حرب البيانات بين رئاسة الجمهورية و«مفاوض سابق» تضعف لبنان في جولات الترسيم!

الوفد اللبناني في المفاوضات اللبنانية الاسرائيلية حول الحدود البحرية
يشهد اللبنانيون منذ تلميح رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل يوم الاحد الماضي بأن أحدا من المقربين منه قد خانه وتسبب بإنزال العقوبات الاميركية عليه، حرب بيانات بين رئاسة الجمهورية من جهة والمستشار السابق للرئيس ميشال عون للعلاقات العامة أنطوان حداد من جهة أخرى ،والذي كان مخولا متابعة ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل والتفاوض مع الجانب الاميركي.

ملامح الخلافات التي ظهرت بشكل مباشر اليوم بدأت بحملة تخوين شنها أنصار التيار الوطني الحر على حداد بعد الاتهام الذي لمّح إليه باسيل في مؤتمره الصحافي يوم الاحد، والذي أعقبه ظهور لحداد على أحدى المحطات التلفزيونية ليتحدث عن وجهة نظره حول ما جرى وحول العقوبات وملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل المكلف متابعته، وليتوج اليوم ببيان لرئاسة الجمهورية أوضحت فيه أن “مهمة المستشار السابق للرئيس عون أنطوان حداد انتهت في 9 تشرين الأول 2020 بعد الغاء العقد معه ومنعه من دخول القصر الجمهوري وبالتالي لم يعد في حوزته أي ملف من الملفات التي تحدث عنها في تصريحاته الى وسائل الاعلام، واي ملفات أخرى تخص رئاسة الجمهورية”.

ومساءا رد حداد على بيان القصر الجمهوري، مؤكّدًا أنّه يتحفظ “عن الخوض في تفاصيل الادعاءات التي وردت في البيان الرئاسي”، متمنيا “على دوائر القصر أن تتجنب الخفة في إثارة موضوع دستورية او قانونية المسائل التي كان يطالب بها حفاظا على المصلحة العليا للبنان ودعماً للوفد اللبناني المفاوض”.

وأكد حداد أن “ادعاءات البيان الرئاسي الباطلة بحقه هي وسام على صدره ورئيس الجمهورية أعلم بذلك وهو يملك ما يكفي من المستندات يتحفظ عن عرضها في هذا التوقيت بالذات لأن المسؤولية الوطنية لا ترتبط بعقد والمصلحة العامة عنده هي فوق أي اعتبار”، كما طالب حداد “الحاشية التي تحيط بالرئيس أن تكف عن تحويل رئاسة الجمهورية الى دمية يتلاعبون بها بشكل غير دستوري فقد يصعب إصلاحها في حال عمدوا الى كسرها”.

مالك لـ”جنوبية”: تدارك ضرر  الجدال بات صعبا مما يؤثر سلبا على التفاوض

كل ما تقدم من لغط وتراشق إتهامات يتزامن مع الجولة الرابعة من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي يخوضها لبنان مع إسرائيل، والتي يجمع كل المعنيين أنها دخلت مرحلة “الجد” مما يتطلب تأمين المساندة السياسية والشعبية والمعنوية للوفد المفاوض الذي يقدم أدلته التقنية  لحفظ حقوق لبنان، لكن ما يحصل على أرض الواقع هو العكس تماما  و العبارات المستخدمة من الجانبين أبلغ دليل، وربما قد يساهم في إضعاف موقف الوفد اللبناني أو التشويش عليه على أقل تقدير في معركة تثبيت الخطوط البحرية التي يجب الانطلاق منها نحو ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، حيث يقدم الوفد اللبناني نقاطا للإنطلاق بترسيم الحدود لا يوافق عليها الجانب الاسرائيلي ويهدد المسؤولون الاسرائيليون بأنهم سيتراجعون عن إظهار أي مرونة في حال إستمر الوفد اللبناني على رأيه، وهذا ما يوافق عليه الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك الذي يقول لـ”جنوبية” “عمليا ومن الثابت والاكيد أن اللغط الحاصل ما بين رئاسة الجمهورية والمدعو طوني حداد سيضعف الموقف اللبناني وسيجعله عرضة مبدئيا لكثير من التجاذبات وكان يفترض عدم فتح هذا الملف بشكل علني وعبر وسائل الاعلام ضمن إطار ما يسمى وضع الخطوط والتي على أساسها يجب على الوفد اللبناني أن يلجأ إليها”، معتبرا أن “هذا الموضوع يضعف الموقف اللبناني الرسمي المفاوض لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل و كان يفترض أن يبقى ضمن الابواب الموصدة”.

سعيد مالك خبير دستوري
سعيد مالك

يضيف:”بالمبدأ إمكانية تدارك الضرر الناتج عن هذا الجدال باتت صعبة جدا، ولاسيما ان كافة الخلافات والتباينات قد ظهرت إلى العلن وكل فريق متمسك برأيه وهذا ما يؤثر سلبا على ملف التفاوض اللبناني  وهذا يحصل لأول مرة في تاريخ الجمهورية”.

الرفاعي لـ”جنوبية”: معنويا عون خالف وظيفته لحماية شخص

وفي الاطار نفسه يشرح الخبير الدستوري المحامي حسن الرفاعي لـ”جنوبية ” أنه “من الناحية القانونية يحق لرئيس الجمهورية تغيير مستشاره وتعيين آخر مكانه فورا وهذا لا يضعف موقف لبنان التفاوضي ولا يتسبب بوقف المفاوضات، كما يحق لرئيس الجمهورية إنهاء خدمات أحد مستشاريه ولكن عندما يصدر رئيس الجمهورية اي قرار يجب ان يكون معللا، و يقول العلامة ” فالين” ان المجنون وحده معذور بعدم تعليل قراره”.

ويضيف: “من ناحية ثانية اذا صح القول ان رئيس الجمهورية قرر ابعاد السيد حداد بسبب اتهامه بأنه وشى بالنائب باسيل و تسبب بإنزال العقوبات الاميركية عليه، فرئيس الجمهورية في هذه الحال قد خالف الدستور و خالف واجبات وظيفته التي تفرض عليه ان يكون رئيسا حياديا و رئيسا لكل اللبنانيين”.

و بسؤال المرجع الدستوري الرفاعي اذا يمكن للسيد حداد مراجعة القضاء فأجاب: “ضمن المهل القانونية يجب على السيد حداد ان يتقدم بمراجعة قضائية امام مجلس شورى الدولة يطالب فيها بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية وابطاله بحجة عدم التعليل ولأسباب اخرى”.

حسن الرفاعي
السابق
عهد الدم.. قصة عصابة صربية هاجرت إلى بيروت!
التالي
فضل الله يُدين العقوبات: لتكُن دافعاً للإسراع بتشكيل الحكومة!