الكتاب حول عدم دستورية المفاوضات «زوبعة في فنجان رئيس حكومة مستقيل»!

قوات اليونيفيل في الناقورة

لم يثر الكتاب الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء، الذي تضمن إعتراض رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب على تفرد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتعيين الوفد التقني المكلف التفاوض مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية أي ردود فعل تذكر من الرئاسة الاولى، خصوصا أن الكتاب أكد إرتكاب رئيس الجمهورية مخالفة دستورية مع “ما يترتب ذلك من نتائج”.

والمتابع لنشاط رئيس الجمهورية اليوم يظهر ان الرئيس عون خصص لقاءاته للتحضيرات الجارية لإنعقاد الجولة الاولى من المفاوضات التي ستعقد غدا في الناقورة برعاية الامم المتحدة وبوساطة أميركية، ولذلك كان لقاءه مع ممثل الامين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش واعضاء الوفد اللبناني ولم يتم التطرق إلى الكتاب الصادر عن الرئاسة الثالثة لا من قريب ولا من بعيد.

تفسير دستوري 

هذا الاعتراض على تجاهل الصلاحيات والصمت الذي قابله من دون صدور أي توضيح، يدفع للبحث عما إذا كان كتاب رئاسة مجلس الوزراء سيؤثر على سير المفاوضات الجارية  برعاية أممية، وعن إمكانية الطعن بشرعية الوفد المفاوض على إعتبار أن تجاهل دور رئيس الحكومة هو مخالفة دستورية أم أن الاعتراض لا يتعدى كونه “زوبعة في فنجان رئيس حكومة مستقيل”، هذه الاسئلة حملها موقع “جنوبية” إلى الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك لقراءة المضمون القانونية والسياسي الذي إنطوى عليه الكتاب الصادر عن الرئاسة الثالثة .

ينطلق سعيد في إجاباته من قاعدة أساسية وهي التسليم بأن تجاهل رئيس الجمهورية للتشاور مع رئيس الحكومة المستقيل لتشكيل الوفد التقني المفاوض هو مخالفة دستورية ويقول لـ”جنوبية”:”من الثابت وسندا لأحكام المادة 52 من الدستور والتي تنص حرفيا على أنه يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، يتبين جليا بأن هناك مخالفة دستورية قد وقعت حينما سمى رئيس الجمهورية منفردا وفد التفاوض، ولو كان مبدئيا تم تبرير بأن تسمية فريق التفاوض قد تم من قبل قيادة الجيش اللبناني”، لافتا إلى أن “التفاوض يجب ان يكون محصورا ضمن إطار وفد يتفق عليه من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة، وما نقدم عليه على صعيد المفاوضات على صعيد تحديد الحدود  الجنوبية والبحرية تدخل ضمن إطار المعاهدات الدولية وبالتالي نرى أنه كان يفترض العودة إلى رئيس الحكومة أقله لإطلاعه على أسماء الوفد وكيفية تشكيله ودفعه إلى المفاوضات”.

مالك لـ”جنوبية”: عون إرتكب مخالفة دستورية لن يُطعن فيها ودياب يريد حفظ ماء الوجه

في المقابل يستبعد مالك أن “يأخذ الاعتراض سيأخذ منحى تعطيل المفاوضات”، معتبرا أن “بيان الامانة العامة لمجلس الوزراء هو فقط من أجل الاشارة إلى أن هناك مخالفة دستورية  ويقتضي معالجتها وتفاديها في مرات لاحقة”.

يضيف:”لا أرى أن رئاسة الحكومة ولا شخص رئيس الحكومة بإتجاه التصعيد ولكن كتاب الامانة العامة كان حفاظا على ماء الوجه ومن أجل بيان الصلاحيات الدستورية وحتى لا يشكل الامر سابقة في المرات اللاحقة”.

المعنى السياسي

والسؤال الذي يطرح في هذا الاطار ماذا يعني ما حصل  من الناحية السياسية؟  يجيب مالك:”بالسياسة هناك حملة قائمة على رئيس الحكومة بأنه تنازل ويتنازل عن صلاحيات رئيس الحكومة، وكلنا نعلم ان هذه المواقع فضلا عن كونها سياسية هي أيضا مواقع مذهبية بإمتياز وحتى لا يقال أن الرئيس دياب قد تنازل عن صلاحياته ولم يدافع عن موقع رئاسة الحكومة تقدم بهذا الكتاب تسجيلا للموقف ومن أجل إعلام الجميع بأنه حريص على حقوق الطائفة  كما على حقوق موقع رئاسة الحكومة”.

لامرجعية بالطعن 

ويوضح مالك أيضا أن “المخالفة الدستورية التي حصلت غير قابل الطعن فيها كون ليس هناك من مرجعية للطعن في هذا الموضوع، لأنه عملا بأحكام المادة60 من الدستور تتكلم عن مسؤولية رئيس الجمهورية وتقول (انه لا تقع على رئيس الجمهورية مخالفة لوظيفته إلا عند خرقه الدستور والخيانة العظمى) والسؤال هنا هل نرى تحركا نيابيا سيؤدي إلى إتخاذ قرار بثلثي مجموع أعضاء المجلس النواب لملاحقة رئيس الجمهورية لأنه خرق الدستور؟ هذا امر مستبعد جدا ولا يحصل ولكن ما حصل اليوم هو صدور بيان للحفاظ على الحقوق واجراء اللازم والمقتضى القانوني ولكن لا أرى على انه قد يذهب أبعد من ذلك”. 

ويختم: “هذه المفاوضات وعملا بأحكام المادة 52 من الدستور لا تصبح المعاهدات مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، على أن تقنع الحكومة مجلس النواب بأهمية المعاهدات والاتفاقيات المبرمة حفاظا على حقوق وسلامة الدولة، ولذلك أرى أننا لا نزال في بداية الطريق وأمامنا شهورا إن لم نقل سنوات من التفاوض”.

سعيد مالك خبير دستوري
مالك
السابق
المفاوضات تشطب الناقورة من لائحة الكورونا.. وتستعد غداً لاستقبال الوفود في «منزل عميل سابق»!
التالي
بعبدا في ردٍّ قاسٍ على بيان رئاسة الحكومة: يهدف لاضعاف الموقف اللبناني في اللحظة الخاطئة!