكومة وفي نفس الوقت نمنع إتخاذ القرارات لتسيير أمور الناس”.
