«حزب الله» يرضخ لاتفاق ترسيم الحدود.. سعد لـ«جنوبية»: اعتراف ضمني.. ومناصفة!

لبنان اسرائيل

بعد سنوات من اقحام لبنان بصراعات إقليمية بالوكالة بذريعة محو الكيان الإسرائيلي الغاصب وتحرير فلسطين، يبدو أن طريق القدس سيمر بحرا ولكن هذه المرة بالتفاوض مع إسرائيل، فبعدَ عقد من الزمن، تم التوصل الى اتفاق إطار للتفاوض على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها، وبوساطة مسهّلة من الولايات المتحدة الأميركية، بحسب ما أعلن اليوم (الخميس) رئيس مجلس النواب نبيه بري، وانه قاد هذه المفاوضات التي استمرت أكثر من 10سنوات. والأكيد ان هذا التوافق ما كان ليتم دون رضى من “حزب الله” ومشاركة منه تحت الطاولة في انقلاب “مسرحي” أوكل تنفيذه لعين التينة وبعبدا، وهو ما يعني الاعتراف الضمني بإسرائيل، والتخلي بالتالي عن عقيدة “صراع الوجود” مع اسرائيل لصالح التفاوض على الحدود.

اقرأ أيضاً: «ممانعة» ايران وحزب الله تنهار امام مفاوضات ترسيم الحدود

وبالفعل بعد ضرب المبادرة الفرنسية من قبل الثنائي الشيعي، يبدو جليا ان المحور الإيراني لم يكن راغبا بتقديم التنازلات للفرنسيين، اذ انتصرت العصا الأميركية على جزرة الرئيس الفرنسي، وكانت النتيجة بعد فرض العقوبات والتوعد بالمزيد منها التوصل الى اتفاق حول التفاوض مع إسرائيل.  

ويأتي هذا الاتفاق، الذي يمثل انقلابا في المسار اللبناني الاسرائيلي، في الوقت الذي يواجه فيه بلدنا أزمة خانقة مع انهيار اقتصاده الرازح تحت جبل من الديون، وتفاقم الأزمة بسبب انفجار مرفأ بيروت، وقد أوضح بري أن الاجتماعات ستعقد في قاعدة للأمم المتحدة قرب الحدود في جنوب لبنان، وقال إن الاتفاق الإطاري ينص على أن تبذل الولايات المتحدة جهودا من أجل تهيئة أجواء إيجابية لإنجاح المحادثات بين لبنان وإسرائيل بأسرع ما يمكن، موضحا انه  بمجرد التوصل إلى اتفاق بين الطرفين سيتم توقيع اتفاق بهذا الخصوص من جانب لبنان وإسرائيل و اليونيفيل. 

اميركا لا تفاوض حزب الله

وفي السياق ذاته، أكد وزير الطاقة الإسرائيلي أنه سيتم عقد محادثات بين بيروت وتل أبيب بوساطة أميركية، بشأن الحدود البحرية، فيما أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر، أنه “لن يتم التفاوض مع ” حزب الله” نهائيا فيما يخص ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل “، لافتاً إلى أن “هذا الاتفاق التاريخي سيساعد في حل المشكلة النهائية في لبنان”. 

فماذا يعني هذا الاتفاق؟ وهل انتهى الصراع اللبناني – الإسرائيلي؟ 

ذكر الخبير في القانون الدولي الدكتور أنطوان سعد في حديث لـ “جنوبية” انه قبل التوافق على إطار لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية، سبق وان ابرِم العديد من الاتفاقيات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، فعام 1948 عقد اتفق هدنة، وكذلك القرارات الدولية التي أبرمت سابقا كانت نوعا من الاتفاق غير المعلن بين بيروت وتل ابيب، كتفاهم نيسان في 1996 وقرار 1701″ الذي ينظم العلاقة بين البلدين تقريبا”. وتابع “أما اليوم فيما يتعلق بالاتفاق على ترسيم الحدود البحرية فهو تحكمه القواعد الدولية التي ترعاها اتفاقية ” مونتي غوباي” التي ابرمت عام 1980 في جامايكا، وآنذاك قدم لبنان جميع ملفاته على مركز الاتفاقية في الأمم المتحدة وحدد حدود البحرية، ولكن كان هناك خلافا مستمرا مع إسرائيل في هذا الصدد لأنها كانت تطالب بـ 75% من بلوكي 9 و10، ومن ثم تنازلت وطالبت بـ 25% واليوم يبدو ان إسرائيل وافقت على الشروط دون الحصول على أي حصة إضافية، اذ أصر لبنان على ما يريده بالحصول على كامل البلوكات 9 و10  الحدودية التي رسمها سابقا، في الوقت الذي كانت تريد فيه إسرائيل الحصول على حصة منها”.

