لبنان وإسرائيل.. أقل من إتفاق وأكثر من معاهدة!

لبنان النفط
وضع إعلان إتفاق الاطار الرامي إلى بدء التفاوض بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بينهما برعاية الامم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة الاميركية، بلاد الارز أمام تحدي الحصول على أكبر قدر ممكن من المياه المتنازع عليها وقدرها 860 كلم مربع أيدت الولايات المتحدة على حصوله على 540 كلم مربع منها (ما يعرف بخط هوف) في حين لبنان يصر على الحصول على كامل المساحة المتنازع عليها. علما أن إسرائيل إعترفت بحق لبنان بنحو 58 بالمئة من المنطقة المتنازع عليها، أما المصلحة الاسرائيلية من هذا الاتفاق- الاطار هو تقليل خطر النشاط العسكري لحزب الله ضد منصات الغاز الإسرائيلية على الحدود بين البلدين.

إذا ما ينتظر لبنان بعد 11 تشرين الاول المقبل (الجلسة الاولى للتفاوض بين الجانبين ) هو قضية شائكة خصوصاً بسبب النزاع القائم حول حقوق التنقيب الساحلي، وسيتولاها تقنيا الجيش اللبناني بمعاونة قضائية من خبراء وأخصائيين في القانون الدولي، وفي هذا الاطار يوضح مصدر عسكري لـ”جنوبية” أن “وجود العسكر في المفاوضات هو تكريس للناحية  السيادية للبنان إذ لا يمكن رسم حدود من دون أن تكون سيادة الدولة ممثلة وهذا الامر يظهر بوضوح من خلال حصور الجيش الوطني”.

يضيف:” من هذا المنطلق من الضروري مشاركة الجيش اللبناني في لجان التفاوض مع العدو أو أي طرف نحن على خلاف معه، واللجنة التي ستقوم بالتفاوض ستكون برئاسة ضابط ووفد عسكري يعاونه إختصاصيين، في حين أن الاحاطة بالموضوع ستكون عبر الخبراء في القانون الدولي الذي ستولون تقديم البراهين والدلائل القانونية على حق لبنان في أرضه ومياهه”.

المصري لـ”جنوبية”: يمكن للبنان رفض المعاهدة إذا لم تكن لمصلحته 

إتفاق الاطار تمهيد لتوقيع معاهدة 

مما يمكن إستنتاجه مما سبق أن إعلان الاطار هو إعلان مبادئ قانونية مشتركة للإنطلاق منها للتفاوض والتوصل إلى معاهدة ترضي الطرفين تحت خيمة الوسيطين الاممي والاميركي اللذين سيلعبان دور الوسيط لتقريب وجهات النظربين لبنان وإسرائيل، هذا الاستنتاج يوافق عليه الخبير في القانون الدولي الدكتور شفيق المصري الذي يشرح لـ”جنوبية” أنه “حين يحصل تفاوض بين دولتين لا يعود هناك حاجة لقوانين محلية سواء القانون اللبناني أو الاسرائيلي أو الاميركي، فعملية تفاوض هي التي تحكم وهي قائمة على الاتفاق الاطار، مثلا إتفاقية كامب ديفيد صدرت كإتفاق إطار في العام 1987 وفي العام 1979 تم توقيع  المعاهدة ولكن في ضوء إتفاق إطار”.

يضيف:” هناك قوانين دولية ترعى عملية التفاوض منها أن لا تكون المعاهدة مخالفة لمبادئ الامم المتحدة وأهدافها وقانون المعاهدات الدولية بالنسبة للتكافؤ بين الدولتين، اما قانون البحار الذي صدر في العام 1998 هو الذي ينظم الاتجاه السلمي لإستخدام المياه خارج المياه الاقليمية، فهذا القانون له محكمة خاصة هي محكمة هامبورغ في ألمانيا و هو الذي يحكم في أي نزاع بين الدول للتوصل إلى تسوية، وإذا تم رفع القضية إلى هذه المحكمة يجب أن تكون الدولتين هما من سيرفعه كي تساهم المحكمة في حل سلمي وفقا لمعطيات قانون البحار”.  

