«حزب الله» يرفع عصا القضاء .. من يضرب بها؟

حزب الله

ليس خبراً عاديا أن يتقدم “حزب الله” عبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب إبراهيم الموسوي، بالادعاء بإسمه(أي الحزب) على شخصيات لبنانية ومواقع إعلامية حزبية، على خلفية إتهامه بموضوع إنفجار بيروت بعد مرور أربعة أشهر كاملة على إنفجار المرفأ، بل هي خطوة مثقلة بالدلالات كونها الاولى التي يسجلها الحزب في تاريخه الذي يزيد عن ثلاثة عقود، حيث غالبا ما كان يتبّع سياسة التجاهل للإنتقادات والاتهامات التي توجه إليه من خصومه السياسيين، وفي هذا التوقيت الزمني حيث الافق الداخلي والاقليمي مسدود والتحذيرات من وقوع إختراقات أمنية تدور على ألسنة كبار المسؤولين اللبنانيين.

خطوة الحزب تطور يجب التوقف عنده لأنه مارس سياسة إدارة الظهر للقضاء اللبناني أيضا والدليل الابرز على ذلك رفضه التعامل مع القضاء اللبناني والمحكمة الدولية في قضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولذلك من المفيد مناقشة هذا التطور مع أصحاب الشأن ومع خبراء يقرأون خطوات حزب الله، خصوصا أن إدعاء اليوم سيكون أول غيث الادعاءات و الحبل على الجرار.

إذا تقدم النائب الموسوي باسم حزب الله اليوم، بدعاوى قضائية ضدد عدد من الشخصيات التي اتهمته بموضوع انفجار مرفأ بيروت وهم النائب السابق فارس سعيد وموقع القوات اللبنانية الالكتروني، و أعلن الموسوي من أمام قصر العدل في بعبدا”أنه رفع دعاوى قضائية لملاحقة ومتابعة كل الذين مارسوا التضليل والتزوير والاتهامات الباطلة وايمانا منا بالأجهزة القضائية رفعنا الدعاوى”، معلنا  أن “الحزب مستمر في تقديم دعاوى الى مواد جديدة وتحضر ملفات مستندة حقيقية وصلبة تدين الذين يتلاعبون بالسلم الأهلي ونحن نريد أن يتولى القضاء المهمة وهو المخول حماية سمعة الناس”.

فكيف يعلق أصحاب الشأن ؟

 رسالة أمنية 

 يضع النائب السابق فارس سعيد خطوة الحزب بأنها”رسالة أمنية لأن حزب الله عادة لا يلجأ إلى القضاء”، لافتا لـ”جنوبية”إلى أن “كل هيبة الحزب مرتكزة على أنه حزب لا يلجأ إلى القانون ويرتكز على هيبة سلاحه وعلى القدرة  والقوة”، ويسأل “لماذا لجأ ألى القضاء هذه المرة؟ وفي لحظة يتحدث فيها قادة أجهزة أمنيين عن عودة الاغتيالات وبالتالي السؤال هو هل يستبق الحزب وقوع أي مكروه لا سمح الله لأي شخصية سياسية و بالتحديد الشخصيات السياسية التي إدعى عليهم من أجل القول بأنه لا علاقة له بأي حدث أمني يمكن أن يحدث في المستقبل”.

سعيد لـ”جنوبية”:لا خوف من الشكوى بل من تغطيتها لفلتان امني قادم  

ويعتبر أن “هذا الاحتمال هو برسم الحزب والدولة اللبنانية والاجهزة الامنية والقضاء اللبناني”، مشيرا إلى أنه “لأول مرة في تاريخ الحزب الامني والعسكري يأخذ صفة الادعاء الشخصي، وهذا أمر ليس بسيطا وانا لست خائفا من الشكوى بل من الفلتان الامني في البلد وان تكون هذه الشكوى لتغطية أي حدث يمكن أن يحصل على مستوى الفلتان الامني  وعلى الدولة الاجهزة الامنية التحرك لتلافي الاسوأ”.

فارس سعيد
فارس سعيد

الدخول في مؤسسات الدولة

تعطي القوات اللبنانية خطوة حزب الله تفسيرات أقل حدة من سعيد، فبرأي مسؤول جهاز الاعلام والتواصل في القوات شارل جبور لـ”جنوبية” أنه “من الناحية التقنية رفع حزب الله دعوى هو حق طبيعي ونحن نؤمن بأن معالجة الامور يجب أن تتم من خلال المؤسسات، والقوات اللبنانية مؤمنة بالقضاء وبالمؤسسات القضائية في لبنان وهذا المسار القضائي والقانوني سيتولاه المحامي عن الموقع الاكتروني للقوات علما أنه لغاية اللحظة لا نعرف سبب رفع الدعوى”.

جبور لـ”جنوبية”: نرحب بلجوء الحزب إلى القضاء على ان  يخضوع لمنطق الدولة

 يضيف:”نحن نرحب بلجوء حزب الله إلى المؤسسات القضائية وآمل أن يواصل هذا المسار باللجوء إلى المؤسسات والخضوع لمنطق الدولة بعيدا عن أي إجتهاد من خلال تسليم سلاحه للدولة وأن نكون جميعا كلبنانيين تحت سقف الدولة المؤسسات”، مشددا على أن “هذا أقصى طموحنا ان الحزب الذي يقيم دويلته ويجتهد في موضوع السلاح، أن يذهب أن يكون ايضا تحت سقف المؤسسات بعيدا عن أي إجتهاد، لأننا نعتبر انها مدخل لتحصيل الحقوق ويهمنا فعلا ان يصبح الحزب تحت سقف الدولة، لأنه حاليا هو فوق سقف الدولة و القوانين”.

