عودة الحرارة الى الاتصالات الحكومية.. هل يطالب عون بتعديل آلية التشكيل؟!

عون اديب
تزداد حركة الاتصالات بين القوى السياسية المعنية بتأليف الحكومة منذ أن أعلن الرئيس سعد الحريري منذ يومين (بدعم واضح من الفرنسيين) أنه لا يمانع بتسمية وزير شيعي لحقيبة المالية لمرة واحدة تسهيلا لولادة حكومة الرئيس مصطفى أديب، إلا أن هذه الحركة بقيت "من دون بركة" بمعنى أنها رفعت مستوى التواصل لكنها لم تنتج أرضية ثابتة يمكن أن يقف عليها الرئيس المكلف لإعلان تشكيلته الحكومية.

فالثنائي الشيعي وإن أعلن أنه ينظر بإيجابية إلى إعلان الرئيس الحريري إلا أن وفد كتلة التنمية والتحرير الذي زار دار الفتوى اليوم أكد “إلتزامه بالعمل الجاد والمسؤول في إطار الدستور والاعراف التي حمت على الدوام تركيبة هذا البلد”، في الوقت الذي يلتزم باقي الافرقاء الصمت حيال إمكانية المطالبة بإدخال تعديل جديد على آلية تشكيل الحكومة، خاصة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون طالما أنه سارع في اليوم الاول لإعلان الرئيس الحريري لبيانه يوم الثلاثاء، إلى التذكير بصلاحيات الرئاسة الاولى في المشاركة في تأليف الحكومة، علما أن الرئيس عون كان قد بادر يوم الاثنين إلى الاعلان عن طرح لحل عقدة وزارة المالية عبر إسناد الوزارات الاساسية إلى وزراء من طوائف الاقليات، إلا أن طرحه هذا لم يلق الصدى المطلوب لا داخليا ولا خارجيا.

تغييرات محتملة

اليوم تتجه الانظار إلى قصر بعبدا لتعرف ماذا سيُخرج الرئيس عون من جعبته للمشاركة في تشكيل الحكومة، خصوصا أن الثنائي الشيعي “برأ” نفسه من تهمة عرقلة تأليف الحكومة وإفشال المبادرة الفرنسية عبر قبوله المبدئي بإعلان الحريري وتحركه لبلورة إتفاق حول التمثيل الشيعي في الحكومة المقبلة، فهل يتغاضى الرئيس عون عن ملاحظاته ومطالبه ويسير بما سيحمله إليه الرئيس أديب من تشكيلة (حتى لا يحمل وزر إفشال المبادرة الفرنسية) أم أن الوقت لا يزال متاحا لتعديل آلية التشكيل والحصص الوزارية تماشيا مع  التعديلات التي حصلت لإحتفاظ الشيعة بوزارة المالية؟ 

تتجنب مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية الحديث عن تغييرات قد يطالب بها الرئيس عون في آلية التشكيل والحصص إنطلاقا من مبدأ مشاركته في عملية التأليف، وتقول هذه المصادر لـ”جنوبية”: “لا يمكن الكلام عن تعديلات في آلية تشكيل الحكومة طالما أن الرئيس المكلف مصطفى أديب لم يزر بعبدا إلى الآن حاملا تشكيلته، وقصر بعبدا لا يعلق على التجاذبات والتباينات أو المواقف الحاصلة ما لم تترجم كل هذه المشاورات التي تحصل إلى مشروع توليفة حكومية تصل إلى رئيس الجمهورية” . 

في المقابل تؤكد المصادر على “ان الشراكة بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية في عملية التشكيل أمر دستوري وليس اجتهادا، والرئيس يبدي رأيه بكامل التشكيلة الحكومية وليس بفئة محددة او مكون محدد وهو لا يدخل بالمحاصصة”، لافتة إلى أن “اتصال عون- اديب امس جاء في السياق الطبيعي  خصوصا ان الرئيسين شركاء بتشكيل الحكومة، ووضع في خلاله اديب الرئيس عون في اطار الاتصالات الحاصلة على صعيد التأليف”، وتشير  إلى أن” هناك توجها الى المزيد من الحلحلة ولكن عمليا لم يستجد اي شيء ملموس، ولم يطرح اديب  على عون اي تشكيلة حكومية وعندما يفعل ذلك سيتم التناقش فيها وفي التفاصيل المتعلقة بها”.

تضيف: “بعد ان قال الرئيس عون ان الامد ليس مفتوحا امام التشكيل طرأ مستجدات كثيرة ومن هنا لا يمكن التنبؤ بطول فترة التأليف”، مشيرة إلى أن “المبادرة التي تقدم بها الرئيس عون كانت تهدف الى ايجاد حل لعقدة بدت مستعصية واذا وجد حل بالتفاهم مع كل الاطراف يؤدي الى تشكيل الحكومة فالرئيس عون حاضر لتسهيل اي عمل لتشكيل الحكومة، وكما قال بالامس البيان الرئاسي ان رئيس الجمهورية معني مباشرة بعملية التشكيل وفق المادة ٥٣ من الدستور”.

