نصرالله و«الاسلاميون» يهربون بالتحريض ضدّ ماكرون!

حسن نصرالله
لطالما دأبت الصحف ووسائل الاعلام الغربية على السخرية وشتم المقدسات المسيحية قبل نظيرتها الاسلامية، فلا تقابل الا بردود متواضعة من بعض رجالات الكنيسة، مدركين ان الحرية تبقى هي المقدسة على الرغم من أخطائها وزلاتها، فلا عدالة اجتماعية دون حرية وديموقراطية وعقلانية، وهي المعاني التي ما زالت مفقودة في غالبة بلادنا المسلمة.

لا شك ان فعل نشر الرسوم الكاريكاتورية في صحيفة “شارلى إيبدو” الباريسية الساخرة من شخص الرسول محمد (ص)، وما تلاها من انتقام همجي وقطع رأسَي مدنيين فرنسيين من قبل مراهقين اسلاميين اعماهما التعصب في العاصمة باريس وبمدينة نيس، وجدها مسؤولو الاحزاب والتيارات الاسلامية في بلادنا، فرصة ثمينة لتحريض المسلمين في العالم كافة، ليس ضدّ فرنسا بوصفها بلدا اوروبيا فحسب، ولكن ضدّ ما تمثله فرنسا من عراقة للحريات والديموقراطية وحقوق الانسان، وهي القيم التي يعاديها ويخشاها القادة والمرشدون الاسلاميون على امتداد عالمنا العربي، ولسان حالهم بقول: “انظروا الى الحرية التي ترفعون شعارها في مظاهراتكم ماذا تفعل..انها تشتم نبيّكم ومقدساتكم” ليعود هؤلاء الى تسويق شعاراتهم الدينية “الاسلام هو الحل” و”الاسلام لكل زمان ومكان” “وما الحكم الا لله”، وغيرها من الشعارات المزيّفة التي استخدمت كأدوات للتسلّط على الشعوب، فزرعت الظلم الديني وصدرت الارهاب والرعب الى العالم. 

وبينما اكتفى، شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب بوصف هجوم نيس بـ”البغيض” وليس بالارهابي كما بجب ان يوصف، فان الغريب هو سرعة تنظيم التظاهرات المناوئة لفرنسا في العديد من البلدان المسلمة السنية ضد فرنسا ورئيسها، فاحرقت الاعلام الفرنسية وداس المسلمون “الغيارى” باحذيتهم على صور الرئيس ماكرون، في حين انه لم يجرِ رفع لافتة واحدة تستنكر قطع راس استاذ التاريخ الباريسي، ولا قطع رأس المرأة في نيس التي لم تعلم على الارجح لماذا طاردها الاسلامي التونسي المسعور وقتلها.    

نصرالله: المسلمون غير مسؤولين 

لم يشذ الليلة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عن نظرائه من القادة الاسلاميين الاصوليين، فهو أدان الجريمة “الفردية غير الأخلاقية” في فرنسا. ثم قال مبررّا الجريمة بشكل غير مباشر ان “المسالة بدات عندما قامت تلك المجلة الخبيثة بنشر رسوم مسيئة لنبي الاسلام وخرجت الاعتراضات ثم تطورت الى احداث مثل قتل المعلم الفرنسي”.

وتابع: ” لا يجوز للسلطات الفرنسية ان تحمل المسؤولية لدين هذا الشخص أو لأتباع هذا الشخص المرتكب”، واصفا هذا التصرف بأنه “غير اخلاقي لأن من يرتكب الجريمة يتحملها بمفرده”! موضحا برأيه انه “لا يوجد شيء إسمه فاشية اسلامية او ارهاب اسلامي”. 

ليختم مهاجما الفرنسيين والغرب “نبحثُ في مسؤوليتكم، انتم  رعيتم وربيتم ودعمتم الارهاب”! 

ومن هنا فان كلمة السيد نصرالله الليله هي تكرار لمنطق الاسلاميين نفسه الذي يحمل الغرب كل الاخطاء والمشاكل والعيوب التي تشكو منها مجتمعاتنا، للإفلات من مسؤوليتهم في رعاية التعصب الديني والجمود الفكري الساري في العقول منذ قرون.  

 لا يوجد ارهابيون مسلمون!

ولعل من المفيد التذكير بما نشره قبل اسبوع المفكر المغربي-الفرنسي هاشم صالح مديناً تصاريح عدد من “المثقفين الاسلاميين”، بعد جريمة قطع رأس استاذ التاريخ فقال: 

 “انه المنطق ذاته، والآيديولوجيا ذاتها، والمعجم الفقهي اللاهوتي القديم ذاته، وبالطبع الشعارات الطائفية البغيضة ذاتها. ومع ذلك، يظل هؤلاء المثقفون أو أشباه المثقفين مصرين على القول إنه لا يوجد شيء اسمه ظلامية دينية أو فكر أصولي تكفيري في العالم العربي! بل ويغضون الطرف عن فظائع هذه الجماعات الترويعية لكيلا أقول الإرهابية. وفي الوقت ذاته، يزعمون أنهم يناضلون من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان! هنا بالضبط يكمن مقتل الربيع العربي”. 

هذا المقطع من مقال صالح يشرح لماذا لا يستطيع  مفتي الازهر ولا امين عام حزب الله وصف جرائم قطع الرأس بفرنسا بانها اعمال ارهابية، وذلك حرصا على الطهرانية المزعومة. ومن اجل تحميل مسؤولية تلك العمال الارهابية للغرب كما قال امين عام حزب الله. هذا في حين ان اعتى المجرمين الصهاينة أرئيل شارون لم يجد حرجا في القول قبل عام 2005 عنما اطلق احد اليهود المتطرفين النار على 4 مدنيين مسلميين عرب وقتلهم: “انه ارهاب يهودي يجب ان نكافحه”!..قال شارون ذلك ليس حبا بالعرب، ولكن حبا بدولته، لان اسرائيل دولة قانون لا ينبغي للنظام فيها ان يخرق ويهان!

وللقارىء ان يعلم لماذا الاعداء يتقدمون ونحن نتخلّف!!

السابق
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية لليوم30/10/2020
التالي
أسرار الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 31 تشرين الأول 2020