ويتابع:”لا أريد مقاربة الموضوع من الناحية السياسية ودلالتها بل سأكتفي بالتعليق على الشق التقني. نحن نؤمن بالمؤسسات والقضاء بالرغم من معاناتنا كقوات لبنانية في أكثر من ملف سواء في زمن الاحتلال السوري أو في الوقت الحالي ،لكننا نرى أن القضاء هو الفيصل وعندما يصدر أي قرار نبني على الشيء مقتضاه “.

شارل جبور
شارل جبور

أفول الشيعوية السياسية

يقرأ الناشط السياسي الياس الزغبي خطوة حزب الله ، ويقول لـ”جنوبية”: لا شك أن لجوء حزب الله إلى القضاء اللبناني يعني في الشكل عودته إلى مؤسسات الدولة وإعترافه بها”، لافتا إلى أنه “إذا كانت هذه العودة وهذا الاعتراف فعليين وحقيقيين، يتوجب عليه أن يكون منسجما مع خطوته  هذه ويسلم بأحقية القضاء اللبناني أولا والقضاء الدولي ثانيا ويعمد إلى تسهيل مهمة القضاء الدولي ويسلم المتهم الذي صدر حكم بحقه”.

ويعتبر الزغبي أنه “إذ ذاك يمكن القول أن حزب الله جدي ويتجه فعلا إلى الاعتراف بالعدالة اللبنانية والدولية ويسهّل عملها، وإلا فإن خطوته ستكون بالداخل (كما فعل النائب الموسوي بإسم حزب الله )خطوة دعائية لا أكثر ولا أقل، ولا تعني أكثر من أن حزب الله يحاول تجميل صورته ويرفع عنها الصورة التي يكرسها الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الاميركية، بأنه منظمة إرهابية لها مؤسساتها وشؤونها على مختلف المستويات القضائية وغير القضائية والمؤسسة الامنية المستقلة، بالاضافة إلى التصرف الذي يقدم عليه مؤخرا بجعل بيئته منفصلة إقتصاديا عن الوضع المالي والإقتصادي اللبناني وهذا ما يفسر لجوئه إلى مالي “القرض الحسن”.

 الزغبي لـ”جنوبية”: إذا كان حزب الله جادا بالاعتراف بالقضاء اللبناني فليسلم المتهمين

يضيف:”إذا ذهبنا في العمق لتفسير خطوة حزب الله فيمكن الاستنتاج بأنه يشعر الضيق المتزايد الذي يحيط به ماليا وعسكريا وسياسيا إنسحابا على وضع مرجعيته الايرانية والذي باتت شديدة الاختناق إقتصاديا وعلى مستوى إنتشار نفوذها في الدول العربية”، لافتا إلى أن “هذا ينسحب على حزب الله الذي يجد نفسه في موقف حرج وهو لم يعد في الموقع الذي يفرض حكومات كما فعل في السابق  وكما جرب أكثر من مرة بتأليف حكومة تنطق و تفعل بإسمه وفشل””.

ويشدد الزغبي على أن “ما يسميه شخصيا “الشيعوية السياسية هي الان في مرحلة الافول البطيء أي في مرحلة الانحدار والتراجع، ولم يعد حزب الله في موقع فرض حكومة تناسبه و تنطق بإسمه تحت ألف شعار أو ستار وهو يدرك أن جناحه المسيحي الذي يتمثل بالعهد وتياره بات ضعيفا وجهيضا لدرجة أن الغطاء السياسي الذي كان يؤمنه عون وتياره للحزب يضيق أكثر فأكثر شعبيا وسياسيا خصوصا أن العهد بدأ العد اعكسي لإنتهاء ولايته”.

ويرى أن “كل هذه المعطيات تؤكد أن حزب الله ينحو منحى الاعتراف بمؤسسات الدولة (القضاء وغير القضاء) تمهيدا لإعطاء صورة إيجابية للخارج على الاقل وتحضيرا للمرحلة الصعبة التي ستشتد حوله، فيحاول ان يعترف بمؤسسات الدولة  كي يحمي نفسه من العواصف الخطيرة التي ستهب أكثر وبشكل أشد على وضعه العسكري والسياسي وعلى كل المستويات”، مشيرا إلى أن “حزب الله يدرك بأنه يقدم الشكوى أمام قضاء يؤثر عليه بشكل مباشر وغير مباشر عبر الحكم و العهد وهو يدرك سلفا أن هذا القضاء تحت الضغط يمكن أن يصدر أحكاما ظالمة وغير عادلة بحق الذين يستهدفهم سواء أكانوا على المواقع الاخبارية أو الشخصيات التي يدعي عليها”، ويعتبر أن “كل هذا لا يدل على مؤشرات قوة بل على مؤشرات ضعف، وتراجع وهذا الثنائي أي حزب الله والعهد وهو وضع دقيق وفي حالة إرتباك ولذلك يحاول في شتى الوسائل أن يخفف هذه الحالة من الاختناق وأن يظهر بمظهر المؤمن بالمؤسسات والدولة لكي يحافظ على مكان ما في المرحلة المقبلة بعد أن فشل مشروعه في السيطرة على لبنان و تحويله إلى فرع من فروع الجمهورية الاسلامية في إيران”.

ويختم: “هذا المشروع سقط فعلا وهو الآن يؤسس الى البدائل التي لن تزيد عن أكثر من تحويله إلى مجرد فريق سياسي بين الافرقاء اللبنانيين”.

الياس الزغبي
السابق
الدولة «البوليسية» ترصد العائدين الى لبنان.. نصرالله الى التحقيق خلال 72 ساعة!
التالي
«حزب الله» على سلاحه.. تيننتي لـ«جنوبية»: الطلعات الاسرائيلية تزيد من حدة التوتر جنوباً