تمديد مهلة تسليم مستندات «التحقيق الجنائي».. شراء وقت على الطريقة اللبنانية!

القضاء

ليس عابرا كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم خلال ترؤسه اجتماعا تقرر فيه تمديد المهلة المطلوبة لتسليم المستندات اللازمة الى شركة “الفاريز ومارسال” Alvares and Marsal، ثلاثة اشهر إضافية، على أن يتم خلال الفترة المحددة تسليم بعض المستندات التي لم تسلم بعد، بل قد يكون مفتاح الاحجية التي يدور اللبنانيون والاقتصاديون حولها منذ أسابيع لمعرفة كيفية التوفيق بين تلبية شروط الشركة (أتعابها مليونين و400 ألف دولار أميركي ) وبين الحفاظ على قانون السرية المصرفية وقانون النقد والتسليف من دون تعديل في مجلس النواب.

اقرأ أيضاً: غبريل لـ«جنوبية»: على التحقيق الجنائي استهداف قطاعات إستنزفت المال العام


مفتاح الاحجية هو “شراء الوقت” وإتاحة المجال أمام حكومة الرئيس سعد الحريري المقبلة بأن تجد حل على الطريقة اللبنانية أي أن “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم” من خلال التفاوض على آلية توصل المعلومات المطلوبة أو ربما “تعدل الشركة من جدول المعلومات التي تريدها” كي لا تتعارض مع قانون السرية المصرفية، علما أن وزير المال في الحكومة المستقيلة غازي وزني أشار في تصريحه من بعبدا اليوم أنه “في ما يتعلق بموضوع السرية المصرفية يمكن الاستناد الى مواضيع متعددة، كرأي هيئة التشريع والاستشارات التي كانت وزارة المال تقدمت بطلب اليها من اجل توضيح وتحديد وتفسير هذا الموضوع، ما شكّل امرا مساعدا”، لافتا إلى أن “التواصل مع مصرف لبنان اظهر استعداده اكثر فأكثر للتعاطي في هذا الموضوع، والمصرف وضع فريقا من الحاكمية لتسهيل الأمور وتأمين المستندات للشركة. والأجواء كانت إيجابية، ومهلة الأشهر الثلاث كافية لتأمين المستندات الضرورية للتدقيق”.

كل ما سبق هو ذروة ما يمكن فعله لإرضاء صندوق النقد الدولي (التحقيق الجنائي من ضمن الاصلاحات المطلوبة) ولإرضاء الشعب اللبناني الذي لا يزال إلى الآن لا يعرف كيف تبخرت أمواله من المصارف، فهل سيوصل هذا التمديد إلى النتائج المرجوة ؟

سمير حمود
سمير حمود


يعتبر الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف في مصرف لبنان سمير حمود أن “تمديد الوقت لن يحل العوائق القانونية التي تمنع كشف السرية المصرفية”، لافتا ل”جنوبية “أن مجلس النواب لن يعدل قانون السرية المصرفية أو قانون النقد والتسليف، بل يمكن إعطاء وقت للحكومة المقبلة لمعالجة هذا الامر بدون ان يتعارض ذلك مع السرية المصرفية، لأن مصرف لبنان يمكن أن يعطي المعلومات من دون ان تتضارب مع السرية المصرفية من خلال إعطاء الارقام الاجمالية في عدد المعاملات والمبالغ التي تحتويها ولكن هذا الامر ُيفقد الغرض الحقيقي للتحقيق الجنائي”، شارحا أن “ما تريد ” Alvares and Marsalالتحقق منه هو هل كان هناك عمليات مشبوهة قام بها أشخاص أو جهات معينة أدت إلى نوع من إمتصاص الكتلة النقدية الموجودة في المصارف مما رتب خسائر لفئة من الناس وأرباح لفئة أخرى؟ وهذا يعني أن خريطة التحقيق ستشمل المصرف المركزي والمصارف والافراد وهذا ما لا يسمح به القانون، وما يمكن أن يعطيه مصرف لبنان هو أرقام إجمالية وأرقام العمليات وعددها ولكنه لا يمكن أن يعطي أرقام تحويلات لشخص معين”.

حمود لـ”جنوبية”: التصحيح يتطلب الالتزام بالقوانين بطريقة مهنية وهذا ما لا يحصل اليوم

يضيف:”من البداية قلت أن مسار التحقيق الجنائي كان خطأ لكن هذا كان رأي الحكومة اللبنانية والرأي العام اللبناني، ولكني شخصيا أعتقد أن مهلة الثلاثة أشهر لن توجد مخرج لتجاوز السرية المصرفية ونحن أمام إحتمالين إما شراء الوقت إفساحا في المجال أمام الحكومة المقبلة بإبتكار حل أو أن تغيير شركة Alvares لطلباتها”.