الخبير في القانون الدولي الدكتور أنطوان سعد

حصة لبنان واسرائيل

وحول حصة لبنان بعد ترسيم الحدود البحرية أوضح سعد ان “حتى الآن هناك بعض الكيلومترات المائية المختلف عليها، ولكن عندما ينجز الترسيم يتم وضع خطا بحريا يقسم الحدود اللبنانية والإسرائيلية بشكل متساو أي 50% لكل طرف، عندها يخسر الطرفان الخط المرسوم بصورة مشتركة ومتساوية”، مؤكدا ان “التفاوض الدبلوماسي كان فعّالا أكثر من الأعمال العسكرية”.

 وأشار سعد انه “عمليا الاتفاق ساريا تحت الطاولة مع الرئيس بري لتفادي اتهامهم بالاعتراف بالجهة التي يتم التفاوض معها أي إسرائيل”، لافتا انه “حتى الخصم يتم تنظيم العلاقة معه، مذكرا بالاتفاق الذي عقد سابقا عبر المانيا لتبادل الأسرى بين الجانب اللبناني والإسرائيلي”، مشيرا أنه “في حال حصل تعديا بعد ترسيم الحدود، يصار الى تشكيل لجنة تحكيم دولية للبت في الخلاف الحاصل، كنزاع معبر طابا والتي ربحت فيه مصر على إسرائيل”.

اعتراف ضمني بوجود إسرائيل 

قال سعد انه قانونيا يمكن القول ان الاعتراف الضمني بإسرائيل بدأ عندما ابرم اتفاق الهدنة في 1948 وتفاهم نيسان، مشيرا ان “اتفاقيات السلام التي تعقد اليوم بين بعض الدول العربية وإسرائيل بالانفراد عن الاجماع العربي هو بحسب اعتبارهم لوقف التجارة بالقضية الفلسطينية من قبل إيران التي تدعي انها تريد محو إسرائيل الا انها عمليا تبسط يدها على العديد الدول العربية كاليمن والعراق وسوريا وكذلك لبنان واليوم أصبح هجومها وصواريخها موجهة على الرياض”. 

انتصار العصا الأميركية على الجزرة الفرنسية 

وعن إمكانية ان يكون بدء التفاوض مع إسرائيل اليوم مقدمة لحلحلة سياسية محلية في لبنان تترجم بتقديم الثنائي الشيعي تنازلات للأميركيين وبالتالي تشكيل حكومة مع سقوط المبادرة الفرنسية، أكد سعد ان “حزب الله” وإيران اعتادا على اجراء تسويات مع الولايات المتحدة الأميركية سواء بتسوية 2015 المتعلقة بالاتفاق النووي، وسواء بحكومة تمام سلامة التي شكلت خارج إرادة “حزب الله” بعدما كان يطالب بالثلث زائد واحد أو لا حكومة في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، الى ان عاد وتنازل “حزب الله” بضغط أميركي على ايران، واليوم يتكرر السيناريو نفسه”. 

وأشار سعد ان “التوافق الذي ابرم اليوم يندرج ضمن مصالح الدول العظمى لجهة التوافق الأميركي – الروسي حيال تقاسم البلوكات النفطية واية شركات ستنقب عنها، وهو ما يفسر الإعلان في وقت سابق عن عدم وجود غاز في البلوك رقم 4”. 

سعد: لن يكون للبنان مستقبلا طالما هناك دويلة داخل الدولة

ورأى سعد انه يستمر منذ زمن الجو التمثيلي بين “حزب الله” وإسرائيل فيما يتعلق بالعداء والمقاومة عبر استغلال قضية مزارع شبعا غير المحتلة على عكس ما يدعي “حزب الله”، فهي أراض لبنانية والنظام السوري لا يعترف بلبنانيتها منذ مئات السنوات، اذ يرفض النظام ارسال خرائط بالملكية ومستندات تثبت أين املاك اللبنانيين والسوريين، ولكن الجانب السوري لا يريد تحقيق هذا الأمر كي تبقى مزارع شبعا “قميص عثمان” بين لبنان وإسرائيل لإيجاد ذريعة لبقاء “المقاومة” وسلاح و”حزب الله”. 

ختاما، اكد الخبير في القانون الدولي الدكتور أنطوان سعد انه “لا يؤمن بأي سلاح غير سلاح الدولة، ولن يكون للبنان مستقبلا طالما هناك دويلة داخل الدولة”.

السابق
بعد تفشي «كورونا» فيها.. قرار من فهمي بإقفال عدد من القرى وهذه التفاصيل
التالي
«شهداء الظروف الغامضة».. «حزب» الله ينعي مقاتلا جديدا!