الزغبي لـ«جنوبية»: «حزب الله» يعيد حساباته مع العونيين بعد انحسار الغطاء المسيحي

ليس تفصيلا رد السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا على رئيس تكتل لبنان جبران باسيل بعد إعلانه أن “العقوبات الاميركية طالته بسبب رفضه التخلي عن تحالفه مع حزب الله”، مشيرة إلى أنه “أعرب خلال لقائهما عن الاستعداد للإنفصال عن الحزب بشروط معينة وعبّر عن إمتنانه لأن الولايات المتحدة جعلته يرى كيف أن العلاقة هي غير مؤاتية للتيار”، بل يدل على حجم الزلزال الذي أحدثته العقوبات الأميركية على باسيل ليس فقط على مستقبله السياسي بل أيضا على الحياة السياسية في لبنان إذ ستشكل العقوبات فيصلا بين مرحلتين وستحمل القادم من الايام تغييرا وحذرا في العلاقات بين الحلفاء وإعادة حسابات الربح والخسارة في ما بينهم، ناهيك عن تأثيرها على صياغة أي علاقات جديدة بين الاطراف الداخلية وعلى الحكومة المقبلة وتركيبتها التي يبدو أنها لن تسلم من إرتدادات هذا الزلزال .

اقرأ أيضاً: هل ولّى زمن «الميثاقية_ المحاصصة» بعد العقوبات على باسيل؟!


إذا ما حصل ليس زوبعة في فنجان، أو “ظلم” وقع على رئيس تيار سياسي حاول أن “يراوغ واشنطن ويعطيها من الوعود حلاوة اللسان شرط أن تعده هي بالجائزة الكبرى التي يريدها”، بحسب متابعين، بل أن ما جرى أظهر كيف تحضر الادارة الاميركية ملفاتها وكيف تتعامل مع خصومها ومع من يحاول “شراء الوقت”، وسيعيد رسم الخريطة السياسية الداخلية ولو على نار هادئة لأن كل الاطراف المعنية لا تريد أن تظهر لحلفائها وخصومها معا عمق الاهتزاز الذي أحدثه زلزال العقوبات.

إهتزاز ثقة داخلية و فيتو دولي كان مسار حوار “جنوبية” مع الكاتب السياسي الياس الزغبي الذي رسم معالم أولية لهذه الخريطة سواء على صعيد علاقة التيار الوطني الحر الداخلية- الحزبية وبالساحة المسيحية أو علاقته مع حليفه في تفاهم مار مخايل أو على صعيد الحكومة المقبلة.

الحالة العونية باتت في مرحلة هبوط كبير


يوافق الزغبي بأن “العقوبات الاميركية الاخيرة ما يشبه الزلزال السياسي داخل لبنان ليس فقط على تعقيدات تشكيل الحكومة الجديدة بل أيضا على العلاقات السياسية بين القوى الحليفة أو المتخاصمة”، ويقول ل”جنوبية أن “هذه العقوبات كشفت مدى هشاشة التيار العوني رغم كل ما راكمه وحققه على مستوى ثنائية السلطة والمال وصولا إلى رئاسة الجمهورية “، معتبرا أن “المشكلة الان هي على عدة مستويات داخل التيار العوني نفسه وقد بدأنا نشهد مدى التفكك الذي يحصل داخل هذا التيار، سواء من خلال التهم التي أطلقها رئيسه ضد بعض أتباعه في لبنان وفي الولايات المتحدة وكان أبرز المستهدفين بتهمة الخيانة هو طوني حداد المعروف منذ 30 عاما بأنه اليد اليمنى للرئيس ميشال عون ولقيادة التيار، ومهندس العلاقات بين التيار الوطني وبين الادارة الاميركية على تقلباتها”، ويرى أن “هذا المؤشر يؤكد أن الحالة العونية باتت في مرحلة هبوط كبير ولعلها لا تستطيع ان تواكب بالشكل المطلوب ما تبقى من العهد أي الثلث الاخير من العهد العوني القائم”.
يضيف:”على مستوى المستقبل السياسي لرئيس هذا التيار فإن المسألة باتت واضحة بإن هناك فيتو كبير جدا ليس فقط من الولايات المتحدة الاميركية، بل أيضا من المجتمع الدولي وإستطرادا من المجتمع العربي وتحديدا الخليجي على بلوغ هذه التجربة الخطيرة والفاشلة إلى سدة الرئاسة اللبنانية”.

حذر وإعادة حسابات


لا شك أن العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله هو جوهر “المظلومية” التي رفعها على إعتبار أنها كانت سببا للعقوبات الأميركية التي طالته، ولكن هذا الجوهر تعرض للتفتيت بعد تصريحات السفيرة شيا بأنه ساوم الاميركيين على الاطاحة بهذه العلاقة، ولا شك بأن هذا الكلام سيترك أثره على العلاقة بين الحليفين ولو بعد حين، وفي هذا الاطار يشدد الزغبي على أنه “على مستوى العلاقة بين التيار العوني وحزب الله، فقد تبين لقيادة الحزب أن رئيس التيار كان يساوم على مسألة إنفصاله عن التحالف معه، وأن الحقائق والوقائع أظهرت أن باسيل كان يفاوض الجانب الاميركي على الثمن أي على التسعيرة وكان يحاول إبتزاز واشنطن كي ترفع العقوبات عنه أو لا تفرضها عليه وأن تقدم له ضمانة مسبقة منذ الان للوصول إلى سدة رئاسة الجمهورية”.