أسئلة تحتاج إلى أجوبة 

في المقابل يشرح عضو تكتل لبنان القوي النائب روجيه عازار لـ”جنوبية” وجهة نظر التكتل من أي تعديلات يمكن أن يُطالب بها الرئيس أديب ، فيقول:” المشكلة  لم تنتهي بمجرد تنازل الرئيس الحريري عن مطلب المداورة في وزارة المال وقبوله بإسنادها إلى وزير من الطائفة الشيعية، كلنا يعرف ان تشكيل الحكومة بحسب الدستور تتم بالاتفاق بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وبالتنسيق مع الكتل النيابية التي ستعطي الثقة للحكومة، والسؤال بعد تجاوز عقدة المالية من الذي سيسمي باقي الوزراء وما هي المعايير التي ستتبع؟ وهل فعلا ان رؤساء الحكومات السابقين لديهم الصلاحية بالتسمية وأين دور رئيس الجمهورية ومجلس النواب هنا، هذه أسئلة كثيرة تحتاج إلى جواب”.

عازار لـ”جنوبية” : طرح عون بإسناد الحقائب الاساسية الى الاقليات يحل المشاكل والعقد

يشدد عازار على أن”كل الكتل النيابية والافرقاء وعدوا بالسير بالمبادرة الفرنسية والاصلاحات التي نصت عليها، لكن الرئيس الفرنسي لم يدخل في تفاصيل التأليف وترك هذا الامر للبنانيين  وهذا ما سبّب في إختلاف الاراء بين القوى السياسية”، لافتا إلى أن “العديد منها تريد حكومة تمثل الكتل ورئيس الجمهورية وكل الناس الذين فازوا في الانتخابات النيابية، والدليل ان تصريح وفد كتلة التنمية والتحرير إلى دار الفتوى أعلنوا فيه صراحة تمسكهم بتسمية كل وزراء الشيعة  وهذا يعني ان العقد ستظهر لاحقا”. 

روجيه عازار

ويرى أن “طرح الرئيس عون بإسناد الحقائب الاساسية الى الطوائف الاقليات في لبنان يحل المشاكل والعقد ومن حق هذه الطوائف اخذ فرصها وهذا طرح يستحق التفكير فيه من قبل الجميع لكي نخرج من هذه الازمة”، داعيا “الجميع إلى التضحية لأننا ذاهبون إلى إصلاحات ولكي نتمكن من التواصل مع المجتمع الدولي للحصول على مساعدات”.

ويختم:”عملية شد الحبال باتت مألوفة في الربع الساعة الاخير لتأليف الحكومة والاكيد أننا ذاهبون نحو تأليف حكومة ولو ببعض التأخير وإلا نحن ذاهبون إلى الانتحار أو فنزويلا ثانية والكل يعلم ذلك لكن البعض يصر على عدم حسم الامور حتى ربع الساعة الاخير طمعا بمزيد من المكتسبات”.

لا ضمانات

مقابل هذه المشهدية ثمة من يرى أن فتح باب النقاش حول الحصص الوزارية يصيب المبادرة الفرنسية في الصميم، إذ يعتبر عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبد الله ل “جنوبية” أن فتح الباب أمام المطالبات بالحصص فهذا يعني ان اللبنانيين ماهرين  في إضاعة الفرص، وأتمنى أن لا يحصل ذلك لأن لا خيار أمامنا سوى المبادرة الفرنسية، إلا إذا  كان هناك من يصر على إبقاء لبنان ساحة للصراع الاميركي – الايراني وأعتقد ان هناك أكثر من طرف له مصلحة في ذلك على حساب دم اللبنانيين”.  

عبد الله لـ”جنوبية” :المطالبة بحصص وزارية إبقاء لبنان ساحة للصراع الاميركي – الايراني

يضيف:”المبادرة الفرنسية تحاول إخراجنا من جهنم قليلا عبر إيجاد مزيد من الاوكسجين، وتضغط لتنفيذ إصلاحات لكن لا ضمانات مع الرئيس عون وباقي الافرقاء لجهة تعهدهم بتسهيل الحكومة، فحين أتى الرئيس إيمانويل ماكرون تسابق الجميع على إبداء الاستعداد لتسهيل ولادة الحكومة وبعد مغادرته نكثوا بوعودهم تحت شعار أن كلام الليل يمحوه النهار”.

بلال عبدالله
السابق
«حارة حريك» تُسجّل رقماً قياسياً جديداً بالـ«كورونا».. والعدد الإجمالي يتخطّى الـ30 الف!
التالي
فرنجية: برّي طلب مني سابقاً وزارة المال.. والأميركيون أبلغونا ان لا رسالة الينا جرّاء العقوبات!