في المقابل يلفت حمود إلى مسار آخر يمكن إعتماده لتلبية متطلبات الشركة في ما يتعلق بحسابات الوزارات والمؤسسات الرسمية وهو أن “وزارة المالية هي المؤتمنة على كل حسابات الوزارات فإذا أرادت أن ترفع السرية المصرفية عنها فهذا شأنها من دون أن يخالف مصرف لبنان القانون”، مشيرا إلى أن” زبائن مصرف لبنان هم الدولة ووزارتها ومؤسساتها والمصارف التجارية وزبائنهم والافراد، وإقتراحي كان هو أنه من يريد أن يرفع السرية المصرفية عليه أن يقدم على ذلك، فالدولة يمكنها ذلك عبر وزارة المالية والمصارف يمكنها ذلك عبر رفع السرية المصرفية عن حساباتها لماذا نطلب من المصرف المركزي القيام بذلك ومخالفة القانون؟”.

ويختم:”هذا أيضا لا يحل المشكلة لأن التصحيح مطلوب ولكن ليس عبر تجاوز القانون لأننا نكون بذلك عم “نخبص ومش عم نصحح”، التصحيح يتطلب الالتزام بالقوانين والنظام وهذا هو المطلوب لكن بطريقة مهنية وهذا ما لا يحصل اليوم”.

وليد ابو سليمان
وليد ابو سليمان

سياسة الهروب إلى الامام

يوافق الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان على أن “مسار التحقيق الجنائي لن يكون مفروشا بالورود”، ويقول ل”جنوبية” “منذ إنطلاق الكلام عن إجراء تحقيق جنائي حذرنا بأن حاكمية مصرف لبنان ستتسلح بقانون النقد والتسليف ولا سيما المادة 151 التي تحظر على أي موظف سابق أو حالي الافصاح عن معلومات عن حسابات لدى المصرف المركزي سواء أكانت للمؤسسات العامة أو لأفراد أو مؤسسات خاصة، وأيضا بقانون السرية المصرفية، وبالتالي التمديد ثلاثة اشهر لإعطاء أجوبة على الاسئلة المطلوبة، أعتقد أنها من ضمن سياسة الهروب إلى الامام كما هي مكرسة لعقود من الزمن في لبنان للأسف”.

أبو سليمان لـ”جنوبية : التمديد 3 اشهر لإعطاء أجوبة ل Alvares من ضمن سياسة الهروب إلى الامام

نسيب غبريل
نسيب غبريل

شمولية التحقيق الجنائي


يتناول الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الابحاث في بنك بيبلوس نسيب غبريل أهمية التحقيق الجنائي من الناحية الشمولية، و يشرح ل”جنوبية هذا الامر بالقول “التحقيق الجنائي يجب أن يطال القطاعات التي إستنزفت المال العام والخطوة الصحيحة في هذا الملف تبدأ حين نعرف من صرف الاموال وفي أي قطاعات ولذلك يجب أن يكون هناك أيضا تحقيق جنائي ومالي في مؤسسات القطاع العام والوزارات ومجلسي الانماء والاعمار والجنوب والهيئات المستقلة ووزارات المال والاشغال والطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان خصوصا أن الكهرباء هي التي إستنزفت أكثر من ثلثي الدين العام وكل هذه المؤسسات لا نعرف كيف تصرف أموالها”.

غبريل لـ”جنوبية: “التحقيق الجنائي يجب أن يطال القطاعات التي إستنزفت المال العام

ويختم:”عدم إقرار “الكابيتال كونترول” شكل إنتكاسة لنا كمواطنين وكمصارف والمودعين وأطاح بالثقة الثقة بالقطاع المصرفي، والمجتمع الدولي لن يساعدنا إذا لم نقر هذا القانون إلى جانب إنجازالتحقيق الجنائي وتعديل موازنة 2020 ووضع تصور لتوحيد سعر صرف الدولار بالسوق اللبناني وتقديم تقديرات جدية لمتأخرات الدولة تجاه القطاع الخاص ووضع إطار لحل الازمة المصرفية والمالية في لبنان”.

السابق
خامنئي يسخر من الديمقراطية الاميركية: الانتخابات الرئاسية الأكثر تزويرا في العالم!
التالي
دريان وقبلان وحسن أدانوا العمليات الإرهابية: نرفض ربط هذه الجرائم بالإسلام!