جمهور حزب الله «يُهلل» لترسيم الحدود.. ماذا عن مقاتليه؟!

الحدود الاسرائيلية اللبنانية
لا شكّ ان الاعلان عن بدء مفاوضات ترسيم الحدود بين بيروت وتل أبيب برعاية اميركية وبموافقة حزب الله، شكل تحوّلا صادما في المسار السياسي للحزب المفترض انه رمز الممانعة، غير ان جمهوره يبدي ارتياحه من هذه الخطوة التي ستبعد الحرب المدمرة مع اسرائيل، وتجعلهم يتنعمون بأموال حزب الله دون ان يدفعوا ثمنا باهظا من أرواحهم وممتلكاتهم.

من المؤكدان الطائفة الشيعية في لبنان بحكم موقعها الجغرافي تحملت ماديا وبشريا منذ نكبة فلسطين عام  1948، وحتى عام 2006، عبء الحروب المواجهات العسكرية التي وقعت على الحدود مع فلسطين المحتلة مع جيش الاحتلال الاسرائيلي. سقط آلاف الشهداء من الجنوبيين خاصة واللبنانيين عامة، وكانت فترة الاحتلال الاسرائيلي للبنان وجنوبه أقساها، وهي التي استمرت منذ الاجتياح الاسرائيلي منذ حزيران من عام 1982 ، وحتى التحريرفي أيار عام 2000. 

إقرأ أيضاً: موسم التراجع إلى الخلف.. حزب الله هل يغادر سوريا؟!

من المقاومة الفلسطينية، الى الجبهة الوطنية اللبنانية، الى حركة أمل، انتقلت قيادة تلك المقاومة لتستقر اخيرا تحت عباءة حزب الله المنظم، كمقاومة فريدة من نوعها انتعشت وتضخم جسمها بعد تحرير علم 2000، لتتحوّل تلك المقاومة الى دولة مصغّرة بدأت تحكم وتسيطر وتتحكم بمفاصل الدولة اللبنانية لاخضاعها وجعلها تسير في محور الممانعة الذي تقوده ايران، فارهبت الداخل واتهمت بسلسلة اغتيالات اهمها اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ثم جند الحزب الآلاف  من الشبان الشيعة قاتلوا منذ عام 2013 في سوريا لانقاذ نظام بشار الاسد، فسقط منهم 2000 قتيل، وارسل منهم الى العراق واليمن لدعم المحور عينه. 

ولاء وثقة عمياء 

يحوز حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله على ثقة عمياء وولاء منقطع النظير من منتسبي الحزب واهاليهم أبنائهم ومناصريهم الذين يشكلون جمهوره الوفي، فالحزب يوظف أبناءهم ويوفر لهم عملا باجهزته العسكرية والمدنية، ويأويهم بمؤسساته الاجتماعية، ويعلمهم بمؤسساته التربوية، ويعالجهم بواسطة مؤسساته وهيئاته الصحية الزاخرة بالأطباء والممرضين، كما يعيد بناء منازلهم التي دمرها العدو الاسرائيلي في الحروب بواسطة مؤسسة جهاد البناء التي وتضم مئات المهندسين والمقاولين. 

لذلك فقد قدّمت بيئة حزب الله الاف الشهداء ضدّ العدو الاسرائيلي عن طيب خاطر، وكذلك في سوريا رغم اعتراض باقي اللبنانيين، ويعلن هذا الجمهور انه على جهوزية لتقديم مزيد من الشهداء، تحت لواء الحزب وامينه العام، طوعا لأمر ولي الفقيه في ايران السيد علي خامنئي. 

غير أن انسداد الافق بالنسبة للمواجهة مع العدو الاسرائيلي، وتحويل تحرير القدس الى شعار للقتال في سوريا والعراق واليمن، وجعله سلاحا اعلاميا بوجه المعترضين اللبنانيين، عرّض أنصار حزب الله لحملات اعلامية مقابلة وضغوطات واتهامات انهم اصبحوا اداة طيّعة بيد ايران، يقاتلون ويموتون فداء لأطماعها، وفقدوا التمييز بين الحق والباطل. 

حان وقت الراحة!  

اليوم، وبعد تراجع محور الممانعة بوجه الضغوطات الاميركية، وردّا على التفاوض حول ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل الذي أعلن عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري الاسبوع الماضي موضحا انه سوف يبدأ منتصف الشهر الحالي بعد 9 أيام، وهو ما يستلزم تشكيل وفد رسمي سياسي لبناني يلتقي بنظيره الاسرائيلي بحضور أميركي، وكل هذا سوف يجري برضى وموافقة حزب الله ومن خلفه ايران، فان هذا الجمهور، أي جمهور الحزب، سرعان ما استوعب صدمة ترسيم الحدود التي حوّلت مسار التعبئة الدينية والسياسية التي تلقاها عبر سنوات 180 درجة، وكان مفادها ان لا اعتراف ولا تفاوض مع العدوّ الصهيوني حتى زوال احتلاله عن فلسطين. 

فمواقع التواصل التابعة لحزب الله ترصد حديث انصار بيئته التي تجدد الثقة بقيادة الحزب رغم هذا التحول الدراماتيكي السلمي في مسار الصراع مع اسرائيل، فيعلو صوت الأمهات والأخوات في تلك المواقع انه “حان وقت الراحة بعد طول عناء وخسارة الاف الارواح، فلا ضرورة ان نبقى بحالة حرب مع اسرائيل دون طائل، وان نبقى مهددين بالدمار والقتل”.   

غير ان السؤال الذي يفرض نفسه، هل حقا حان وقت الراحة؟ وهل سيبقى متفرغو ومقاتلو حزب الله يتلقون رواتبهم بالعملة الصعبة بالدولار الاميركي اذا انتفت مهمتهم في تهديد حدود اسرائيل الشمالية لصالح محور الممانعة الذي تقوده ايران؟!  

السابق
أهلا بكم في جهنّم.. دولار السوق السوداء يقفز الى 9000!
التالي
ترسيم الحدود وانهيار سرديات المقاومة