نموذج الإنهيار المالي اللبناني يزحف نحو الكيان العراقي!

العراق لبنان
يكثر الحديث هذه الأيام في العراق وبعد تشكل حكومة مصطفى الكاظمي والشروع في دراسة قانون انتخابي جديد يعتمد تعدد الدوائر الانتخابية مقدمة لانتخابات نيابية حرَّضت عليها المرجعية الدينية العليا لنزع فتيل الانفجار في الشارع ولوقف التحركات الاحتجاجية على سياسات الدولة.

يكثر الحديث عن هندسات مالية في الدولة العراقية في ظل تفاقم الوضع المالي الذي أدى للمساس بالحصة التموينية لأفراد الشعب وتأخير دفع رواتب الموظفين وارتفاع معدلات البطالة وزيادة الدين العام الداخلي والخارجي وتضاؤل احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، مما يهدد بارتفاع الأسعار وفقدان المواد الغذائية والدواء والوقود في الأسواق العراقية تماماً كما هو السيناريو في دولة لبنان الشقيق! 

اقرأ أيضا: هل يرهن اللبنانيون أولادهم؟

والقياس بين البلدين هو قياس مع الفوارق، فالعراق يملك ثاني أكبر احتياط نفطي في العالم، ولديه ينابيع النفط وليس آباراً فحسب، ومناطق الجنوب تعوم على بحيرات النفط والغاز، فلا يمكن أمام هذه المعطيات قياس وضع العراق بوضع لبنان، ولكن هي نفسها المعضلة التي أوصلت البلدين إلى سيناريو انهيار مشابه مع الفوارق التي ذكرنا بعضها ولم نذكر أكثرها ..  

الطبقة السياسية الفاسدة 

    فالطبقة السياسية بسوء إدارتها في البلدين أوصلتهما إلى حالة المديونية التي بدأت أرقامهما تتزايد في العراق لتصل إلى معدلات غير مسبوقة، وتفرضها الطبقة السياسية بحجة ما يُسمى بالهندسات المالية، تماماً كما حصل في لبنان في العقود الثلاثة الماضية مما أوصل لبنان إلى أكثر من مئة مليار دولار أمريكي كدين فعلي غير الديون الآجلة لمستحقات المستشفيات والهيئات الضامنة والتعويضات المختلفة للمتقاعدين وسائر المستحقات التي تحتاجها نفقات الدولة داخلياً وخارجياً بحيث قدَّرت بعض المصادر المالية مجموع المديونية العامة في لبنان بما يقرب من مئة وخمسين مليار دولار أمريكي لحين اندلاع ما يُسمى بانتفاضة 17 تشرين منذ عام تقريباً، علماً أن أكثر هذا الدين هو دين داخلي للبنوك التجارية وبالعملة المحلية وقد انخفض إلى النصف تقريباً بعد فوارق سعر صرف الدولار  بين السوق الرسمية والسوق السوداء، مما رجح منه بعض الخبراء الاقتصاديين أن يكون أحد أبرز أهداف اللعب بسعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية هو التخلص من حجم مديونية البنك المركزي للبنوك التجارية مما استدعى التحقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان الذي انطلقت عجلته منذ أيام ..  

    ويظهر أن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق منذ سقوط نظام البعث تريد لعب نفس اللعبة على حساب الشعب العراقي، فمنذ ولادة أزمة داعش والعراق يتجه نحو المديونية للبنك الدولي وقد ساعد انخفاض أسعار النفط على هذا التوجه، وإن كانت السياسات المتعاقبة هي المسببة بهذا العجز بالدرجة الأولى حيث جعلت النفط المصدر المالي الوحيد لخزانة الدولة، فأهملت الزراعة والصناعة التي كانت ناشطة نسبياً في زمن النظام السابق ..  

لا قوانين محاسبة 

ويدفع الهروب من المسؤولية من قبل الطبقة السياسية الحاكمة في العراق لتعليل العجز في المالية العامة بكون مسبباته هي الفائض في التوظيف وعشوائية التوظيف وقلة انتاجية الموظفين واستحقاقات إقليم كردستان ومشكلة المخصصات على الرواتب وما شاكل من الحجج الواهية التي لا تعفي الطبقة السياسية من المسؤولية عن تردي الوضع المالي والاقتصادي، وهي تتجاهل في هذه الحسابات التلزيمات الخيالية التي عُهد بها إلى سياسيي الحكومات المتعاقبة والمشاريع الوهمية التي قدمها السياسيون وقبضوا ثمنها من دم الشعب العراقي دون تنفيذها والتمريرات المتنوعة التي حرمت خزانة الدولة من كثير من الواردات المالية.. ثم أين قانون المحاسبة والمساءلة للسياسيين الذين تأتينا في كل يوم التسريبات عن أرقام حساباتهم البنكية في البنوك الخارجية؟  

    وتلافياً للانهيار الموعود طرحت الحكومة الحالية ما يسمى بالورقة البيضاء كورقة إصلاحية عمدتها الهندسات المالية القائمة على سياسة الاقتراض من الخارج وهندسة الدين الداخلي والخارجي، والتي سيرافقها قرارات موجعة بحسب تعبير وزير المالية العراقي الدكتور علي عبد الأمير علاوي تقوم على مبدأ الاستقطاع الضريبي من رواتب الموظفين وفرض ضرائب مباشرة على مخصصات الموظفين وفرض ضرائب غير مباشرة على المواطن العراقي المرهق، بما يشبه ما يسمى بالورقة الإصلاحية الاقتصادية اللبنانية.. 

 فهل اقترب اقتصاد العراق ليشبه نموذج لبنان الاقتصادي ليعيش العراق والعراقيون ما يعيشه لبنان واللبنانيون من أزمات حالياً في وقت قريب ؟  

السابق
النجوم في رحيل محمود ياسين.. فتى الشاشة الأول وآخر الشجعان!
التالي
«النقد الدولي» على أتمّ الاستعداد لمساعدة لبنان.. ولكن!