“الثنائي” والعهد والتيار سيتشددون للمجيء بحكومة سياسية لتعويم باسيل


ويشير إلى أن”هذا ما عناه كلام السفيرة الاميركية عن شروط لم تفصح عنها، ولكن المعلومات تؤكد أن أبرز هذه الشروط التي وضعها كي يفك تحالفه وورقة التفاهم مع حزب الله هو أن تضمن له واشنطن وصوله إلى رئاسة الجمهورية خلفا لعمه ميشال عون”، معتبرا أن”العلاقة بين حزب الله والتيار العوني ستكون محكومة من الان فصاعدا بالحذر الشديد، صحيح ان هناك خلافات كثيرة على المستوى الداخلي بين الطرفين لكن حزب الله كان دائما مطمئنا إلى ان الجانب العوني لن يتخلى عن تغطية سلاحه ووظائف سلاحه سواء في الداخل اللبناني أو في سوريا أو اليمن أو في بلادد الله الواسعة”.
ويوضح الزغبي أنه “لذلك لم يكن حزب الله يهتم كثيرا بالخلافات وبعض النفور من قبل التيار العوني، طالما أنه يحصل على الاساس أي على الجوهر من ورقة التفاهم أي تغطية سلاحه من قبل شريحة من المسيحيين”، لافتا إلى أن “الحزب بات الان أمام حسابات أخرى تحت غطاء الاندفاع الذي يظهره السيد حسن نصر الله في إطلالته الاخيرة وحرصه على التحالف وتمتينه مع التيار العوني ولكن في الواقع أن حزب الله يعيد حساباته لأن التيار العوني لم يعد يستطيع تأمين غطاء مسيحي واسع لأن هذا الغطاء ينحسر أكثر فأكثر خصوصا الان بعد العقوبات الاميركية”.

العلاقة مع الشارع المسيحي

والسؤال الذي يطرح هنا هل نجح باسيل في إستدرار عطف الشارع المسيحي؟
يجيب الزغبي:”خلافا للقول أن العقوبات الاميركية ستضاعف العطف الشعبي على باسيل على أساس أنه ضحية هذه العقوبات فإن الرأي العام المسيحي بات يدرك حقيقة الفساد الذي يمثله باسيل، ولا يمكن أن يعيد تعويمه أو منحه صك براءة عن كل هذه الموبقات التي إقترفها على مستوى الفساد في الادارة والوزارات التي تولاها هو وفريقه أو على مستوى الارتباط الاعمى بسلاح غير شرعي هو سلاح حزب الله”، لافتا إلى أنه “بدل أن يكون أن يكون هناك تعويم شعبي لدى المسيحيين لرئيس التيار الوطني الحر نلاحظ أن هناك إدانة لم تظهر بعد بشكل واضح ولكن هذا الابتعاد الذي تجسده الكنيسة المارونية تحديدا بكركي عن الدفاع عنه رغم الضغوط من قبله وفريقه عليها كي تصدر موقفا تدافع عنه أو تحميه في وجه الادارة الاميركية”.

سنشهد المزيد من التفكك نواب لا يزالون داخل التيار


ويتابع:”هذا في تقديرنا كمراقبين لن يحصل وهذا دليل بحد ذاته بأن باسيل يخسر في الرأي العام المسيحي أكثر مما يربح، إذا كانوا يتوقعون بأن العقوبات ستزيد العطف الشعبي عليه، لذلك فهو في مأزق أمام الرأي العام المسيحي واللبناني بشكل عام وأمام مأزق آخر أمام تياره وسنرى تباعا مزيدا من التفكك سواء على مستوى النواب الذين لا يزالون داخل التيار بعد أن غادره أربع نواب على الاقل أو على مستوى القواعد والكادرات في التيار”، مشيرا إلى أن “عهد هذا التيار بدأ بالانحدار ولم يبق إلا حوالي سنتين من عمره ولذلك فإن الفئة من الذين لا زالوا داخل التيار يأملون بمنافع معينة من هذا العهد باتوا يدركون ان هذه المنافع باتت صعبة المنال وخصوصا أن أي حكومة جديدة يمكن تشكيلها لن تشكل تعويما لهذا الغريق الذي بات فعلا في مرحلة دقيقة جدا أمام الرأي العام اللبناني بشكل عام والمسيحي بشكل خاص”.

تأثيرات عللى مسار الحكومة

ماذا عن تأثير ما حصل على مسار تأليف الحكومة ؟ يجيب الزغبي:”هناك إتجاه لدى التحالف الثنائي ليس الشيعي مع العهد والتيار للتشدد والمجيء بحكومة سياسية بهدف تعويم باسيل والعهد، ولكن المسألة تقف عند شروط الرئيس المكلف وهو الرئيس سعد الحريري ولن يكون في تقديري أنا كمراقب أكثر تساهلا من الرئيس المكلف السابق مصطفى أديب لذلك فإن الضغوط على الحريري ستؤدي إلى تأخير وتصعيب تشكيل الحكومة بدل تسهيلها، لأنه لن يستطيع تقديم أوراق تعويم ونجدة لباسيل بعد كل هذا الصراع والخلاف العميق بينهما”.

السابق
هل ولّى زمن «الميثاقية_ المحاصصة» بعد العقوبات على باسيل؟!
التالي
وعد بولاية ثانية لترامب.. بومبيو: باسيل مرتبط بشكل عميق بمنظمة «ارهابية»!