شفيق المصري
المصري

يشير المصري إلى أن “إتفاق الاطار هو بمثابة إعلان مبادئ مشتركة لأن وزير الخارجية الاميركية وافق على ما أعلنه الرئيس نبيه بري وأيضا الاخصائيين التقنيين في الجانب الاسرائيلي وعلى هذا الاساس حدد الرئيس  ميشال عون  جلسة أولى للمفاوضات”.

والسؤال الذي يطرح هو هل يملك لبنان نقاط قوة تمنحه الحصول على حقوقه كاملة؟  يجيب المصري: “هذا أصعب سؤال يواجه المفاوض اللبناني، في توازن القوى لا يوجد شيء إسمه نقاط قوة، ونقاط القوة بالنسبة للبنان هي في حال عدم التوصل إلى نتيجة إيجابية لمصلحة لبنان  يمكنه رفض المعاهدة، إتفاق الاطار ليس ملزما للبنان ولا يمكن توقيع معاهدة إذا لم يتم الاتفاق على النسبة التي سيأخذها كل من لبنان وإسرائيل من المياه المتنازع عليها”.

منصور لـ”جنوبية”: لبنان ذاهب للمفاوضات وفي جعبته مجمل العناصر التي تقوي حقه 

إنتصار للإرادة اللبنانية

من الناحية السياسية يقرأ وزير الخارجية السابق عدنان منصور توقيع إتفاق الاطار بأنه إنتصار للإرادة اللبنانية ويقول لـ”جنوبية” “إتفاق الاطار هو مكسب لبناني على إعتبار أن لبنان منذ10 سنوات بقي ثابتا ومتشددا للحصول على حقه في المياه البحرية بالرغم من كل الوساطات الاميركية  التي تقديمها لترسيم الحدود البحرية”، لافتا إلى أن “لبنان لم يوافق في ذلك الوقت( العام 2008) طرح المبعوث الاميريكي فردريك هوف ليعطي لبنان حولي 540 كلم مربع والعدو الاسرائيلي 320 كلم مربع وكان هذا الموقف ثابت”.

ويشير إلى أن “رئيس مجلس النواب نبيه بري كان واضحا وصارما لجهة عدم التخلي عن مياهنا وأي حل خارج الاطار الحقوقي غير مقبول، مع الموافقة على إجراء مباحثات غير مباشرة بإشراف الامم المتحدة و بواسطة أميركية”. 

منصور

يضيف:”لبنان سيتجه إلى المفاوضات وشخصيا أعتقد أنه لا يمكن الركون إلى نوايا العدو الاسرائيلي الذي يمكن أن يتبع أسلوب المماطلة والابتزاز، ولبنان لن يقبل بذلك لأن حقنا واضح في هذه المسألة ويستند إلى القانون الدولي وقانون البحار و إلى حدود الهدنة 1949 وترسيم الخط الازرق بعد عدوان العام 2006، ولبنان ذاهب للمفاوضات وفي جعبته مجمل العناصر التي تقوي حقه في المفاوضات”. 

يعدد منصور أوراق القوة التي يملكها لبنان فيقول:”بالاضافة إلى المقاومة هذه المنطقة لا يمكن لإسرائيل أن تستخدمها وهي بحاجة إلى إستتباب الامن في المنشآت القريبة من هذه المنطقة المتنازع عليها، ولا شك ان المقاومة تلعب دورا أساسيا في هذه المفاوضات وهي من حافظت على حقوق لبنان وأدت إلى ولادة إتفاق الاطار هذا لأن الجميع يعلم بأطماع إسرائيل”.

السابق
لبنان: رقم قياسي مُخيف بوفيات الكورونا.. والإصابات تتخطى الـ1200!
التالي
سامارا ويفنج تصف نفسها بالأمم المتحدة المتحركة!